أرشيف

نقض ” صالح ” للمبادرة الخليجية.. كابوس اليمن

في ندوة بروكينغز الدوحة
إعادة هيكلة الجيش وبناء الاقتصاد اليمني.. أهم التحديات
إجماع على أهمية المبادرة الخليجية في إخراج اليمن من أزمته
السعودية لاعب رئيسي بالمنطقة.. ومطلوب تغيير الصورة النمطية لليمن
قلق سعودي من مخاطر الهجرة اليمنية عبر الحدود وتسلل تنظيم القاعدة

كتب – سميح الكايد:
أكد المشاركون في ندوة بروكينغز الدوحة أهمية المبادرة الخليجية كمرجعية لإنهاء الأزمة في اليمن وتحقيق أهداف الثورة الشعبية.

وأشاروا إلى أن مستقبل اليمن ستحدده الانتخابات الرئاسية المقررة في مطلع فبراير القادم والتي يجب أن يسبقها خطوات جادة في طريق إعادة هيكلة الجيش وبناء الاقتصاد.
وأكدوا أن السعودية ستظل لاعبا رئيسيا في المنطقة، وأن المخاوف السعودية لما قد يحدث في اليمن لها مبرراتها، خاصة في ظل تزايد الهجرة عبر الحدود.

ودعا المشاركون الى ضرورة تغيير الصورة النمطية في اليمن، من خلال الاتفاق على خارطة طريق للمستقبل السياسي والاقتصادي، بدعم القوى الفاعلة بالمنطقة.

وحذر المشاركون من السيناريوهات السوداء التي تهدد مستقبل اليمن وفي مقدمتها نقض صالح للمبادرة الخليجية التي وقع عليها، ورفضه مشاركة المعارضة في العملية السياسية، وبالتالي انفجار الحرب الاهلية بين قوات صالح والشعب اليمني الثائر.

وقال المعارض اليمني رئيس تنظيم العدالة والبناء محمد ابو لحوم: إن ما يجري حاليا في اليمن هو البناء الأولي لماهية الربيع العربي الذي هو افضل ما شهده العالم العربي اذ تشكل الثورة اليمنية اطول ثورة تدخل في مرحلة متقدمة جدا.
واشار الى ان المبادرات السياسية التي تحققت مؤخرا في اليمن مبادرات جيدة ومفيدة لليمن وشعبها لافتا الى أن الثورة اليمنية تختلف في ظروفها وآليات نجاحها عن ثورتي تونس ومصر، لذلك حظيت المبادرة الخليجية بموافقة المجتمع الدولي وغيرت مسار الوضع اليمني وكانت بمثابة مخرج لائق للأزمة.

وقال: نركز الآن على الانتخابات الرئاسية المقررة في مطلع فبراير القادم ونأمل أن نصل الى رئيس جديد بالاتفاق مع نائب الرئيس الحالي.

وأكد ان اخطر ما قد يواجهه اليمنيون حتى 21 فبراير القادم هو نقض الرئيس علي عبدالله صالح للمبادرة الخليجية كما عودنا كثيرا، وربما يزعم ان المعارضة فعلت ما يعد مناقضاً لما وقع عليه كمبرر لنفض يده من المبادرة الخليجية.. فماذا سيكون الوضع؟ .. وماذا سنفعل لو خرج صالح على المعارضة ليعلن انها ليست طرفا او شريكا في العملية السياسية؟ كيف يمكن إيجاد مخرج حقيقي للأزمة خلال الستين يوما المتبقية على موعد الانتخابات.. هل سنتوقع حدوث صدامات مع الرئيس صالح لذلك علينا أن نكون مستعدين ؟ نأمل ان تنجح الفترة الانتقالية القادمة وهذا هو أسوأ سيناريو نشهده رغم تفاؤلنا.

ويضيف: هناك تحدٍ كبير آخر امام نائب الرئيس الذي عليه ان يشعر انه الزعيم القادم للبلاد وعلينا ان نتوجه بعد 24 فبراير الى هذا الاتجاه وان يكون هناك حوار كبير على اساس المبادرة الخليجية يشارك فيه كافة اطياف المجتمع اليمني لتحقيق امور عديدة منها اصدار دستور جديد للبلاد.

وقال: إعادة هيكلة الجيش تشكل اكبر التحديات امامنا وهناك مشكلة اخرى وهي مسألة الجنوب وعلينا في الشمال تقديم تنازلات لإيجاد فرصة للتآلف وتجاوز الازمة.

وأشار الى ان التحدي الاقتصادي هو الأكبر من نوعه الذي يواجه اليمن حاليا متسائلا: كيف نبني مؤسسات الدولة ولو نظرنا الى اليمن لوجدناه افقر دول العالم اذ ان هناك 70% من السكان اقل من مستوى خط الفقر ومعدل دخل الفرد اقل من ستة دولارات شهريا.

وأعرب عن اعتقاده بأن هناك مسؤولية أخلاقية تقع على دول الخليج لمعالجة هذه المسألة لافتا الى ضرورة التوصل مع دول مجلس التعاون الى اتفاق يقضي بشراكة اليمن في الحقول الاقتصادية والتجارية والامنية والا تكون النظرة لليمن مجرد نظرة مساعدات.

واعرب عن اعتقاده بأن اكبر مشكلة تواجه اليمن تتمثل في شخص الرئيس صالح نفسه الذي يشكل عبئا على دول الخليج كذلك والعمل على دفعه نحو البدء بصفحة جديدة من اجل اليمن.

واشار الى ان المملكة العربية السعودية تشكل لاعبا مهما في المنطقة قائلا: علينا ان نمحو الصورة النمطية لليمن ونعمل على ضرورة الشراكة الجيدة وتعتبر السعودية داعما لنا ولاستقرار اليمن وللمنطقة وقال إن هناك مواهب يمنية جديدة بحاجة لدعم دول الخليج ونحن في المعارضة متمسكون بمبادرة دول مجلس التعاون ولدينا سيناريو اذ انه لابد ان يكون هناك تفهم لمسألة التنازلات التي تشكل أساس التفاوض وليس التوجه الى تصفية الحسابات وعلينا كذلك العمل على مبدأ التسامح والتآلف وقبول الآخر.

وقال: الربيع العربي يشكل فرصة يجب ألا نفوتها من اجل الخروج باليمن من أزمته لافتا الى ان من التحديات الاخرى هي مسألة القبائل وهذا يعني على الموضوع اليمني انه لابد من وجود تفاهم وحوار يشارك فيه الجميع في الساحات اليمنية ونحن في المعارضة لا نعتبر في القبائل بمثابة عبء علينا اذ لابد من تعليمهم وتوعيتهم وتنميتهم.
واشار الى ان الرئيس علي صالح لم يفعل شيئا لليمن مؤكدا ان نظامه من اسوأ الانظمة باليمن في مجال الفساد.
مشيراً الى ان النظام الصحي في اليمن من اسوأ ما يكون وتكشف ذلك بتوجه الرئيس صالح عندما أصيب خلال الصلاة في المسجد للعلاج في السعودية.

وقال ان التحدي الكبير الذي يواجه اليمن حاليا هو الصراع السني الشيعي محذرا هنا من مغبة حدوث عراك جديد في اليمن داعيا الى التسامح والتآلف.
واكد ان صالح حكم البلاد لمدة تزيد على 33 عاما اعتمد خلالها على الخارج وليس على الداخل اذ انه لم يولِ اهتماما بشعبه وببلده مؤكدا هنا أن الشعب اليمني شعب موحد بمختلف أطيافه.

من جانبه قال جمال خاشقجي مدير عام ورئيس تحرير قناة العرب الدولية: هناك بواعث قلق في المملكة العربية السعودية مما يجري في اليمن وإن هذا القلق لمسه عندما كان يتحدث مع مسؤول سعودي رفيع المستوى لم يحدد اسمه.
وقال ان القلق نفسه تشعر به الكثير من الأوساط في المملكة العربية السعودية من بينهم الصحفيون.. لافتا الى ان المسؤول السعودي كان قلقا من الاحداث في اليمن أكثر من قلقه من الاحداث التي كانت تحدث في البحرين لان الاحداث في البحرين قابلة للسيطرة لكن الاحداث في اليمن على العكس فلا صالح تنحى ولا الاحوال هدأت حتى الآن.

وبرر خاشقجي قلق المسؤول السعودي بقوله ان معظم أفراد القاعدة الذين دخلوا الى السعودية جاءوا من اليمن علاوة على ذلك فإن آلاف المهاجرين من الصوماليين ومن غيرهم هم أيضا جاءوا متسللين عبر اليمن.
وشبه خاشقجي ما يحدث بين الحدود السعودية واليمنية بما حدث بين الحدود الامريكية والمكسيكية في وقت مضى، وقال ان هذا الواقع الذي تخشاه المملكة العربية السعودية من الصعب السيطرة عليه في ظل وجود الرئيس علي عبد الله صالح ولكن جمال يرى ان الوضع سيكون أسوأ لو ذهب الرئيس اليمني.

وأضاف: لهذه الاسباب يتوقع ان تكون السعودية ضالعة أكثر في الشأن اليمني للاعتبارات المذكورة لكن كل ما أمكن عمله حتى الآن يتجاوز المبادرة الخليجية.

ويرى خاشقجي ان الامور في اليمن أخذت منحى متطورا يظهر في الثورة الشعبية ويقول لو ان الخلا ف كان بين الاحمر وصالح لكان الامر سهلا ولأمكن حله حتى بواسطة رئيس المخابرات اليمنية.
وقال: نحن اليوم إزاء موقف مختلف فالناس خرجت الى الشوارع والانشقاقات في الجيش حدثت وتساءل: إزاء هذا ماذا ستفعل السعودية ؟ .

وأضاف: ان النظام العربي القديم ولى واليوم نحن امام حركات جماهيرية كبرى لهذا فإن السعودية لا تريد أن تسقط في مستنقع اليمن.

ويرى ان الرئيس صالح لا قيمة له عند السعودية عدا كونه رمزا للاستقرار وهو الأمر الذي يهم المملكة وليس المهم شخص الرئيس.. وفي الوقت ذاته فإن السعودية لا تخشى من الديمقراطية القادمة من اليمن ..أما انها تخشي من الديمقراطية من جهة مصر فإن هذا وارد لأن مصر هي البلد الأكثر تأثيرا.

وأخذت الضمانات التي حصل عليها الرئيس اليمني حظها من النقاش في ندوة بروكينغز .. وقال خاشقجي في هذا الصدد ان فكرة الضمانات كان الهدف منها اعطاء الرئيس فرصة للمخرج الصريح وقد استغل الرئيس علي صالح هذه الضمانات ووصفه بأنه ملك المناورات اذ استطاع تجاوز السعوديين وحتى الخليجيين بمناوراته اذ اعتبر الرئيس صالح الضمانات أنها من غنائم الحرب فحصل عليها ولم يتخلَ عن الرئاسة وغير معروف ان كان سيتخلى عنها مستقبلا ام لا ؟ وهو الآن تخلى عن الرئاسة ولم يتخلَ عن الحزب.

وقال ان السعوديين يدركون ان صالح تغلب عليهم بذكائه وفطرته لكون ان الضمانات أعطيت اليه بلا مقابل.
واشار الى ان السعودية ترى ان المخرج من الأزمة يتمثل في الانتقال السلمي للسلطة من الرئيس الى نائبه كما هو الحال الآن كما ترى ان المخرج في قيام الانتخابات في فبراير المقبل .

واشار جمال الى ان التحديات التي تواجه النظام في اليمن تتمثل في قضية الجنوب والحديث عن الانفصال وفي التوسع الحوثي وقال في هذه الاثناء ان هناك قلقا كبيرا من اعادة هيكلة اليمن وعودته الى حكم الإمامة الزيدية.
وقال: القاعدة ربما تخسر كثيرا مع الانظمة العربية الجديدة التي تمخضت عن الثورات لأنها ستكون انظمة اكثر ديمقراطية وليست ضد ارادة الشعب، ولذلك فلا مجال لنشاطات القاعدة.
واكد ان القاعدة في اليمن ليس لديها أجندة محلية على عكس الحال في السعودية اذ ان للقاعدة أجندة محلية تتمثل في حدوث الاصلاحات.

وقال إنه آن الأوان لليمنيين ان يفكروا بهدوء خاصة فيما يتعلق بمسألة الجنوب وعلى المملكة العربية السعودية ان تتعاون معهم وان تراقب الوضع بحذر شديد.

وفيما يشكك آخرون ان كانت الانتخابات في اليمن ستجيء بالاستقرار قال جمال انها يجب أن تفعل ذلك.
وقال مدير عام ورئيس تحرير قناة العرب الدولية ان الرئيس صالح كان ديكتاتوريا مثلما كان الامام أحمد وفي الوقت ذاته كان صالح ذكيا حيث استغل الدين وعرف كيف يحركه لصالحه في المجتمع وقال في هذه الأثناء ان اليمنيين يستعيدون تطلعاتهم من الزبيريين الذين كانوا وراء الثورة اليمنية .

وبشأن المطلوب من السعودية وبقية دول التعاون تجاه ما يحدث في اليمن قال خاشقجي ان الواجب من المملكة العربية السعودية ودول التعاون ان تمد يد العون وتشكل ما يمكن ان يعرف بالاستقرار المستدام والمنتج كما هو الحال عند الحديث عن التنمية المستدامة.

ودعا خاشقجي الى الاستثمار في اليمن لافتا الى ان قطر والامارات والسعودية تملك من الاحتياطات حوالي تريليون دولار وهو مبلغ كبير يمكن ان يشكل استثمارا ممتازا في بلدان مثل اليمن ومصر وسوريا واليمن وغيرها من دول الربيع العربي.
وركز الدكتور ابراهيم شرقية نائب مدير مركز بروكينغز الدوحة على الناحية الدولية في الثورة اليمنية وقال انه كان هناك موقف دولي موحد تجاه ما يحدث في اليمن على عكس ما حدث في الانتفاضات الأخرى في ليبيا ومصر وتونس وأشار الى ان أعضاء مجلس الامن الدولي عندما اتخذوا قرارهم رقم 2014 كان بالإجماع حيث تبنوا المبادرة الخليجية .

وأشار الدكتور إبراهيم الى ان هذا الاجماع مهم لمنع الرئيس علي صالح من بناء اي تحالفات مع الخارج حتى لا يحصل على دعم من اي جهة ..الا ان ابراهيم انتقد الموقف الدولي من زاوية انه ليس موقفا متقدما في التعامل مع القضية اليمنية ووصف هذا البطء في الموقف الدولي بانه الشيء السلبي الوحيد تجاه اليمن.. واشار في هذه الأثناء الى ان الامم المتحدة انتظرت حوالي 9 شهور ومن ثم تعاملت مع اليمن وعندمت تعاملت جاء التعامل تكرارا للمبادرة الخليجية لذلك جاء موقف الامم المتحدة متأخرا وهو سبب استمرار معاناة الشعب اليمني على الرغم من ان الانتفاضة اليمنية من اكبر الانتفاضات العربية وأنها سلمية وعلى الرغم من ذلك حاول علي عبد الله صالح استفزاز الشارع حتى تفقد الثورة سلميتها.

وقال الدكتور ابراهيم ان الموقف الامريكي مما يجري في اليمن قائم على عدد من المبادئ أولها محاربة القاعدة والمبدأ الثاني يتمثل في الاستثمار الامني القائم على بناء الانظمة الامنية في اليمن والمبدأ الثالث يظهر في ان الولايات المتحدة الامريكية مهتمة بتعديل وتجميل النظام لا تغييره.. واشار في هذه الاثناء الى ان وزيرة الخارجية كانت التقت بالمعارضة اليمنية وتحدثت عن بدائل ولم تتحدث عن تغيير نظام يمكن ان يحل محل نظام عبد الله صالح.

وأشار نائب مدير مركز بروكينغز الدوحة الى ان الجامعة العربية هي الأخرى لم تعطِ قضية اليمن ما ينبغي بل فوضت دول مجلس التعاون الخليجي بدعم من المملكة العربية السعودية الا ان التغييرات التي حدثت نتيجة المبادرة كانت سلبية وأثرت على الاستقرار اذ ان تطبيق المبادرة أدى الى نوع من الاستقرار الهش وليس المستدام وعليه يمكن ان يتغير الموقف في اي لحظة لأنه ترك صراعا حول السلطة دون تغيير اذ عبد الله الأحمر كما هو والقبائل اليمنية كما هي كما مشكلة الجنوب لا تزال موجودة وبالتالي فإن الصراع حول السلطة ربما يؤدي الى استمرار الأزمة وعليه فإن تطبيق المبادرة اختبار للوضع في اليمن.

وأضاف: إن هناك عمليتين سياسية وعسكرية في طريقهما الى الظهور.. تتمثل العملية السياسية في ضرورة إجراء الانتخابات في وقتها في 21 فبراير المقبل وتشكيل الحكومة تشكيلا نجاحا رغم التحفظات.. اما العملية العسكرية فتتمثل في ضرورة إزالة المظاهر العسكرية من الشارع ولم يتم شيء من هذا القبيل.

وقال انه في حالة اي حديث حول الاصلاح الحقيقي في اليمن سنواجه موقفا صعبا وعندها يبرز السؤال ماذا ستفعل المبادرة الخليجية وهي ليست مثالية وفيها الكثير من التنازلات لكن هناك فرصة لتحسينها عبر بناء الثقة بين الاطراف المختلفة وهذا تحدٍ كبير سيؤثر على العملية السياسية.

وأكد د. إبراهيم شرقية ان المبادرة الخليجية استبعدت الشباب من المفاوضات وهذا أمر لا يمكن تجاهله اذ لابد من اشراكهم في مرحلة التنفيذ كما لابد من حوار وطني ينبغي ان يبدأ فورا شريطة ان يشمل الشباب كطرف رئيسي واكد ان تركهم الساحة يهدد تنفيذ السلام وقال في هذه الأثناء ان التوقيع على المبادرة ليس هو النجاح وانما النجاح هو تنفيذها مذكرا بما حدث في اتفاقية اوسلو.

وشدد على ضرورة تحسين المبادرة الخليجية بتعديل بنودها على ان تتضمن استثمار الاموال الخليجية في اليمن وعلى الولايات المتحدة الامريكية مساعدة هذه الدول للمضي في قيام مشاريع وبنى تحتية وليس بناء الاجهزة الامنية مع اعطاء الفرص للشباب وأكد انه دون شراكة بين دول الخليج العربية واليمن فلن تكون هناك تنمية في اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى