أرشيف

تواصل ثورة المؤسسات باليمن

للأسبوع الثالث على التوالي يواصل موظفو وعمال اليمن احتجاجاتهم فيما يسمى بثورة المؤسسات التي بدأت في صنعاء وعدن وانتقلت إلى معظم المحافظات اليمنية.

ولم تخل هذه الثورة الوليدة من سقوط ضحايا، فقد قتل أحد موظفي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعدن، وأصيب أربعة من زملائه برصاص مسلحين يتبعون مدير الجهاز بعدن إثر تنظيمهم لاعتصام يطالب بتغيير المدير، وهو ما زاد حدة الاحتجاجات في معظم المؤسسات بالمحافظة.

ويرى مراقبون ومحللون يمنيون أن هذه الثورة تعد امتدادا طبيعيا للثورة الشبابية واستكمالا لأهدافها، في حين يرى آخرون أن ثورة المؤسسات تأخرت كثيرا، فقد كان من المفترض أن تكون الثورة المؤسسات هي النواة الأولى للثورة الشعبية.

تغيير طبيعي


وفي هذا الشأن يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عدن فضل الربيعي أن ثورة المؤسسات هي تغيير طبيعي وصادق يعبر عن عمق الاحتقان الموجود في مرافق الدولة، وهي أقرب للواقع في تعرية النظام وكشف فساده.

واعتبر الربيعي في حديث للجزيرة نت أن ثورة المؤسسات أتت امتدادا طبيعيا للثورة، ولكن كان من الأفضل أن تبدأ الثورة بثورة مؤسسات من المحافظات إلى المركز الرئيس بالعاصمة، وأن يحدث التغيير بالتدريج، لأنه إن حدث كذلك لما احتاج اليمنيون إلى مبادرات وتدخلات خارجية.

وأشار إلى أن ثورة المؤسسات ستكون امتدادا صحيحا وطبيعيا للثورة إن أحسن موظفو المؤسسات طريقة التغيير وحافظوا على مؤسساتهم، فهناك من يتربص بهذه الثورة ويحاول إخراجها عن إطارها.

ودعا الربيعي الموظفين إلى تنظيم احتجاجاتهم ورفع قوائم بالمخالفات وأعمال الفساد في المؤسسات، فالهدف لا يقتصر على مغادرة المسؤولين الفاسدين مواقعهم فحسب، بل الهدف أن يحاسبوا على فسادهم ومخالفاتهم.

وأكد أن حكومة الوفاق يمكن أن تسهم في إنجاح هذه الثورة إن أجرت تغييرات صحيحة في المؤسسات والمرافق الحكومية.

بدوره اعتبر القيادي في الحراك الجنوبي عضو مجلس قيادة الثورة اليمنية عبد الله الناخبي ثورة المؤسسات فعلا ثوريا حقيقيا جاء نتيجة لتواصل واستمرار الثورة السلمية، وتأكيدا لنجاحها وانتصارها.

وأشار الناخبي للجزيرة نت إلى أن التغيير أصبح اليوم واجبا مجتمعيا يسهم فيه كل أبناء الشعب لتطهير مؤسسات البلاد العسكرية والمدنية من الفساد والفاسدين، كما أنه لا يتعارض مع المبادرة الخليجية كونها لا تعطي حصانة أو ضمانة للفاسدين ولا تدعو إلى إيقاف الثورة السلمية، وهذا لا يعني أن المشاركة في حكومة الوفاق الوطني مشاركة بالمواقف السياسية لإسكات صوت الثورة.

وأكد أن الثوار يباركون ويحيون ثورة التغيير في المؤسسات التي لم ينزعج منها غير رأس النظام الفاسد وكل رموز نظامه، لأن نظامهم كان يمثل مظلة للفساد والفاسدين.

امتداد غير سياسي


من جانبه قال القيادي في الثورة الشبابية عادل باعشن إن ثورة المؤسسات امتداد غير سياسي للثورة الشبابية الشعبية.

وأوضح أن هذه الثورة تدل دلالة واضحة على امتداد وتغلل الوعي بضرورة وأهمية التغيير إلى كل شرائح المجتمع خاصة
العمال منهم، مشيرا إلى أن الشعب الذي شارك في الساحات ليطرد الرئيس علي عبد الله صالح ونظامه الفاسد انتقل بنضاله وثورته إلى المؤسسات ليخلصها من أساطين التسلط والفساد الذي عشعش فيها لعشرات السنين.

تميز عدن


وعن تميز مدينة عدن في هذه الثورة ووعي موظفيها بضرورة التغيير، قال الصحفي فؤاد مسعد إن عدن ورثت عن الاستعمار البريطاني نظاما إداريا راقيا في العديد من المؤسسات الخدمية والمرافق الحكومية، إضافة لانخراط غالبية مواطنيها في الوظيفة العامة، وهو ما ساعد على تراكم خبراتهم العملية في كل المجالات.

وأشار مسعد إلى أن غالبية موظفي عدن عانوا كثيرا جراء تدهور الأوضاع في مؤسساتهم منذ بضعة أعوام، كما أن عددا من تلك المؤسسات صفيت وسرح منتسبوها بعد حرب صيف 1994 مما فاقم معاناة الموظفين وزاد من سخطهم وجعلهم ينظمون فعاليات احتجاجية ضد الفاسدين في المؤسسات الحكومية منذ أكثر من أربعة أعوام، غير أن تلك الفعاليات اشتدت وتفاقمت منذ مطلع العام الماضي 2011.

يذكر أن ثورة المؤسسات اليمنية أطاحت بكثير من مدراء تلك المرافق والمؤسسات، وكان من بين من أطيح بهم مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع رئيس تحرير صحيفة 26 سبتمبر علي الشاطر، الذي يعد أقدم مدير في اليمن حيث تولى ذلك المنصب منذ قرابة 36 عاما.

كما غير رئيس تحرير مؤسسة الثورة للصحافة والإعلام -أبرز مؤسسة صحفية حكومية- نتيجة مطالبة موظفي المؤسسة بتغييره، فيما أعفي رئيس مجلس إدارة طيران اليمنية من مهامه نتيجة مطالبات الموظفين بتغييره واتهامه بقضايا فساد كبيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى