أخبار وتقارير

الحوار الوطني وقضيته الجنوبية خياران لا ثالث لهما .

يمنات خاص – ماجد الشعيبي

 تنظر القوى السياسية اليمنية  بمختلف إشكالها إلى ان حل القضية الجنوبية يجب أن يتم في تحت سقف الوحدة.


بسبب أنها مسميات غريبة يرفض الشيخين صادق وحميد مسألة الفدرالية .


أجمعت القوى الجنوبية على ان يكون الحوار القادم بين طرفين جنوب وشمال .


تستعد أغلب القوى  السياسية في اليمن  للخوض في عملية الحوار الوطني الذي سينعقد خلال الفترة  القادمة  تحت إشراف وتعاون دولي  وذلك للخروج  بحلول وتوافق وطني وانتخاب حكومة جديدة  لليمن الجديد الذي ينشده  ثوار الساحات وغيرهم من اليمنيين ،وذلك بعد شهور مرت عصيبة على المواطنين البسطاء الذين دفعوا فاتورة هذا التغيير الذي يجري على خطى متواضعة وبطيئة نظراً لصعوبة  التعامل مع بعض الأطراف التي تتمسك بسدة الحكم او النظام السابق كما يحب ثوار ساحات التغيير تسميتهم.


يقف أمام الحوار المزمع عقده خلال الفترة القريبة القادمة العديد من المشاكل والقضايا ولعل أبرز قضية حتى اللحظة والتي لم يتم الاتفاق عليها وكيف سيتم حلها  هي القضية الجنوبية التي يطالب أبناؤها وممثلوها بفك ارتباطهم من دولة الوحدة التي  تمت في العام 90 وتعرضت بعدها للإجهاض في  94 حين شنت قوى الشمال اليمني الحرب على الجنوب واجتاحت الأرض  والإنسان لتفرض وحدة بالقوة  بعد أن تم الانقلاب عليها من قبل نظام صنعاء الذي لم يلتزم بالشروط والمعاهدات التي  تقول أطراف جنوبية أنها  كانت أساسية لاستمرار الوحدة ويرون أن الوضع الآن هو عبارة عن وحدة غير شرعية.

وبرغم الثورة التي يقودها شباب التغيير في اليمن والتي  يقولون إنها امتداد لثورة الحراك الجنوبي الذي بدأ في العام 2007 للمطالبة بحقوقه الشرعية في الشراكة بدولة الوحدة إلا أنه تعرض بعدها لحرب شديدة ليتم بعدها رفع  مطالبهم إلى مستوى "الانفصال" والعودة إلى المربع الأول وهو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كان يحكمها حينها نظام اشتراكي ، وبرغم بعض مظاهر التعاطف مع قضية الجنوب من قبل شباب الثورة مع هذا كله ترى فض الحركة الاحتجاجية الجنوبية ممثلة بالحراك الجنوبي أي حلول من قبل القوى السياسية في الشمال لكونهم يعدونهم جزءاً من نظام صالح الذي استباح أرضهم ، ويعدون شباب الثورة قوة مستضعفة تعرضت للمؤامرة من قبل أحزاب اللقاء المشترك مما أدى إلى إجهاض ثورتهم التي أيدوها في بداية وقبل تحولها إلى أزمة تقودها تلك الأحزاب .

من جانبها تنظر القوى السياسية اليمنية  بمختلف إشكالها إلى ان حل القضية الجنوبية يجب أن يتم في تحت سقف الوحدة وأخرى تطرح حلاً في إطار فدراليتين إلى جانب من يطرح حلولاً في شكل يتضمن أكثر من فدرالية بأقاليم مختلفة ، وذلك ليكون هناك مزيج يمني يتضمن تعميقاً لوحدة الأرض والإنسان ، وتقتصر رؤية تلك الأحزاب والقوى رؤيتها التي لا تتجاوز كلمة "الوحدة خط أحمر" لا يمكن تجاوزه حتى وإن كان هناك نفس حر يؤمن بأن وحدة 22 مايو انتهت اجتياح الجنوب في 94.. تبقى هذه الآراء شخصية ولا يمكن أن تتجاوز هذه الاعتبارات.


تظل القضية الجنوبية حتى ما قبل الحوار هي الأصعب  في عملية إقناع "الحراك" في المشاركة في الحوار الوطني وبرغم أن الحراك وضع شروطاً عديدة للخوض في الحوار  منها أن يكون بين طرفين وأن يكون  تحت إشراف دولي وأرض غير يمنية  إلا أن هذه الشروط لم تنل استحسان أحزب المعارضة وبالأخص حزب الإصلاح  الذي يسيطر على بعض الأمور في صنعاء  وعدم تجاوبهم  لتلك الشروط  صدور  بعض التصريحات الصحفية لقيادة في اللقاء المشترك مضمونها أن الحوار سيتم حتى بدون الحراك الجنوبي وأن الفدرالية التي يطرحها البعض برغم وسطيتها كحل شرعي للقضية الجنوبية تعد مرفوضة بحجة أنها مسميات غريبة وأنها تخالف العادات والتقاليد اليمنية كما جاء على لسان رئيس لجنة الحوار حميد الأحمر وشقيقه الأكبر زعيم قبيلة حاشد صادق الأحمر مما أثار حفيظة الجنوبيين الذين يواصلون احتجاجاتهم السلمية مطالبين باستعادة دولتهم  ورفض إي حلول لا توصلهم إلى الخروج من إطار الوحدة التي يرون أنها تحولت لفيد وغنيمة للقبيلة وقوى التخلف في الشمال .


مشاورات عديدة أجرتها قوى الحراكاً السلمي الجنوبي في الداخل والخارج و كان آخرها لقاء يوم أمس الذي تزعمه محمد علي احمد العائد مؤخراً من المنفى بعد اكثر من 18 عام خارج اليمن وأشارت مخرجات تلك الاجتماعات إلى أن القوى الجنوبية ترفض ان يكون الحوار خارج قاعدة طرفين أي شمالاً وجنوباً بالمعنى بين دولتين ،ويظهر هذا التوجه  استجابة لرغبات الشارع الجنوبي الذي يرفض تماماً أي حوار دون ان يكون سقفه استعادة الدولة المنهوبة والمسلوبة .

من جهة أخرى يفرض الواقع في الجنوب  الحاجة  لأي عملية تغيير او تهدئه قد تحفظ  للإنسان قيمته وتعيد له كرامته المسلوبة خصوصاً في ظل تواجد خطر القاعدة أو ما بات يعرف بأنصار الشريعة الذين ظهروا في بداية الأمر قوى معارضة لتنحي الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، بيد أنها تحولت في الفترة الأخيرة إلى تنظيم يهدد اليمن جنوباً وشمالاً متخذاً من شعارات تطبيق شرع الله وسيلة لفرض سيطرته على بعض المناطق والمحافظات الجنوبية ،  حيث فرضت هذه الجماعة سيطرتها على أغلب مناطق أبين وشبوة وقامت بإسقاط أكثر من معسكر والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزة تلك المعسكرات ، ويتهم الحراك والجنوبيون أن أنصار الشريعة بأنهم امتداد لاجتياح الجنوب تحت اسم الشرعية وإنهم مدعومون من علي صالح وعلي محسن ،ويبدو إن هذه الاتهامات ليست بعيدة عن الواقع لكون الكثير من أبناء أبين وأسرى الجيش يعترفون بتواطؤ أجهزة الأمن في المحافظة وتسليم  المعسكرات على طبق من ذهب وبدون أي مقاومة .


اذا اضطرت القوى السياسية في اليمن اذا ما فرض الحراك الجنوبي شروطه المطروحة فإنها ستعمل وفق سياستها التسلطية التي تمارسها سواء في الساحات او في حواراتها الوطنية التي سبق وأن عقدتها في صنعاء قبل أعوام عبر الزج  بشخصيات جنوبية لا تمثل الحراك الجنوبي  بل أنها لا تؤمن بالقضية الجنوبية مطلقاً سوى كسبيل لتحقيق أهدافها ،وتتحكم في قراراتها أحزاب وشخصيات قبلية في الشمال ومن غير المنصف أن نقول إن شخصيات جنوبية تمثل الحراك الجنوبي "كالناخبي" الذي  تحول من صاحب فكرة الحراك  المسلح إلى  متسلط باسم الجنوب  يقود حرباً شرسة ضد القضية الجنوبية  من داخل مكاتب حزب لإصلاح وعلي محسن الأحمر الذي يبدو انه كان وراء فكرة الحراك المسلح في فترة من الفترات ليكون ذلك  شماعة لضرب القضية الجنوبية وحراكها السلمي بالاتفاق مع الرئيس الأسبق "صالح" لكون الحراك كان ولا يزال عدوا مشتركاً يقودون عليه حملات شرسة لمحاولة تمييع القضية وإدخالها مربع العنف  ليصبح القضاء على الجنوب سهلاً اذا ما  اضطروا لرفع السلاح..


صعوبات كثيرة قد  تواجه عملية سير الحوار الوطني بالشكل الوطني اذا لم يتم وضع حلول جذرية للقضية الجنوبية  تبدأ تنفيذها حتى ما قبل البدء بالحوار لتهيئة الوضع للمشاركة ويرى بعض الجنوبيون إن الاعتذار للجنوب وأعاده حقوقهم المسلوبة كاملة وتعويضهم عن 23 عام  والشراكة في السلطة هي انطلاقة حقيقة للتفاهم على كيفية الحوار وبدون ذلك فأن هناك عراقيل قد تؤدي إلى أعمال عنف في الجنوب اذا ما فرضت كأمر واقع وبدون أي أتفاق ومشاورات على حلول مشتركة  .


من غير حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً ترتضيه كامل الأطراف الجنوبية المطالبة بالاستقلال او المنضوية تحت سقف الفدرالية فأن مسألة الحوار ونجاحها لن تكون مبشرة ووضع اليمن جنوباً وشمالاً سيضل مقلقاً للجميع ومزعجاً ايضاً للمجتمع الدولي الذي يبدوا انه يسير في عملية الحل تحت سقف الفدرالية وذلك لتخوفه من علاقة إيرانية جنوبية قد تشكل خطراً عليه في المستقبل  خصوصاً أن هذا الخطر يمثله العدو الإيراني الذي يبدي استعدادً لدعم الجنوب وقياداته حتى نيل مطلبهم بالرجوع إلى ما قبل الوحدة حتى وأن كان ذلك عبر تزويدهم بالسلاح للدخول في حرب جديدة مع نظام صنعاء وحكومة الجديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى