فضاء حر

الحوار الوطني .. الخاسر والمستفيد

الخاسرون من الحوار الوطني :
(1) الشعب اليمني شماله وجنوبه 
(2) القضية الجنوبية 
(3) قضية صعدة 

المستفيدون من الحوار الوطني

(1) الفساد المشترك بشقيه ؛ النظام السابق واللقاء المشترك وعلى رأسهم حزب التجمع للإصلاح.
(2) الإرهاب ومن يمثله من أنصار الشريعة والقاعدة ، سواءًا شاركوا في الحوار بشكل مباشر أم لم يشاركوا فثمة من يمثلهم على الدوام في كل المحافل اليمنية والخارجية.
(3) رعاة المبادرة الخليجية.

التصنيف أعلاه بين خاسر ومستفيد له أسبابه المنطقية والموضوعية ، سنحاول مناقشته في هذه العجالة بالأتي:
جاءت فكرة الحوار الوطني كبند أساسي وختامي من بنود المبادرة الخليجية ولم تحدد طبيعته أو شكله أو مكانه أو حتى أطرافه. ورغم أن عدم التحديد هذا كان مقصوداً إلا أنه من الطبيعي والبديهي أن يكون لهذا الحوار قضايا وأهداف محددة حتى لو لم تتضمنه المبادرة ، كما ينبغي أن يكون له أرضية واضحة ينطلق منها أطراف الحوار أو مشاكل محددة يتم الحوار حولها وإيجاد الحلول لها .. مالم فسيكون عبارة عن حوار طرشان بدون معنى وبدون هدف. لابد لأي حوار ـ أياً كان وفي أي زمان ـ من وجود هدف واضح وأرضية مشتركة ينطلق منها الحوار وسقف مشترك يتعين على المتحاورين أن يصلوا إليه لتحقيق غاياته المرجوه ، وبدون ذلك فلا جدوى من الحوار. ومع ذلك فثمة أطراف ترفض وجود أي قواعد يبنى عليها الحوار؛ لأن الحوار بشكل أساسي لا يعنيها ولكنها تطلبه لتنفيذ أهداف شكلية .. وهذه الأطراف هي:

(1) حزب الإصلاح الذي يمثله عبدالوهاب الأنسي ، الذي رفض أكثر من مرة تحديد بنود الحوار بذريعة أنه لا يجب وضع شروط للحوار.
(2) حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يمثله عبدالكريم الإرياني ، الذي يكرر دائما مقولة (حوار سقفه السماء).
(3) ياسين سعيد نعمان ، الذي لا ندري من يمثل وهو كالممسك للعصا من النصف ، يقول بوحدة الجيش قبل الحوار ـ وهو محق في ذلك ـ إلا أن هذا لا يشكل موقف واضح.
(4) رعاة المبادرة : دول الخليج وعلى رأسها السعودية ومن يقوم بدعم أجندتها من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة.

هذه الأطراف هي من يمثل الفساد المشترك ومن يقف وراءها ، وليس لها علاقة لا بالثورة او التغيير وكل همها هو البقاء أطول مدة ممكنه لإستنزاف اليمن .. لذا فهي ترفض وجود إطار شامل للحوار لأنها تريده حواراً يلبي فقط إستحقاقات المبادرة الخليجية ، ولا يخرج بنتائج ملموسة. لأن طبيعة الصراع القائم على الساحة اليمنية يقدم للنظام المشترك أفضل فرصة لا يحلمان بها ، من حيث أنه يسهل لكليهما تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض بالمزيد من إغتصاب السلطة والثروة ، بينما أي نتائج إيجابية تتمخض عن أي حوار ستنهي عليهما شهر العسل الطويل الذي يتمتعان به حالياً ، والذي يدفع فاتورته الشعب اليمني. كما أن رعاة المبادرة يقفون مع نفس المبدأ المتماهي مع الصراع القائم والدائم على السلطة والعبث باليمن وشعبه إلى مالا نهاية.

أما من حيث خسارة القضية الجنوبية فبمجرد القبول بالحوار من قبل الأطراف الممثلة للجنوب او تورط بعضهم بتمثيل الجنوب ، بالصيغة المطروحة الفارغة التي يحاول طرفا النظام المشترك فرضها على الجميع ستعرض القضية الجنوبية للسقوط .. وهذا هو الهدف الرئيسي من الحوار أصلاً ، من خلال محاولة تجاوز القرارات الدولية 924 ، 931 اللذين ينصان على الحوار بين طرفين أساسيين (جنوبي وشمالي) لتصويب إتفاقات إعادة الوحدة أو لفك الإرتباط. إن هذين القرارين ما يزال سرايانهما مفعولاً طالما أنه لم يتم التعامل معهما حتى الآن ، ولا يتعارضان مع القرارين الدوليين 2014 و 2051 اللذين ما يزالا يؤكدان على ضرورة الحوار بصرف النظر عن إختلاف الصيغ القانونية طالما أن جوهر القضية لم يتغير. 

أما بالنسبة لقضية صعدة فدخول ممثليها "بحوار الطرشان الوطني" سيعني إلتزامهم بتنفيذ نتائج الحوار التي سيتم تفصيلها على مقاسات نظام الفساد المشترك ، الذي سيفرض تسليم محافظة صعدة وما جوارها لحزب التمصلاح السعودي وضمها عملياً للغابة الخلفية السعودية دون قيد أو شرط. ورفض النتائج بعد ذلك سيعني التمرد على القرارات الدولية ، والتمرد على القرارات الدولية سيعطي الحق للتدخل المحلي والإقليمي والدولي سلماً أم حرباً.
والحقيقة ينبغي على اليمنيين شمالاً وجنوباً أن يحمدوا الله على وجود القضية الجنوبية وقضية صعدة ، وأن يعملوا جميعاً على إتقاد جذوتهما طالما ظل نفس نظام الفساد المشترك جاثماً على اليمن وشعبه ، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .. وبدونهما لكان الذئب الذي ألتهم أضلاع اليمن قد أتى على بقيته شمالاً وجنوباً. ومن نافلة القول فإن اليمن ليس بحاجة الآن إلى حوار بدون قضية ، لا سيما لهذا النوع من الحوارات الخاوية التي يراد لها أن تكون عبارة عن تحصيل حاصل لتلبية إستحقاقات خارجية ولتجاوز قضايا وطنية جوهرية وأساسية كالقضية الجنوبية وقضية صعدة ، وليس أيضاً بحاجة إلى مساعدات أياً كان نوعها ، بل بحاجة إلى القبض على الذين أرتكبوا الجرائم السياسية ضد أبنائه والمرتزقة الذين باعوا دماء اليمنيين ويتقاضون الميزانيات دون أي مصوغ شرعي او قانوني ، وإيداعهم السجن مكانهم الطبيعي. {وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}

زر الذهاب إلى الأعلى