فضاء حر

طنطاوي بجرة قلم .. ومحسن بمُدّرعة

بالنظر الي صورة الوفد اليمني الرسمي الذي سافر الى دولة قطر الاسبوع الماضي لا يمكن لأي انسان عاقل ان يقول بان الثورة اليمنية انتصرت او ان الشعب اليمني قد قام بثورة اصلاً مقارنة على سبيل المثال بالوفود الرسمية لمصر وتونس وليبيا.

لذلك ليس هناك اية مبالغة عندما نقول بانه قد تم سرقة الثورة ، وربما يكون افضل لو قلنا ان الثورة اليمنية لم تبدأ بعد حتى الان ، افضل من القول بان الثورة مستمرة .. ولنعتبر أن ماتم إلا بروفة تعلمنا من خلالها ما يمكن عمله في المستقبل العاجل ، لأننا عندما نقول بان الثورة مستمرة ، يعني اننا سلمنا بسرقة الثورة ورضينا بما تم حتى الان ، وبأن المخرجات السلبية الحالية التي نراها بأعيننا ونلمسها في حياتنا اليومية هي من نتائج الثورة. واذا كان الامر بهذا المنطق فيعني ان اليمن قبل الثورة كانت افضل من اليمن بعد الثورة وهذا صحيح. إذن فالثورة هي السبب الرئيسي لهذا التدهور. وهذا هو المطلوب إثباته لإيقاف الناس من التفكير بضرورة التغيير.

 

وإن سلمنا أيضاً بان الثورة مستمرة ، فيعني بان افضل ما جأت به الثورة حتى الان هو السفير الامريكي الذي أصبح حاكماً فعلياً على اليمن ، والذي لولا تدخلاته في كل صغيرة وكبيرة وفي فض النزاعات بين أعداء الثورة لأصبحت اليمن دون أية مبالغة اسوأ من الصومال وأفغانستان طالبان ، لان الذين يتصارعون عل السلطة لن يتركوا اليمن إلا وهي أكوام من الرماد مالم توجد عصا غليظة قادرة عل تأديبهم ، ولهذا كان دور السفير الأميركي ضروريا وهو بحسب شهود عيان يعمل اكثر من جميع موظفي الدولة ، ويحضر إجتماعات مجلس النواب قبل النواب ، ويحل مشاكل البلد أفضل من أكبر شيخ. وكما يعرف الجميع بأنه قد تمت دعوته لحكم اليمن من قبل المتصارعين على السلطة معتقدين بان ذلك سيكون حلاً مؤقتا حتى يتمكنوا من إعادة إنتاج النظام على طريقة تقوية كل طرف لمواقعه عل الارض لفرض الأمر الواقع وهو مايجري يومياً على قدم وساق.

وهذا يعني بان الشعار الذي رفعته من دفعت بالشباب الي المجزرة ، العولمية توكل كرمان التي ما تزال تعمل تحت إمرة عصابة الاصلاح وعلي محسن "كلما زدنا شهيد ياعلي اهتز عرشك" كان عبارة عن عملية نصب دموية ضد ابناء الشعب اليمني كإنتقام شخصي ضد صالح من علي محسن وعيال الشيخ تم فيها استغلال ثورة الشباب اليمني والقفز عليهم وعلى تضحياتهم ودمائهم بالدفع بهم إلى مجازر بشرية من أجل نيل جائزة العولمة.

 

انظروا الى صورة الوفد الرسمي إلى قطر بدون اي تمعن ! هل تجدون من يمثل الثورة ولو حتى من قبيل المجاملة للشعب اليمني؟ بينما المجاملة الوحيدة تمثلت في عدم وجود علي عبدالله صالح وعبده بورجي رغم حضورهما الفعلي . بل لو كان علي صالح على راس الوفد او حضر سيكون الوقع على الثوار أخف من غيابه ، وكانوا يستطيعون القول بأن الثورة مستمرة أما والحال كهذا يذهب زعماء الانقلابيون والسّرق برئاسة علي محسن الأحمر الذي كان الحاكم الحقيقي لليمن طيلة ثلاثة وثلاثين عاماً لتمثيل اليمن ، والتي كان يفترض أن الثورة سحقته اصلا ، يدل دلالة واضحة بأنه لم تكُ ثورة وليست مستمرة

لم يغب عن الصورة ـ المشهد أيضاً ، الرسالة التي بعثها امير الحرب حمد ال ثاني للرئيس صالح بالانتصار عليه وتغييره بعميله علي محسن الذي قام بتمويله بالمليارات لتحقيق هذا الانتصار ردا على صالح الذي رفض تدخله هو وجزيرته في الصراع القائم بين الأطراف المتناحرة في اليمن ، يدل على أن الشعب اليمني عبارة عن لعبة بأيدي هؤلاء الأوغاد.

وبسبب الصراع المحتدم بين الطامعين المحلييين في السلطة والإقليميين في النفوذ ، تسير العملية السياسية المفروضة أمريكياً ببطء شديد ولكنها تسير ليس كما يشتهيه الثوار بل كما يشتهيه الطامعون من القوى الكبرى الخارجية الذين يثبتون بانهم أرأف بكثير وبمراحل طويلة من عملاء الداخل ودول الجوار الذين يريدون الهلاك الكامل لليمن.

 

إشارة لازمة:

الاسراع بترحيب علي محسن الأحمر بالقرارات الرئاسية الاخيرة لهيكلة الجيش تفيد بان العملية السياسية ماضية ولكن على غير مايشتهي الوزان المُدرع الذي سيصبح بعدها من غير دروع يبسط بها على أراضي الدولة والمواطنين ، لذلك فإن القرارات على بطئها صائبة وقوية وبالاتجاه الصحيح ولا تحتاج الى ترحيبات ساخرة من قبل الذين أجهضوا الثورة ويقفوا ضد أي تغيير. الرئيس المصري أقال طنطاوي بجرة قلم أما في اليمن فسيجروا الرئيس هادي نفسه بدبابة لولا السفير الأمريكي ، ولن يذهب علي محسن مدرع قبل أن يتم سحبه بمدرعة.

زر الذهاب إلى الأعلى