فضاء حر

فهمي هويدي والرقص على الثورات العربية

 

يمنات

 

مشكلة الكثير من المثقفين والكتاب العرب أنهم يحبذون المشي بجانب الحائط في أحسن الأحوال إذا لم يدفنوا رؤوسهم في الرمل ،

 وهذا السلوك المبرقع او المقنع يضطر بعضهم إلى الرقص إذا جد جدهم في الليلة الظلماء يفتقد البدر ، مع الإعتذار لأبو فراس الحمداني على تحوير البيت ،

 لذا فمن النادر أن نجد أحدهم على إستعداد لمواجهة كل الأعاصير والأهوال والتضحية بمصالحه مقابل إظهار الحقيقية وهذا هو دوره الأساسي كقائد مفكر وموجه لمجتمعه.


الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قالها بصراحة :


 "مايحدث في اليمن ليست ثورة بل قبيلة تريد أن تتحول إلى دولة" 


وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد لاسيما في ظل سيطرة أسرة إقطاعية قبلية أحمرية على مجريات الثورة اليمنية. وبطبيعة الحال فإن القبيلة لا يمكن أن تكون دولة.


 وقال هيكل أيضاً عن الثورة السورية بأنها "عدوان أطلسي على سوريا"

وأثبتت الأيام أنه على حق.


وأشار في موضع آخر إلى "أن مايجري في العالم العربي ليس ربيعاً بل

ثورات تسليم مفتاح في إشارة إلى تورط قطر في تمويل مؤامرات الربيع العربي في المنطقة العربية   

فثبت ذلك أنه صحيح بسبب الإلتفاف على ثورات الربيع العربي والقفز عليها ، 


ونتيجة هذه المواجهة خسر تعاقداته مع قناة الجزيرة وغيرها. 

وهو الكاتب المبدئي الذي يضع المصلحة الوطنية العليا للامة العربية كلها فوق مصلحته الشخصية.

 

ولو أن معظم المفكرين والمثقفين والكتاب العرب عبروا عن الأحداث والنوائب التي تمر بها الأمة العربية وقاموا بتفسير وتحليل سياقاتها ومساراتها الصحيحة وكشفوا عن الأسباب الحقيقية والعوائق التي تقف أمام الحلول الناجعة بكل أمانة وصدق ، وأبتعدوا قدر الإمكان عن عتبات الأبواب العالية والبلاطات الملكية والرئاسية والأميرية ، وأعتبروا أن الكلمة أمانة قبل أن تكون علامة ، وأن الرقص بها وعليها لتوخي السلامة أو إصابة مال زائل هو خطر ماحق وساحق .. لما كان هذا هو حال الأمة. 


ودون أن نشكك بمصداقية ووطنية وعروبية وإسلامية الكاتب المصري الكبير فهمي هويدي ، إلا أننا نجد أنه يقف على النقيض من الحقائق الماثلة أمامه ، وبعبارة أدق نجده يفتح عين ويقفل الأخرى فيرى نصف الواقع ويتغافل عن نصفه الآخر. نراه يدين النظام السوري بكل قوة وجرأه وحِدة ، ولا يدين العصابات المسلحة والمرتزقة والإرهابيين من تنظيم القاعدة وغيرهم إضافة إلى الإمدادات بالمال والسلاح من قبل السعودية وقطر.

نراه يدين الحاكم السابق علي عبدالله صالح حتى بعد خلعه ويحمله مسؤولية الأحداث الحالية في اليمن مجتمعة على طريقة خطاب حزب الإصلاح الإخواني في اليمن حتى بعد أن قفز هذا الحزب على الثورة وأغتصب السلطة وأصبج طرفاً أساسياً في الحكم بعد أن كان شريكا للنظام السابق والمتجدد من الباطن.


لا يمكننا القول بأن الأستاذ فهمي هويدي ليس على إلمام كامل بالمشهد السياسي اليمني لأن هذا سيكون نقصاً في حقه واجتزاءًا من ثقافته السياسية وهو الذي قام بكتابة عدة مقالات عن اليمن كان آخرها مقاله الذي حمل عنوان "ثورة اليمن في خطر" الذي أعتبر بأن الحراك الجنوبي والحركة الحوثية التي تمثل أهم روافع الثورة اليمنية ليسا هما أسباب إجهاض الثورة فحسب بل أنهما يهددا اليمن بالتفكيك ، فالاول يهدد بالإنفصال والثانية تتسع وتتمدد خارج محافظة صعدة. وأن اليمن برئيسين ، علي عبدالله صالح و عبدربه منصور هادي. !!! وكل منهما له جيشه وإعلامه.  ولم يذكر في مقاله عن الذي قدم الحصانة لصالح ، ومن أختار هادي للرئاسة. بل أنه تجنب ذكر المبادرة الخليجية برمتها ورعاتها الخليجيين الأوصياء الحاليين على اليمن ، الذين اوصلوه لما هو عليه اليوم من حالة ممزقة ، وأعتبر أن الرئيس هادي نداً كاملا لصالح وأن الأثنان يتصارعان على السلطة.


هل يعقل أن يصدر مثل هذا الحديث من كاتب مخضرم بقامة هويدي؟!!

إنها في الحقيقة كارثة.

لماذا لم يذكر التدخل السعودي الكارثي في اليمن ومرتزقتهم المحليين منذ عقود طويلة؟!!

 لماذا لم يذكر التدخل الأمريكي الأوروبي ودعمهما لدول الخليج بأموالهم النفطية التي تعمل من أجل إبقاء الوضع المأساوي في اليمن إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا؟

وإذا كنا في وضع لا نستطيع فيه ذكر الحقائق كما هي ، فلا ينبغي أن نرقص عليها.  أليست رسالة المثقف والكاتب أن يظهر الحقيقة ليسترشد الآخرون بها؟؟

 أم أن الفكر والثقافة والإعلام أصبحت عبارة عن فض مجالس ، وياليتها كانت كذلك وكفى ، لكنها باتت تزور الوقائع والأحداث والشخصيات بل والتاريخ نفسه

 بيد أن عزاؤنا بأن العلم والمعرفة وحدهما بدون ضمير ومبادئ إنسانية لا تصنع مثقف بل موظف او سمسار او تاجر على حد أقصى.


 

زر الذهاب إلى الأعلى