فضاء حر

نريد رئيساً قوياً

نريد رئيساً قوياً , وليس اعظاً دينياً أو اجتماعياً . فكرت بهذا وأنا أقرأ , السبت الماضي (18 اغسطس 2012), الكلمة التي وجهها الرئيس هادي للشعب اليمني في ليلة عيد الفطر , من الجيد أن يدعو الرجل إلى أن تصفو القلوب من الضغائن والأحقاد , وإشاعة التسامح , وقيم الخير والعدل والمحبة والتكافل والتراحم ؛ غير إني كنت أتمنى أن أجد في كلمته موقفاً سياسياً قوياً بشأن الوضع الذي تعيشه البلاد , سيما في ما يتعلق بالتطورات في جانب التغييرات العسكرية .

وأعتقد أن القيم النبيلة هامة وضرورية بالنسبة لأي مجتمع , غير أن "المجتمع الحضاري" يتم بناؤه بالاقتصاد , وإرساء دولة القانون والمواطنة المتساوية , وهذه لا يمكن المضي فيها بشخصية مترددة أسيرة , وغارقة في هواجس التوازنات .

لم أجد موقفاً سياسياً جديداً ؛ فكالعادة أكد هادي المضي في استكمال تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية . الجديد هو تبريره للقرارات العسكرية التي اتخذها مؤخراً ؛ إذ قال إنه أصدرها من أجل "التوجه نحو بناء مستقبل اليمن وتقدمه" وفي إطار إعادة هيكلة القوات المسلحة وقوات الأمن". هذا يعني أنه يواجه, نوعاً من التعب .

ليس لدينا , حالياً , غير الرهان على هادي ودعمه , وهو يستحق منا جميعاً مساندته والوقوف معه , بيد أني لاحظت أنه مازال متردداً , وحذراً بشكل مبالغ فيه , ويغلف مواقفه وخطاباته بإيحاءات غير واضحة ؛ فهو , عندما تحدث عن قراراته العسكرية الأخيرة , اهاب بالجميع التنفيذ والالتزام بما يصدر من قرارات وتعليمات وتوجيهات" ,وعندما كان يعظ حث الجميع على أداء الزكاة الواجبة عليهم والتي تمثل الركن الثالث من اركان الإسلام إلى خزينة الدولة".

حتى مسألة الزكاة يفضل هادي الوقوف عليها بالإشارة والتلميح ؛ فذكره لها خطابه بمثابة إشارة إلى ذهاب كثير من أموالها إلى الحوثي.

يتمتع الرجل بنفس طويل , ولو لم يكن كذلك لما كان بإمكانه أن يظل أكثر من 15 عاماً بجانب الرئيس السابق دون اعتراض على أمر . أدرك , أيضاً , أنه غير صدامي . ورغم أن ذلك قد يبدو كميزة لدى كثيرين , غير أني اعتقد أن اليمن كانت تحتاج , في هذا الظرف التاريخي , شخصية حاسمة . فمنذ انتخابه رئيساً للبلاد كانت الفرصة سانحة أمامه لاتخاذ قرار بإقالة قائدي الفرقة والحرس , غير أنه أجل هذا الأمر حتى تحول إلى مشكلة , ومازال يرحله .. وأخشى أن يجد نفسه في وضع غير قادر على اتخاذ قرار كهذا ؛ فالوقت هو في صالح طرفي الصراع العسكري وليس في مصلحة الرئيس هادي .

في كلمته ؛ قال الرجل أيضاً :إن فشل الحوار معناه العودة إلى المربع الأول أي العودة إلى الصدام والاحتراب ونشوب حرب أهلية لا تبقى ولا تذر ومواجهة المزيد من المخاطر التي تحدق بالوطن وأمنه واستقراره ووحدته ومقدراته ..".

شخصياً ؛ لا أرى أن الحوار الوطني يُمكن أن يُقدم حلولاً مباشرة وملموسة للأزمات التي تعيشها البلاد , وأتمنى أن يُدرك الرئيس هادي أن الرهان الحقيقي والفعلي يقع اليوم عليه ليس كشخص وإنما كرئيس للجمهورية , ذلك أن قراراته وخطواته هي التي ستدفع باليمن نحو كرحله تاريخية جديدة .

إن قيام دولة مركزية قوية قائمة على قانون , واحترام الحقوق والحريات , ستؤدي إلى تراجع دعوت الانفصال , وستفرض سيطرتها على جميع أراضي البلاد وستحقق انتعاشاً اقتصادياً سيدفع بحياة وأحلام اليمنيين قدماً ضد الإرهاب والتطرف".

الرهان على الحوار الوطني يعني أننا نؤجل مشاكلنا ونراكمها . وعلى الرجل الأول في البلاد أن يعرف أن اليمن تحتاج قيادة قوية لديها عزيمة ورؤية اقتصادية واضحة .

على هادي أن يواجه "مخاوفه الأساسية" بكل وضوح ومسؤولية .

 

المصدر :صحيفة الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى