تحليلات

قراءة تحليلية للقرارات الرئاسية لرئيس الجمهورية.. أمين الوائلي

يمنات – متابعات

على وقع القرارات الرئاسية الأخيرة وأجواء النقاش الذي تشكل في الإثر ولما يُقل الكثير ( المهم, الموضوعي) حيالها بعد , من المهم – تقديرا-  إيراد الملاحظات التالية على صلة بالموضوع الآني والمستمر:

هناك من يرى أن القرارات تنهي وجود الفرقة الأولى ويعد هذا مكسبا. لست أنوي لإفساد "أخبار سعيدة" كهذه أو مخالفتها لأجل شيئ . فقط ثمة توضيحات مهمة لا بد من عرضها في السياق:

 

 * ألوية الفرقة الأولى مدرع التي شملتها قرارات الضم جميعها كانت عمليا خارج سيطرة وإدارة الفرقة وقائدها عداء لواء واحد, حيث رفضت قرار الانشقاق من 21 مارس 2011, عمليا أيضا القرارات لم تطل أو تتناول بشكل مباشر الجسم العسكري المكون لما بقي من الفرقة الأولى. من ناحية ثانية علي محسن لم يعد يقدم نفسه قائدا للفرقة الأولى منذ 21 مارس 2011 وإن حافظ الإعلام على هذه التسمية باعتبار ماكان لا ماهو كائن, فالرجل وموقعه الإخباري "أنصار الثورة" يقدم نفسه قائدا للجيش الحر أو أنصار الثورة. بمعنى أن انتهاء أو ذوبان مسمى الفرقة الأولى هو قرار أمضاه علي محسن نفسه لحظة قرر الانشقاق وخاض غمار الأحداث كطرف رئيس ولم يعد تحت مظلة القيادة العليا وهيكلة وزارة الدفاع بإعلانه عن قيام مايسمى الجيش المؤيد للثورة / الحر/ أنصار الثورة ومضى في إصدار بيانات متتالية على هذا المنوال تباعا.        

 

* القراءة التي أسوقها تفترض أن القرارات (بمعزل عن التقييم الخاص والموقف الشخصي منها إيجابا أو سلبا) أنفذت تصور علي محسن بالإبقاء على مسمى الجيش الحر ومواراة الفرقة السابقة الثرى ولكن ليس كل الفرقة بل من خرج على محسن ورفض الانشقاق معه وبقي في مربع "الشرعية" أو الجيش النظامي. توحيد وهيكلة الجيش في ملمح جاء عليه محمد اليدومي في حواره الأخير مع سهيل, كما هو في فهم وتصور معسكر ما يسمى بالمجلس الوطني (المشترك وشركائه) إنما يعني إلحاق بقية مكونات المؤسسة العسكرية بالجيش الحر وليس العكس. ربما كانت القرارات المعنية تحقق شيئا من هذا بطريقة أو بأخرى… فالمحصلة النهائية لها تؤدي إلى تفكيك مكون الحرس الجمهوري الأقوى في الجيش وإعادة توزيع ألويته أو أهم ألويته واختصاص الرئيس وشقيقه ( منصور) قائد الحرس الرئاسي نفسيهما بأهم وأقوى ألوية الحرس الملحقة بالتشكيل الجديد التابع للرئاسة وللرئيس, وبقية الألوية ألحقت بمناطق عسكرية على رأسها المنطقة الجنوبية. مع التذكير بأن اللواء الثالث أقوى ألوية الحرس الجمهوري سبق التعامل معه بتغيير قيادته. وعلى صلة فإن الرئيس لا ينوي التوقف عند هذا بل إن نفس التسريبات الاستباقية قبل أيام لاغير كانت تشير إلى توجه لتفكيك كامل مسمى ومكون قوات الحرس الجمهوري وإعادة توزيع ألويته ووحداته على المناطق. 

 

* وفي السياق يجب أن يعنينا التساؤل عما إذا كانت القرارات جزء من برنامج "الهيكلة" أم بمعزل عنه؟ وإذا كانت كذلك فمن الأولى أن نسأل عن برنامج الهيكلة ككل وخطته التنفيذية الممرحلة؟ من حق الجميع أن يطلع على برنامج مهم وحيوي كهذا لا أن يظل حبيس الغرف المغلقة والتسريبات. ومن الأهمية بمكان التحدث إلى الرأي العام حول مقتضيات توحيد الجيش وإنهاء الإنقسام وفقا للمبادرة والآلية التنفيذية التي تعطي الأولوية لإنهاء الإنقسام وشير إلى الهيكلة كغاية أخيرة ومحصلة خطوات تنفيذية من ضمنها توحيد الجيش والتنويه مهم إلى أن الآلية المزمنة جعلت الهيكلة تتويجا للانتقاليتين الأولى والثانية وليس بعدها إلا الانتخابات العامة 2014م. ما هو قائم ويتم على الواقع أن إجراءات العربة سبقت الحصان والقرارات المتتابعة جلها أو كلها تمضي في تقسيط مقتضيات الهيكلة في وقت تصمت تماما عن التوحيد وإنهاء الانقسام (علي محسن الأحمر في بيانه المرحب بالقرارات قال أن هذا هو توحيد الجيش أو جزء من توحيده !!؟؟).

 

 * بالطبع قرارات الرئيس "لا تُرد" كما ينصح المشايعون سلفا, وهي لن تُرد على كل حال, ولكن هذا لا يعني التوقف عن قراءة ومقاربة قرارات كبرى كهذه على صلة بحياة اليمنيين ومستقبل بلدهم… كما أن المقاربة والقراءة لا تقتضي بالضرورة موقفا رياضيا صارما تجاه معادلة الواقع الذي صار بحكم القرارات (مع أو ضد). متوقع تماما ودئما أن سيقال: قرارات الرئيس القائد الأعلى لا تناقش وتجب مساندتها وتأييدها.هذا الوجوب الافتراضي فيما أرى نوع من التحجير والتلقين القسري, ولا أعتقد أن هذا من مقتضيات الحرية والتعددية وحق التنوع وفضيلة الاختلاف الذي لا يفسد للود….! وأحسب أن مقولات الوجوب والفرض والتحشيد الإعلامي والسياسي لمصلحة القرارات سواء هذه الأخيرة أو غيرها وسواء أصدرها الرئيس أو من دونه من المواقع والمراكز القيادية في الدولة والحكومة, أحسبه توجها لا يخدم التغيير بمعنى المشاركة الجماعية القائمة على ضمان حق الأفراد في عرض رؤاهم ومواقفهم وقراءاتهم الخاصة في إطار النقاش العام والتدرب على أجواء ومقتضيات الحوار الوطني الشاما الذي سيصار إليه عما قريب كما هو المأمول وتردد الرموز العليا.                                                                                               

 

* في محصلة عجالة أولية على هامش القرارات الرئاسية الأخيرة , يلزم التأييد على أن الرئيس التوافقي لا يحتاج إلى جمهور من المصفقين والموافقين فقط وفي كل شيء تزامنا وتساوقا مع خلفية المشهد الذي يقوم على دعم وإسناد اللاعبين الخارجيين الأبرز في المسألة اليمنية وكأننا أمام مسلمات ووقائع مفروضة سلفا وكل ما يسعنا تجاهها في هذه الحالة هو أن نتحرك في إطار إعلامي يسمح بالتأييد المطلق والموافقة على عواهنها. في وقت قد يكون الرئيس وصانع القرار أحوج إلى سماع الرأي والصوت الآخر الذي ليس إلا وجها أصيلا من وجوه التأييد والمساندة… ولكل فائدته.                                                                                                            أعود وأقول إن مساندة الرئيس مسألة مفروغ منها فلا نعود نذكرها أو نتذكرها كلما كان هناك موجب للنقاش والمراجعة. وفي الحسبان أن الموافقة لأجل الموافقة ليست موقفا حتميا وقد تكون المقاربات والقراءات المتعددة أثمن وأنفع للموافقة والتأييد والترشيد من الموافقة لذاتها والتأييد لأجل التأييد.                                                  

 

* من مصلحة النخب ومحاضن الرأي والتفكير أن تشق طريقا وسطا في تعاطيها مع الرسمي الحاكم – مطلق حاكم- بين التعصب للتأييد والتعصب للرفض, فالرفض لذاته ليس موقفا وإن كان موقفا سالبا / سلبيا مناظرا للموافقة لذاتها. والمصلحة تقتضي سماع هذا وذاك وتقتضي أكثر منهما تكريس النقد الإيجابي والمقاربات التحليلية وتويد الحاكم قبل المحكوم على سماع ما يجب لا ما يحب..وللموضوع صلة..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى