فضاء حر

التعريف اليمني للجمال

الثقافة السائدة في اليمن هي ثقافة اغتيال الجمال وثقافة تمجيد الحروب و" الفيد" وتقديس العنف .

فالجميل عند الانسان اليمني هو كل ما اصبح في اليد او في الجيب او في البطن وما عدا ذلك فهو قبيح وهو القبح بذاته.

اتذكر في اول زيارة للشاعر العربي الكبير سليمان العيسى لليمن انني رافقته الى مدينة حجة، واذكر اننا في الطريق توقفنا عند احدى القرى بناء على رغبة الشاعر الذي بدا منحسراً بالطريق وبالمناظر وبالقرى المعلقة وراح يشهق مندهشا مثل طفل.

لكنه في تلك القرية التي توقفنا عندها شهق شهقة شاهقة اعلى من كل شهقاته السابقة وقال – وقد امتقع وجهه من الدهشة مشيرا الى طائر يجثم فوق الشجرة :- ياله من طائر جميل!

عندها بدأ اصحاب القرية الذين كانوا قد تحلقوا حولنا اكثر دهشة من شاعرنا وحتى يصححوا الخطأ الذي وقع فيه قالوا له:-

انه لا يؤكل.

وعندها لاذ الشاعر بالصمت، لكنه بعد ان صعدنا الى السيارة انفجر امامي قائلا:

عبد الكريم .. الجميل هو ما يؤكل.. لا تنسى هذا.

ونفس الشيء فإن اليمني عندما يحدثك عن جمال الثورة او عن جمال الوحدة فاعلم بأن الثورة اصبحت في جيبه وان الوحدة اضحت في بطنه.

فاليمني لا يحب الشيء لذاته او لجماله مهما كان هذا الشيء.

وعلى سبيل المثال فهو لا يرى جمالا في الشجرة وانما يرى الجمال في الثمرة، لا يرى الجمال في العائد وفي المكاسب التي يجنيها.

والحرب عند اليمني اجمل من السلم طالما فيها " فيد" ومنها فوائد.

وحتى عندما ننتصر كيمنيين لدينا ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فنحن لا ننتصر للحق والخبر والجمال وانما ننتصر للحق والخير والجمال وانما ننتصر من اجل الفيد.

ومع ان للفلاسفة وغيرهم من علماء الجمال تعريفات عديدة للجمال وللشيء الجميل .

الا ان كل هذه التعريفات لا تناسب مع مفهومنا كيمنيين ومع واقعنا، فالجمال عندنا هو الفيد، والشيء الجميل هو ما اصبح في اليد او في الجيب او في البطن.

عن – اليمن اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى