أخبار وتقارير

من اقتحم السفارة؟

تبادلت الأطراف السياسية الاتهامات بشأن حادثة اقتحام السفارة الأمريكية بصنعاء, امس الأول الخميس, من قبل متظاهرين غاضبين, على خلفية الفيلم المسيء للرسول(ص).

واتهمت وسائل إعلام التجمع اليمني للإصلاح, تيار الحوثيين, الذي دعا الى التظاهرة, بتنفيذ الاقتحام, فيما اتهم الأخير من وصفهم بـ"الدخلاء" بحرف المسيرة عما كان مخططاً لها, والتورط بعملية الاقتحام, والنهب, في وقت أنحى فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي, باللائم على "الانقسام الأمني" القائم في البلاد, والذي قال إنه سهل وقوع هذا الحدث.

كما أتهم الإصلاح من وصفهم بـ"بقايا نظام صالح" بتسهيل عملية اقتحام السفارة, حيث تداول الإعلام الإصلاحي أنباء وتحليلات عن ضلوع القوات الخاصة وقوات الأمن المركزي المكلة بحماية السفارة: في تسهيل عملية الاقتحام من قبل المتظاهرين.

والحوثيون قالوا إن المظاهرة التي دعوا إليها كانت سلمية, وبدأت سلمية, إلا أن دخلاء حاولوا إفسادها. وقال محمد العماد, أحد ممثلي تيار الحوثي في اللجنة التنظيمية للثورة في ساحة التغيير بصنعاء, إن "دخلاء" بالتواطؤ مع "قواتت موالية لصالح" هم من نفذ عملية الأقتحام والنهب, بهدف تشويه المسيرة وإثارة "فتنة" في البلاد, بحسب تعبيره في تصريح لـ"الأولى".

وقال رئيس الدائلرة القانوينة للتجمع اليمني للإصلاح, المحامي محمد ناجي علاو, إن حادث السفارة الأمريكيةلا يأتي بمعزل عن حوادث سابقة يلمس فيها إهمال مقصود وتدبير من قبل مسؤولين وقيادات في السلطة.

واستدل علاو في تصريح صحفي بخصوص ما حدث للسفارة الأمريكية, بما حدث في مصر وليبيا وقال: كان الأجهزة الأمنية المسؤولة عن حماية السفارات, أن يتخذوا نوعاً من الاحتياطات لما يمنع الجماهير الغاضبة مما تم إخراجه في فعل أساء للرسول الكريم.

وتابع: "اللافت للنظر ما تناولته وسائل الإعلام من شهادات لأشخاص كانوا في محيط السفارة الأمريكية بصنعاء, واللذين اكدوا أن الحراسة الأمنية سهلت لهم الوصول على باب السفارة".

وأضاف :"مهما كانت مرحلة الوفاق معيقة للوصول إلى قادة ومسؤولين نتيجة إهمال أو تقديم عون للفاعلين, فأقل ما في الأمر وكحق للمواطنين أن تعلن الحقائق عمن هو المتسبب في ما يحدث".

وبدأ التجمع اليمني للإصلاح, للمرة الأولى في تاريخه, متنصلا عن المسيرات التي تخرج تحت شعارات "نصرة الرسول", لكنه بدأ أيضاً في ورطة أمام جماهيره بفعل تصدي الحوثيين لهذه المهمة, ما جعله يبدو متناقضاً في تصريحاته, ففيما دعا رجال الدين فيه إلى تصعيد الغضب ضد الإساءة للرسول, فقد انهمك سياسيون, خلال يومي الخميس والجمعة, في محاولات التهدئة, لتشهد الساحة حالة من المزايدة السياسية بينه وبين الحوثيين بشأن من هو أكثر "غيرة" على الرسول. وتساءل خطباء جمعة إصلاحيون, أمس, عن دوافع الحوثي في تنظيم مظاهرات لـ" مناصرة الرسول", قائلين إن الحوثيين يسبون "صحابة الرسول", حسب قول الخطباء. وأبدى السياسي علي سيف حسن, رئيس منتدى التنمية السياسية, سخرية من تصريحات الطرفين, وكتب على حائطه في موقع التواصل الاجتماعي, أن في ورطة, كلهم مقتنعين ومؤيدين ما حدث, لا أحد فيهم يقبل أن يمنح فضل ما حدث لخصمه, كل واحد فيهم الخلاصة الكل يعيش حالة عدم النضج العاطفي بحسب مصطلحات علماء النفس الاجتماعي".

وأعلمت "الأولى" من مصادر مطلعة أن الاجتماع الذي عقدته اللجنة التنظيمية للثورة في ساحة التغيير صنعاء, عصر الخميس, ناقش أحداث اقتحام السفارة والتحضيرات لجمعة الساحة وتسميتها, وساد النقاش جدل بين ممثلي الإصلاح في اللجنة وممثلي الحوثي والأحزاب الأخرى, واتفق المجتمعون على إصدار بيان يكتفي بإدانة الإساءة للرسول, ويقول ممثلو الحوثي إن صياغة البيان تم الاتفاق عليها, غير أن الإصلاحيين غيروا النص المتفق عليه, وأصدروا بيانا آخر "ظهروا" فيه كمتضامنين مع الأمريكيين أكثر من التضامن مع الرسول "طبقاً لتعبير محمد العماد.

الفرقة الأولى مدرع, من جانبها, اتهمت الحوثيين بأحداث السفارة, وقالت في بيان لها نشره موقع " أنصار الثورة" الناطق باسمها, إن من وصفتهم بـ"المدعين للحق الإلهي في استعباد الشعوب", هم المستفيدون مما حدث" وذلك في إشارة إلى تيار الحوثي.

عائلة صالح, من ناحيتها ردت على الاتهامات الموجهة إليها ملمحة إلى مسؤولية وزارة الداخلية التي لم تتخذ الاستعدادات اللازمة لحماية السفارة رغم معرفتها أن الشباب في ساحة التغيير ينظمون لمسيرة على السفارة, ورغم معرفتها ما حدث لسفارتي أمريكا في ليبيا ومصر.

وقال طارق محمد صالح, نجل شقيف صالح, قي تعليقات له في موقع "فيسبوك", على ملاحظة للصحفي محمود ياسين, أبدى فيها شكوكا بتورط القوات الموالية لصالح بتسهيل الاقتحام؛ قال طارق: "اتهامك للعائلة أو النظام السابق ناتج عن تحقيق أجريته, أم مجرد أضغاث أحلام وتنبؤاته أم هم الطرف الأسهل لكيل التهم عليهم؟".

وأضاف: "أول أمس أبلغنا أن الساحة يدعون لمظاهرة يوم غد صباحاً, أي يوم أمس, وفكرنا بأنها نفس المظاهرة السابقة, والصباح اكتشفنا أنها توجهت نحو السفارة الأمريكية. وبالنسبة للترتيبات الأمنية فهذا ليس من اختصاصنا, وأنا لم أعد أشغل أي وظيفة, وكان المفروض أن وزارة الداخلية تستعد وتستدي القياجات الأمنية, وتعد خطة أمنية محكمة, خاصة بعد ما حصل في ليبيا ومصر, وتعمل حسابها لأسوأ الاحتمالات, مش تكتفي بإرسال فريق بسيط من فرقة فض الشغب. هذا رأيي حسب ما أعرف, حراسة السفارة من القوات الخاصة هم لمواجهة متظاهرين سلميين".

واستطرد: "وزارة الداخلية لم تعط الموضوع حقه من الاهتمام, والحراسة الدائمة لا تفي بالغرض, وعند توقع حدوث مشاكل يتم التعزيز بفرق مكافحة الشغب, ولكن التعزيز لم يكن بالشكل المطلوب, لأنه لم توضع خطة أصلاً, وانا أتحدى أنه وضعت خطة معمدة منالوزير بهذا الشأن".

 

الرئيس عبد ربه منصور هادي كان بدوره قد سارع إلى إدانة حادثة اقتحام السفارة الأمريكة بعد ساعات على وقوعها , مقدما اعتذاره إلى الرئيس الأمريكي عن الحادثة, ومتهما ما وصفها بـ"جماعات غوغائية", ومحيلا بالمسؤولية أيضا على عدم الاستعدادات الأمنية اللازمة بفعل الانقسامات في صفوف الأمن.

واعتذر هادي شخصيا إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما, وقال هادي إنه "يتابع الوضع عن كثب". وأعرب عن أسفه البالغ لمجريات ما حدث, وقال إن " من قام بذلك جماعات غوغائية لا تعي ولا تدرك المخططات البعيدة المرامي من قبل القوى الصهيوني, خصوصاً التي قامت بتأليف ونشر فيلم مسيء للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم".

وطبقاُ لما نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبا", فإن الرئيس قال عن "هذه المخططات تهدف إلى الإضرار بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية, منوها إلى أن هذه الجماعات قد استغلت عدم الاستعدادات الأمنية اللازمة, والتي جاءت في ظروف الانقسامات في صفوف الأمن جراء الأزمة السياسية التي نشطت مطلع العام 2011".وحذر من هذه الاعتداءات ستنعكس سلباً على العلاقات الطيبة بين اليمن وشعب الولايات المتحدة الأمريكية, وذلك لما تريده المخططات المعادية للسلام والوئام, والتي تعمل دوما على خلق الفجوات والمشاكل بين الشعوب".

كما أن الرئيس هادي وجه بتشكيل لجنة لمعرفة ملابسات ما حدث, والعمل على المعاقبة الرادعة للمسيئين والمتسببين في ذلك.

وفي مساء نفس اليوم, تلقى الرئيس هادي اتصالا هاتفياً من نظيره الامريكي باراك أوباما, وذكرت وكالة "سبأ" ان ارئيس الامريكي عبر في مستهل المكالمة عن "الإدانة الكاملة لأي أعمال تمس تعاليم وجوهر الدين الإسلامي أو أي ديانة سماوية أخرى". كما عبر أوباما عن " "الأسف لما سببته تلك الإساءة".

وبحسب الوكالة الحكومية, فقد أشار أوباما على ان "تلك الأحداث لن تؤثر على طبيعة العلاقات الممتازة والطبية بين البلدين الصديقين, خصوصا وان ايمن يمر بمرحلة حساسة وتحول ديمقراطي".

الصحافة السعودية تعاملت مع أحداث السفارة الأمريكية في صنعاء متهمة إيران والجماعات الموالية لها في اليمن , حسب توصفيها.

وقالت صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية., الصادرة في لندن, على لسان مسؤول يمني لم تسمه, إن "العناصر المرتبطة بإيران هي من قامت بالتحريض على الاقتحام.

البنتاغون يرسل فرقا من مشاة البحرية لحماية السفارة الأمريكية في اليمن

أعلن البنتاغون ان "الولايات المتحدة أرسلت فريقا من مشاة البحرية (المارينز) لحماية السفارة الأمريكية في اليمن", فيما تهدد تظاهرات وأعمال عنف مناهضة للأمريكيين المبنى.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكي جورج ليتل, إن "انتشار نحو 50 جنديا من المارينز في اليمن, هو تدبير احترازي, بينما تعم تظاهرات وأعمال عنف مناهضة للأمريكيين في بلدان، امغرب العربي والشرق الأوسط, بعد نشر فيلم مسيء للإسلام على الإنترنت".

 

أمريكا فقدت 7 سفراء في 30 هجوماً على دبلوماسييها

واجهت الولايات المتحدة الامريكية على مدى نصف القرن الماضي, أكثر من 30 هجوما ضد مصالحها الدبلوماسية في الخارج, سقط على إثرها 7 سفراء أمريكيين, كان آخرهم السفير الأمريكي في بنغازي.

وتبنى معظم هذه العمليات جماعات متشددة إلى غاية ان باتت القاعدة في الـ 20 سنة الماضية العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية.

وبعد الهجمات التي تبنتها تنظيمات يسارية مسلحة منذ منتصف الخمسينات, أغتيل السفير الأمريكي في غواتيمالا عام 1968, في هجوم نفذته جماعة يسارية مسلحة.

وخلال نفس العام اغتيل اثنان م المستشارين العسكريين الامريكيين في غواتيمالا. وشهدت سفارات أمريكا في بنوم بنه (عاصمة كمبوديا) وما نيلا(عاصمة الفليبين) ونيقوسيا (عاصمة قبرص) وكوالالمبور (عاصمة ماليزيا), هجمات من تنظيمات يسارية متشددة ضد المصالح الأمريكية.

 

تفجيرات بيروت 1983..الأعنف

وفي العام 1973 قتل السفير الأمريكي لدى السودان بعد اختطافه, أما في العام 1974 فقتل السفير الأمريكي في قبرص روجير ديفيس بإطلاق نار خلال مظاهرة أمام السفارة الأمريكية في نيقوسيا.

وفي الفترة نفسها, اغتيل السفير الأمريكي في بيروت فرانسيس ميلوي في يونيو/حزيران 1976, على يد مجموعة فلسطينية يسارية, وفي العام 1979 استيقظت واشنظن على اغتيال سفيرها في أفغانستان أودولف دوبس, وفي أعقاب اختطافه من قبل مجموعات متحالفة مع الاتحاد السوفيتي آنذاك.

واعتبرت تفجيرات بيروت عام 1983 الأعنف ضد المصالح الأمريكية في الشرق ألأوسط ووجهت الاتهامات حينها لجماعات شيعيه خلال تلك الفترة, اغتيل السفير الامريكي في باكستان خلال تفجير طائرة في 17 أغسطس/آب 1988.

هجمات نيروبي ودار السلام 1997..نقطة تحول وشكل الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة في دار السلام ونيروبي عام 1997, بداية حقبة جديدة من العداء لأمريكا تلاها 13 هجوما بخره هجوم بنغازي, وتبنى تنظيم القاعدة أو تنظيمات جهادية أغلب هذه الاعتداءات.

في العام 2000 شهدت باكستان 4 هجمات على سفارات وقنصليات امريكية في كراتشي وإسلام آباد و بيشاور.

وقتل دبلوماسيون أمريكيون في هجوم بكراتشي العام 2004. وتبنت طالبان أغلب هذه الهجمات.

ومثل الشرق الأوسط أهم مسرح لتنامي العداء الأمريكي حيث متشددون دبلوماسياً أمريكياً في غزة عام 2002. وهاجم متشددون سفارات وقنصليات أمريكا في جدة عام 2004, وفي دمشق عام 2006, وفي صنعاء في 2008, وتبنى تنظيم القاعدة معظم هذه الهجمات.

عن صحيفة الأولى 15/09/2012

زر الذهاب إلى الأعلى