أخبار وتقارير

وزير الشئون القانونية: النطاق الزمني لمشروع قانون العدالة وقع بين تعارضات عدة فالمؤتمر يقتصر على انتهاكات 2011م والمشترك موقفه غير واضح

 يمنات – خليل الزكري

واصلت صفحة الاشتراكي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حوارها مع الدكتور محمد المخلافي وزير الشئون القانونية.

 وكان الحوار عبارة عن استفسارات لناشطين وحقوقيين وصحفيين حول عدد من القضايا كان أبرزها قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الذي دار حوله جدل كثير فأوضح الدكتور المخلافي بعض ما اكتنفه من غموض ببعض مواده.

وكان قد نشر بعض الردود التي نشرتها صفحة "الاشتراكي" على عدد من الأسئلة والاستفسارات التي طرحت على الوزير ويواصل ما تبقى منها في هذا السياق، حيث طرحت الناشطة النسوية مها عوض على الوزير  أنها لا ترى القانون حساس للنوع الاجتماعي لا في لغته ولا في موضوعاته، كما لا يدمج قرار مجلس الأمن الدولي عن النساء وبناء السلام رقم 1325 في مواده.

ويرد الدكتور محمد المخلافي  على الناشطة مها عوض بالقول: "مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية يساهم في بناء السلام من خلال معالجة انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وتوفير شروط وآليات منع تكرار تلك الانتهاكات في المستقبل ولم يخصص لبناء السلام بصورة مباشرة، فالتدابير المباشرة سوف تأتي من خلال المصالحة السياسية وتوفير شروط الانتقال الديمقراطي عبر الدستور الجديد وحل القضايا الرئيسية كالقضية الجنوبية وقضية صعده، ولهذا، وفيما يتعلق بنطاق مشروع القانون والعدالة الانتقالية تحديداً، فقد نصت المادة (7/أ) من مشروع القانون على أن تولي هيئة الإنصاف والمصالحة (اهتماماً خاصاً بالقضايا التي أثرت على الفئات الضعيفة في المجتمع من النساء والأطفال…). ونصت المادة (11/أ) على أن تشمل تقارير الهيئة بصورة خاصة: (الخطوات التي يمكن اتخاذها للتشجيع على المصالحة الوطنية وحماية حقوق الأفراد وعلى الأخص حقوق النساء والأطفال….). ونصت المادة (14/أ) على أن: (تكون مشاركة المرأة في تشكيل الهيئة الوطنية (المستقلة لحقوق الإنسان) بشكل متوازن ومنصف وبما لا يقل عن 30% من مجموع أعضائها،….).

 

ودعا الأخ الوزير في معرض رده على  الناشطة النسوية مها عوض وغيرها من الناشطات إلى قراءة مشروع القانون بتأنٍ ودون أحكام مسبقة لكي يرن ما ورد في مشروع القانون كما هو.

 

من جانبه الصحفي بشير السيد، قال بأن مشروع القانون نص على إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة تتولى التحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في سياق الاضطرابات التي وقعت في اليمن منذ عام 1994 وحتى اليوم. إلا أن الحكومة اليمنية فشلت حتى الآن في إنشاء لجنة للتحقيق في الانتهاكات الأخيرة لحقوق الإنسان التي اقتُرفت إبان حوادث عام 2011.

وتساءل السيد عن ما هي أسباب الفشل في التحقيق في الانتهاكات وهل بإمكان الحكومة اقامة تحقيقات شاملة وإذا لم تتم هذه التحقيقات، كيف تقيمون فاعلية القانون؟

وأوضح الدكتور المخلافي في رده على ما طرحه الصحفي بشير السيد أن "هذا السؤال ينطلق من الحكم المسبق على فشل هيئة الإنصاف والمصالحة في تحقيق العدالة الانتقالية، بحجة فشل الحكومة في إنشاء لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان عام 2011م وهو منطلق مردود عليه بما يلي:

أ‌- إن إعاقة الحكومة اليمنية في تنفيذ مهامها، ومن ذلك، إعاقة إصدار مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لا يجوز أن يكون حجة إلاَّ للرافضين للعدالة الانتقالية من حيث المبدأ ولكنهم لا يظهرون ذلك ويلجئون إلى الحجج المختلفة لإحباط إصدار مشروع القانون، ومنها هذه الحجة، أما نحن فنعتبر تحقيق العدالة الانتقالية أحد جزئي المهمة الأساسية والأولى للمرحلة الانتقالية وهي مهمة المصالحة الوطنية بشقيها السياسي والحقوقي، والفشل في إصدار مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والبدء في إنفاذه- هو إفشال للمصالحة الوطنية وتحقيق مهام المرحلة الانتقالية وتوفير شروط الانتقال الديمقراطي.

ب‌-(على الرغم من الصعوبات التي اعترضت إنشاء وتشكيل لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان عام 2011م، إلاَّ أنه تمت الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء وصدر قرار جمهوري رقم (140) لسنة 2012م بإنشاء وتشكيل لجنة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان عام 2011م. وطبقاً للمادة (8) من القرار ((تكون هذه اللجنة إحدى لجان هيئة الإنصاف والمصالحة بعد تشكيل هذه الهيئة)) وقد تشهد الأيام المقبلة إنشاء لجان أخرى على غرار هذه اللجنة، ويجري الإعداد الآن لتسمية أعضاء لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان عام 2011م بقرار جمهوري، واللجنة مستقلة عن الحكومة وستقوم بالتحقيق الشامل دونما تدخل الحكومة.

وفيما يتعلق بالنطاق الزمني لمشروع قانون العدالة الانتقالية وما توجه إليه من انتقادات من عدد من الناشطين والصحفيين من خلال الصفحة التي أجرت معه الحوار حول تحديد الفترة الزمنية لمعالجة انتهاكات حقوق الانسان في القانون إلى 1994 وليس 1978؟.

 

ويضيف الصحفي بشير السيد أن منظمة العفو الدولية تشعر بالقلق من أن الانتهاكات التي ارتُكبت قبل عام 1994 لن تدخل ضمن نطاق هذا القانون بشكل تلقائي؛ ونقترح أن يخوِّل مشروع قانون العدالة الانتقالية هيئة الإنصاف والمصالحة مهمة التحقيق في الانتهاكات التي وقعت قبل عام 1994، بغض النظر عن استمرار العواقب. لماذا 1994 وليس 1978؟

وقال الدكتور محمد المخلافي في رده على ما سبق "فيما يتصل بالنطاق الزمني الذي أعتمده مشروع القانون، فإنه يقع بين تعارضات متعددة، فثمة موقف المؤتمر الشعبي العام الذي يتمسك باقتصار المدى أو النطاق الزمني على انتهاكات حقوق الإنسان عام 2011م، والغاية من ذلك عدم تحقيق الهدف من العدالة الانتقالية وإعاقة العملية السياسية والمصالحة الوطنية، إذ أن تجاهل آثار انتهاكات حقوق الإنسان منذ عام 1990م والآثار التي لا يزال ضررها مستمراً نتيجة الانتهاكات التي حدثت قبل عام 1990م سوف يعطل المصالحة الوطنية ويحول دون تحقيق السلام، وهذه هي النتيجة المتوخاة من قبل المؤتمر الشعبي، أما موقف الطرف الآخر في التسوية السياسية- اللقاء المشترك وشركاؤه، فهو موقف غير واضح، إذ هناك من يتمسك بأن تكون الفترة مقتصرة على عام 2011م وهناك من يتمسك بأن تكون من عام 1978م وهناك من يرى أن تمتد إلى قبل ذلك، والموقف الأول شجع المؤتمر الشعبي على إعلان الرفض للعدالة الانتقالية أو القبول بها فيما يتعلق بانتهاكات عام 2011م، أما الموقف الثاني فقد يبدو منطقياً بمساواة فترة سريان قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بفترة سريان قانون الحصانة، غير أن هذا الربط للعدالة الانتقالية بقانون الحصانة غير مقبول بصورة عامة، بما في ذلك من قبل أصحاب هذا الرأي نفسه، وأياً كان الأمر، فإن سريان القانون على الانتهاكات التي ارتكبت قبل عام 1990م تلقائياً وإلزام هيئة الإنصاف والمصالحة بالتحقيق من قبل نفسها، بغض النظر عن استمرار الضرر من عدمه، سوف ينيط بالهيئة مهمة عسيرة التحقيق وقد تكون مهمة مستحيلة، ويمكن أن يكون هناك بديل آخر والمتمثل في عدم تحديد إطار زمني لسريان القانون وضبط سريانه على كافة الانتهاكات بمعيار استمرار الضرر وإلغاء السريان التلقائي للقانون وتصدي هيئة الإنصاف والمصالحة للتحقيق في الانتهاكات من تلقاء نفسها، وهذا النهج سوف يؤثر سلباً على تحقيق العدالة الانتقالية في الفترات ذات الأولوية الخاصة للمصالحة الوطنية، مثل: الانتهاكات التي حدثت منذ عام 1994م ويشمل ذلك ما حدث في حروب صعده وقمع التجمعات السلمية للحراك الجنوبي والانتهاكات الواسعة في مواجهة ثورة الشباب الشعبية السلمية عام 2011م".

 

وأضاف المخلافي "من هنا، فإن الخيار الأفضل من وجهة نظرنا، هو ما جاء في المادة (4) من مشروع القانون بفقرتيها (أ،ب)، حيث حددت الفقرة (أ) نطاق السريان التلقائي وتصدي هيئة الإنصاف والمصالحة للتحقيق من تلقاء نفسها من عام 1990م وحتى الآن، وحددت الفقرة (ب) نطاق السريان غير التلقائي وتصدي الهيئة للتحقيق في الانتهاكات ومعالجتها بناءاً على الشكوى ووجود ضرر مستمر بالنسبة للانتهاكات المرتكبة قبل عام 1990م.

وأشار الدكتور المخلافي في معرض رده إلى أمرين: الأول- أنه وبعد أسبوع سوف يكون قد مضى، على إبلاغ الأخوين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بإحالة مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية إليهما لاتخاذ القرار بالموافقة والإحالة إلى مجلس النواب، خمسة أشهر بالتمام والكمال، وبحسب علمي لم يصل إلى رئيس الجمهورية سوى موقف واحد، هو موقف حزب المؤتمر الشعبي العام مباشرة أو عبر النائب العام وعضو اللجنة الاستشارية الأستاذ عبدالله غانم وهو الموقف الذي يسعى إلى تعطيل تحقيق العدالة الانتقالية بكافة السبل، أما الطرف الآخر وأن أرسل بهذه الإشارة أو تلك فهي تصب في مصلحة الموقف المتصلب ضد إصدار مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية. الثاني- إنه وأياً كانت التباينات بشأن العدالة الانتقالية في إطار اللقاء المشترك وشركائه، فينبغي أن يحدد موقفها المشترك ما جاء في برنامجها المشترك (مشروع رؤية للإنقاذ الوطني) إذ جاء تحت فقرة بعنوان (إزالة آثار حرب صيف 1994م وإجراء مصالحة وطنية شاملة….) ((…..3- تشكيل هيئة وطنية للمصالحة والإنصاف…..تكون قراراتها وإجراءاتها ملزمة)).

 

وفي ختام الحوار يطرح الصحفي محمد المقالح  على الوزير المخلافي  أن هذه المهمة هي مهمة وطنية وعلى الوزير المخلافي ممثلا عن الحزب الاشتراكي اليمني أن يقف مع الضحايا لا مع الجلادين وأن يقدم وثيقة تاريخية تليق بتاريخ الحزب الاشتراكي ووطنيته.

 

ويرد الوزير "فيما يتعلق بالآراء الرافضة للتسوية السياسية، وما ترتب عليها من شرعية التوافق، وعدم القبول بالمصالحة الوطنية مع أطراف هذه التسوية والتدابير والإجراءات المنصوص عليها في اتفاق المبادرة الخليجية واتفاقية آلية تنفيذ العملية الانتقالية، فإن الأساس لدى هذه الآراء وأصحابها الرفض للعملية السياسية برمتها ومن ثم ليس من الوارد مناقشة صحة وسلامة أحد إجراءات العملية السياسية والمصالحة الوطنية المتمثلة في العدالة الانتقالية، وبالتالي، لا أكون معنياً بالرد على تعليقات من هذا القبيل. مضيفاً لكني سوف أتطرق فقط إلى التعليق الذي أورده الأستاذ محمد المقالح والذي لا يشارك أصحاب موقف الرفض المطلق رأيهم وأتفق معه بأن تحقيق العدالة الانتقالية مهمة وطنية سامية، لكني الفت اهتمام الأخ/ محمد إلى أمرين: الأول- إن مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية مهمته إنصاف الضحايا ولا علاقة له بحماية الجلادين، لأن حمايتهم من الملاحقة الجنائية قد صدرت بقانون آخر وصار نافذاً. الثاني- إن مهمتي تأتي في إطار العملية السياسية وكعضو في حكومة وفاق وطني تم اختياري من قبل اللقاء المشترك وشركائه في إطار المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية، ومع ذلك، فإن ما أقوم به من أجل تحقيق العدالة الانتقالية لا يتعارض مع موقف الحزب الاشتراكي اليمني والذي طرحه في وقت مبكر، إذ تنص الفقرة (6) من البرنامج السياسي للحزب في فصله الأول على أنه: ((يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن إزالة آثار ونتائج حرب صيف 1994م وإصلاح مسار الوحدة وإجراء مصالحة وطنية شاملة تمثل مدخلاً رئيسياً لاستعادة الطابع السلمي والديمقراطي لوحدة 22مايو(….) ويرى الحزب أن تحقيق هذه الغايات يأتي من خلال (…) 6-…. وتشكيل هيئة وطنية للمصالحة والإنصاف، مهمتها إظهار الحقائق وتحقيق العدالة للمتضررين من نتائج الحروب والصراعات السياسية، وتعويضهم وعائلاتهم، بما يحقق الاندماج الوطني، ويضع حداً لتداعيات وآثار تلك الحروب والصراعات ويحقق العفو المتبادل بين أطرافها.

زر الذهاب إلى الأعلى