أخبار وتقارير

نازحوا أبين يعودون إلى ديارهم صارخين “السلطة غائبة عنا”

يمنات – الاولى – الخضر بن هيثم

تعرضت العديد من مناطق ابين لحرب ضروس دارت رحاها في تلك المناطق واستمرت اشهر بين من يسمون (أنصار الشريعة) من جانب وقوات الجيش ومقاتلي اللجان الشعبية من جانب آخر.

وضعت حرب أبين أوزارها بعد معارك ضاربة هدمت ما يوجد من بنية تحتية من بعدها عادت الحياة إلى طبيعتها, فيما الأهالي عادوا بدورهم إلى مناطقهم بعد معاناة نزوح وتشرد مرير.

المؤشرات في أبين تقول إن الحرب لا تغادر أرضاً حلت بها إلا وأحالتها إلى خراب وشردت الكثيرين.

بفعل الحرب والدمار تحولت معظم المباني والأحياء السكنية إلى خراب ولا يوجد فيها غير آثار حريق كأنه أخمد قريباً.

زنجبار – عاصمة أبين – مازالت تعيش وضعاً استثنائياً, الأهالي ما يزالون يبحثون – دون جدوى – عن قيادة السلطة المحلية للمحافظة التي دعتهم إلى العودة من عدن ولحج بعد نزوحهم إلى هناك بسبب الحرب الطاحنة.

 

صحيفة "الاولى" بدورها قامت بزيارة إلى مدينة زنجبار والتقت ببعض الأهالي العائدين لنقل همومهم ومعاناتهم وخرجت بهذه الحصيلة:

البداية المرة

أول ما يستقبل المرء لدى وصوله إلى محافظة أبين مشهد الدمار الذي لحق بالمباني السكنية والعامة على حد سواء ليكشف جلياً عن عمق المأساة التي لحقت بالأهالي خاصة منهم سكان مديريات زنجبار وجعار.

فالأحياء السكنية والمرافق العامة كانت على مدى أشهر طوال الهدف الرئيس لقذائف وطلقات (أنصار الشريعة) ليتسوى الكثير من مساكنها مع التراب والبقية تعرضت لنهب ما فيها من أثاث وأجهزة منزلية, وهو الأمر الذي يمهل أهالي أبين العائدين منذ أشهر بعد نزوح قسري قضوه في مدارس عدن ولحج ليلتقطوا أنفاسهم لبرهة قبل ان تقطعها من جديد صدمتهم بخسارتهم لمنازلهم وممتلكاتهم التي شيدوها واقتنوها بشقاء العمر, وضاعف نكبتهم الجديدة غياب السلطة المحلية وغياب تقديم الخدمات الضرورية.

 

دمار المنازل

عاتق قاسم الرياشي, أحد أهالي مدينة زنجبار بمحافظة أبين, عاد بمعية أسرته من محافظة لحج ليجد مسكن الأسرة قد طاله التخريب, فأبوا إلا أن يستأنفوا معيشتهم بين ما تبقى من جدران وسقوف تكاد تتداعى على رؤوسهم, لكن هاجسهم, الاكبر غياب السلطة المحلية وكذا المخلفات الحربية المتناثرة بكل حدب وصوب.

يقول عاتق الرياشي: "منذ عودتنا إلى محافظة ابين ونحن نكابد مأساة مريرة جراء ما تعرضت له مساكننا من تدمير بسبب استهداف أنصار الشريعة الأحياء السكنية بالقذائف طوال أشهر, وحالياً نجد صوبة بالغة في إعادة ترميم الأضرار الفادحة التي لحقت بمنازلنا كونها تتطلب مبالغ مالية كبيرة ولا يخفى على احد أن أهالي المناطق المتضررة من الحرب في أبين قد أنفقوا بكل ما بحوزتهم وباعوا كل غال ونفيس حتى أُثاثهم ليتمكنوا من توفير لقمة العيش خلال فترة نزوحهم في المحافظات المجاورة".

 

الحاجة الى قائد استثنائي

المواطن رضوان القادري تحدث عن الحرب ومعاناتهم معها فقال: أبين اليوم تمر بظروف استثنائية وتحتاج إلى قائد استثنائي يقف على رأس هرم السلطة فيها, ولا ينفع معها الرجل (المكتبي) وإن كان يمتلك يعض الصفات الحسنة, لأن العمل في وضع كهذا وقيادة التحولات الجوهرية في محافظة عاشت لأكثر من عام في حرب همجية مدمرة أكلت الاخضر واليابس, يحتاج إلى رجل استثنائي لديه رؤية واضحة لما يريد, يكون ذا عزيمة قوية وصاحب قرار, مضيفاً: هذه صفات ضرورية لمن أراد قيادة عملية التغيير النافع في الظروف العادية, فكيف بقيادة محافظة مرت بظروف قاسية وما زالت لم تجتز مرحلة الخطر التي لم تشهد مثله من قبل.

ودعا القادري القيادة السياسية لإحسان الاختيار للقيادات المدنية للتواؤم مع الظرف الحساس الذي يمر به الوطن اليوم إذا أرادت النجاح لقراراتها السيادية وإخراج الوطن من دائرة الفوضى واللادولة.

 

الخدمات المفقودة

في خضم وسياق الزيارة التي قمنا بها إلى مدينة زنجبار المنكوبة والمتألمة التقينا المواطن ناصر علي ناصر وسألناه عن حال وضع المدينة, وعدد من الأسئلة الاخرى فأجاب قائلاً- مثلما ترى المدينة هي لا تزال كما لو أنها تعيش الحرب حيث أن الدمار الذي طالها نتيجة القصف, ورغم ذلك عدنا إلى منازلنا.

وأَضاف: "الحركة شبه موجودة لأفراد هنا وهناك, كأجزاء المدينة تضرر في منطقة السوق والصرح والمحل وباجدار وسواحل والطميسي وغيرها, أما الممتلكات العامة والمرافق الحكومية فقد أًصبحت على الصفر من الدمار والنهب, وباختصار, المدينة صارت أطلالاً والبنية التحتية تدمرت بشكل كامل".

ويضيف: عشرات الآلاف من أهالي زنجبار نزحوا منها عقب ما حدث وما هو معروف, هناك الغالبية العظمي توجهت إلى عدن وإلى عشرات المدارس وجزء بسيط مقتطعين قيمة الإيجار من قوت أولادهم وإن سألتني عن أوضاعهم فهم في شتات".

وأكد ناصر أن حجم النزوح كان كبيراً وفيه المعاناة كلها, منوهاً إلى أن الوضع كان مأساويا وقاسياً جداً جداً".

وأَضاف: "حقيقة, سعدنا بإعلان العودة إلى زنجبار وجعار وغيرها من المناطق بعد تطهريها من الجماعات المسلحة ولكننا نتطلع إلى خطوات أخرى منها: تطهير وإزالة الألغام من مدن ومناطق وقرى زنجبار وجعار والمساحات الزراعية الشاسعة الواقعة بين هاتين المديريتين".

وذكر ناصر أن الكثرين من مواطني زنجبار عادوا إلى مساكنهم, لكن هاجس الخوف وخشية الألغام لا زالت تؤرقهم والتي لا يعرف عددها ولا سيما في ظل عدم معرفة الأهالي إلى أنه يوجد عشرات القتلى والجرحى والمعاقين بسبب الألغام والمقذوفات النارية.

 

السلطة المحلية لم تعد إلى المحافظة

وفيما قال علي منصور حيدرة أحد من التقينا بهم إن السلطة المحلية لا تهتم بزنجبار, ولا تكترث لوضعها الكارثي وكأنها غير معنية بها حسب قوله, أَضاف: نطالب الأخ المحافظ بمباشرة عمله في مكتبه بزنجبار, لأن مبنى المحافظة لم يتضرر إلا جزئياً وذلك ليسهل معاملات المواطنين ولا يغيب عن المشهد في هذا الظرف الحساس.

وتحدث علي منصور مستنكراً: المحافظ دعا المواطنين العودة إلى ديارهم, فعادوا ولم يعد هو, واقتدى به بقية مدراء العموم".

وأضاف بقية المدينة خارج نطاق اهتمامات السلطة المحلية للأسف, وإذا لم تأت السلطة المحلية, إلى زنجبار العاصمة فإننا نطالب القيادة السياسية العليا بنقل مديرية زنجبار إدارياً ومالياً إلى محافظة عدن, كونها أقرب لها جغرافياً.

 

إجرام لا نهاية له

أما المواطن عبد الواحد عيدروس, فبدوره أوضح أن ما تعرضت له محافظة أبين على أيدي الجماعات الإرهابية سيمتد ضرره لأعوام طويلة, وخاصة أضرار الأعداد الكبيرة من المتفجرات التي زرعت في كثير من المناطق المجاورة لمدينة زنجبار.

وتحدث قائلاً: "مؤسف أن نعيش في كل يوم مأساة إصابة طفل أو امرأة أو رجل من أهالي أبين بانفجار لغم أو عبوة متفجرة وهو ما جعل نكبة أهالي أبين بانفجار لغم أو عبوة متفجرة مستمرة, وليس لها نهاية مع انتهاء المعارك ودحر الجماعات الإرهابية من المحافظات والتي على الرغم من رحيلها لا زالت تستهدف المواطنين الامنين بهجمات انتحارية بين الوقت والآخر ويسقط على إثرها عدد كبير من الأبرياء ما بين قتيل وجريح إضافة إلى الخسائر في الممتلكات".

وأَضاف: "لكن رغم كل معاناة أهالي أبين في فترة النزوح وحتى بعد عودتهم الآن سنصمد مع قوات الجيش للجماعات الإرهابية وبتكاتف الجميع سنتغلب على كل من يتربص بنا وبمحافظتنا..

زر الذهاب إلى الأعلى