عربية ودولية

خلافات حدودية بين مصر وليبيا تفجر ازمة بين البلدين

يمنات-وكالات

أثارت تصريحات منسوبة إلى رئيس الوزراء المصري هاشم قنديل بشأن "حقوق مصرية" في أراض داخل ليبيا مخاوف في طرابلس من أن تكون هذه التصريحات جزءا من ضغوط إخوانية على الجارة الشمالية لابتزازها ماليا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الاقتصاد المصري.

واستدعت الحكومة الليبية، أمس، السفير المصري في طرابلس، هاشم عبد الواحد، وطالبته بإيضاحات رسمية حول ما نسب الى رئيس حكومة بلاده.

وطالب رئيس الحكومة الليبية علي زيدان خلال استدعائه عبد الواحد، بضرورة الاتصال بحكومة بلاده لتوضيح تصريحات منسوبة الى رئيس الحكومة المصرية هاشم قنديل قال فيها إن لمصر أحقية في الأراضي الليبية.

ونقلت صحيفة لبنانية تصريحا لقنديل قالت إنه ذكر فيه بأن لمصر حقوقا في الأراضي الليبية، وربطت بين التصريح ورغبة مصرية في "استعادة" أراض صحراوية غنية بالنفط، في إشارة إلى منطقة برقة.

ووصف محمود جبريل، رئيس تحالف القوى الوطنية بليبيا، تصريحات رئيس الوزراء المصري بالأمر الخطير، ودعا المؤتمر الوطني إلى اجتماع عاجل لمناقشة الموضوع لأنه يمس السيادة الليبية بدل أن يجتمعوا ليعلنوا كم شخصا سيتم استبعاده من المشهد السياسي لليبيا، في إشارة إلى قانون العزل السياسي الذي يثير خلافات داخل المؤتمر.

وقابل كتاب ومحللون ليبيون ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي بغضب كبير تصريحات قنديل، خاصة وقد ارتبطت بتصريحات سابقة للكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل قال فيها إن منطقة برقة الليبية "الغنية بالنفط" تابعة للأراضي المصرية.

وقال رئيس الحكومة الليبية علي زيدان "لم نكترث بتصريحات هيكل باعتبارها صادرة عن شخص لا يمثل إلا نفسه، لكن يأتي تصريح رئيس الحكومة المصرية ليصبح مصدر قلق للشعب الليبي ولرئاسة الحكومة والبرلمان اللذين تلقيا اتصالات كثيرة تعبّر عن التأثر بمثل هذه التصريحات".

وأشار زيدان إلى أن السفير المصري نفسه "عبّر عن استغرابه لهذا الأمر"، وأكد أن "مصر لم يكن في سياستها الماضية أو الحاضرة مثل هذا التفكير، وأن ما نقل عن رئيس حكومة بلاده غير وارد إطلاقاً".

ولفت محللون إلى أن هناك نية لدى دوائر إخوانية مصرية لتوتير العلاقة بين البلدين بعد أن فشل إخوان ليبيا في الانتخابات ولم يتمكنوا من إنجاح مخطط إخواني سري يقوم على جعل تونس وليبيا ومصر نواة للدولة الإخوانية بالمنطقة.

يشار إلى أن التيار الليبرالي بقيادة محمود جبريل قد فاز في انتخابات المؤتمر الوطني على مستوى القائمات، كما حاز المستقلون غالبية المقاعد المخصصة للأفراد، ولم يحقق الإسلاميون بمختلف تلويناتهم نتائج تذكر.

لكن هؤلاء المحللين قالوا إن التصريح لو ثبتت نسبته لقنديل فإن الهدف منه هو ممارسة ضغوط على حكومة ليبية ما زالت تتلمس طريق الاستقرار والإمساك بالملفات الداخلية الكثيرة، ودفعها إلى الارتماء في أحضان إخوان مصر، وفتح خزائنها لإخراجهم من الورطة، خاصة أنهم وعدوا المصريين بمشروع لـ"النهضة" يحل كل مشاكلهم في فترة زمنية قصيرة.

وفشل إخوان مصر إلى الآن في توفير التمويلات اللازمة للشروع في خطتهم الاقتصادية التي يقولون إنها ستوفر آلاف مواطن العمل، وتخفف أزمة السكن خاصة لدى الفئات المهمشة.

ودعا أحد الكتاب هاشم قنديل إلى الاعتذار لليبيين والمصريين معا، قائلا "إنني على ثقة من أنك ستدرك ضرورة الحفاظ على علاقات حسن الجوار والتعاون مع ليبيا، ليس فقط من منظور الحرص على المصالح الاقتصادية والتجارية المشتركة، لكن أيضا بما يحتمه الفهم الصحيح لأمن مصر القومي وكونه يبدأ باستقرار أمن دول الجوار وعلى رأسها ليبيا".

وقلل مراقبون من تداعيات تصريح قنديل ومن قبله هيكل، لافتين إلى أن العلاقات التاريخية بين البلدين الجارين ستكون أكبر من الأشخاص والأحزاب الحاكمة، وأنه سيتم تطويقها سريعا.

وكشف هؤلاء المراقبون عن أن رحيل الاستعمار خلف الكثير من "الألغام" التي تخص ترسيم الحدود بين مختلف دول المنطقة، وأن تفكيكها يتم بالحوار، والاحتكام إلى القانون الدولي.

وينظر الليبيون بريبة إلى خطط إخوان تونس ومصر في علاقتهم بليبيا التي تسعى لتوظيف إمكانياتها الذاتية في تحقيق ثورة هادئة بعيدا عن الشعارات وعن أي تنظيمات ذات أهداف مشبوهة.

يشار إلى أن تونس ومصر تنتظران استقرار ليبيا على أمل أن يكون لعمالتهما دور أكبر في عملية إعادة إعمار ما هدمته الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى