فضاء حر

ثورة تصحيح تبدأ من الجنوب

يمنات

في مطلع 2011م انتفض الشعب اليمني على نظام الظلم والعمالة وخرج إلى ساحات الحرية والثورة في مختلف المحافظات اليمنية يطالب بإسقاط النظام وتقديم المجرمين والقتلة إلى المحاكمة لينالوا جزاء إجرامهم وإفسادهم وسفكهم للدم اليمني سواء في الجنوب خلال صيف 94 م أو في الشمال خلال الحروب الست أو أثناء الثورة الشعبية.. وكذلك من أفتوا بسفك الدم اليمني وشرعن الحروب الظالمة التي قادها زمرة من المجرمين أمثال علي محسن الأحمر وبعض قيادات حزب الإصلاح والنافذين في النظام من قادة عسكريين ومشائخ ومن علماء البلاط.. فمثل هؤلاء المفترض أنهم اليوم قابعون في الزنازن وان الشعب اليمني قد انتهى من محاكمتهم وان هذه الأحكام قد صدرت بحقهم وقد نفذت لكن هناك من سعى إلى عرقلة الثورة والالتفاف عليها بطرق شتى فزرعوا الأشواك وحاكوا المؤامرات أمام تطلعات الشعب اليمني وسارعوا في فرض مسارات من شأنها المحافظة على هؤلاء المجرمين وإعطائهم الحصانة.. فهم لم يكتفوا بذلك بل جعلوهم يمارسون إجرامهم وظلمهم من جديد وباسم الثورة وعلى أنهم حكومة أو نظام نتج من ثورة شعبية وان الشعب هو من اختارهم لكن في الواقع أن أمريكا عملت على الحفاظ على هؤلاء لكي تعمل من خلالهم ما تشاء فالوضع في البلد اليوم حرج جدا.. حيث باتت التدخلات الأمريكية على أوجها وأصبحت الطائرات الأمريكية تحصد أرواح اليمنيين كل يوم وبات السفير الأمريكي من يهيمن على المشهد السياسي ويسعى إلى تغيير عقيدة الجيش لكي تصبح المؤسسة العسكرية قوة بأيدهم يضربون بها من يرفض أمريكا ومشروعها الاستعماري في اليمن..

فالدور الأمريكي السعودي لم يعد خفيا على احد فهم سارعوا في الالتفاف على الثورة الشعبية وكبح جماحها منذ الوهلة الأولى لانطلاق هذه الثورة المباركة فجمعة الكرامة كانت كفيلة بإسقاط هذه النظام وأن الوضع تغير وان واقعنا اليوم أصبح أفضل مما نحن اليوم عليه.. فالأمريكيين والتخوف السعودي من نجاح الثورة اليمنية كان سيد الموقف آنذاك فالنظام السعودي والأمريكان دفعوا بكل ما يمتلكون من قوة ونفوذ وعمل حثيث للحيلولة دون نجاح هذه الثورة.. وهذا كان لأسباب عدة منها الإيحاء لعملاء السعودية واذرعها في اليمن بأن ينشقوا عن النظام ويعلنوا تأييدهم للثورة الشعبية وهذا سيكون العائق الأكبر للثورة.. ومن ثم تتحول إلى أزمة بين شقي النظام وتحصل صراعات فيما بينهم ويقحمون الثورة في حروب وصراع إرادات الشعب اليمني في غناء عنها وفعلا هذا ما حصل حيث فجروها في الحصبة وفي أرحب وفي تعز وفي الجوف وفي حجة ومن خلال هذه الصراعات تقدم أمريكا والنظام السعودي مبادرة تزعم أنها تريد أن تخرج اليمن من الحرب الأهلية التي كانوا يخوفوا الشعب اليمني منها وأن هذه المبادرة هي الحل الأوحد للحفاظ على وحدة اليمن واستقراره.. لكن عندما نتأمل ماذا نتج عن هذه المبادرة المشؤومة اغتيالات وتفجيرات واختلالات أمنية وفتن طائفية ومذهبية وانتهاك للسيادة البلد وفتح الباب بمصراعيه أمام المستعمر الأمريكي..

فالنظام السعودي والأمريكان يعلمون أنه إذا نجحت الثورة اليمنية فالشعب السعودي سيثور على أسرة آل سعود وسيطرق الربيع العربي أبواب المملكة وهذا ما لا يحبذه أمراء آل سعود ولا الأمريكان لان أمريكا تعتبر النظام السعودي حليفا استراتيجيا تمرر من خلاله الكثير من المؤامرات على بقية الشعوب الأخرى.. فالأفضل أن نعمل للحيلولة دون نجاح الثورة الشعبية في اليمن لكي نضمن عدم انهيار نظام ال سعود ومن خلال هذه النظرية انطلقت أمريكا وحلفائها في العمل الحثيث لإفشال الثورة اليمنية..

ومن الأسباب أيضا الحفاظ على عملائهم وعلى النظام نفسه وكذلك ترسيخهم في مناصب اكبر وتهيئة الأجواء لهم للاستحواذ على الوزارات السيادية فيما لو فرضت أمريكا مبادرات وفرضيات من شأنها الحفاظ على النظام وتكتفي بالتغيير الشكلي.. وبعد ذلك تدعوا الشعب اليمني إلى حوار مفروغ منه ومخرجاته محسومة سلفا وهذا ما حصل فحزب الإصلاح اليوم يصارع من أجل السلطة التي كان جزاء لا يتجزأ منها حيث وافق على المبادرة المشؤومة ووقع عليها ونال نصيب الأسد من الوزارات فالمبادرة السعو أمريكية أعطت رموز النظام وبقية المجرمين الأمان والحصانة.. وهذا من المحافظة عليهم وإبقاء بعض المجرمين في قيادة جزء كبير من الجيش أمثال علي محسن الأحمر الذي كان الرجل الأول في النظام ويعتبر نفسه الأول حتى اليوم فلا تمضي قرارات إلا وهذا الرجل قد وافق ومطلع عليها فهو اليد الباطشة للنظام.. فكان قائد الحروب في الشمال والجنوب وهو من قتل اليمنيين ونهب ممتلكاتهم وبسط على أراضيهم وأتاح للمؤدلجين بان يشاركوا في هذه الحروب الظالمة والعبثية..

فالإصلاح وقيادته العسكرية والسياسية والدينية تسعى اليوم إلى ابتلاع الحكم ومتفردين به بدون شريك لأنه في الماضي كان شريكا لحزب المؤتمر وكانا في تلك الفترة هم من يحكمون اليمن واليوم يريدون أن يكونوا منفردين بالحكم وهم أولئك الذين قد أجرموا وقتلوا وقد عرفهم الشعب اليمني من أقصاه إلى أدناه..

فهل سيسكت الشعب اليمني على ما يقوم به هؤلاء وانه سيرضى بهم من جديد ؟ أم انه سيستمر في الثورة الشعبية حتى إسقاط النظام وقلعه من جذوره وإسقاط أيضا الهيمنة الأمريكية والسعودية على اليمن وتبقى البلاد بدون وصاية خارجية ومن ثم يبني الشعب اليمني دولته المدنية التي تسع الجميع وتكفل حقوق كل المواطنين..

في المقابل ما نشاهده اليوم في الجنوب يوحي بأن هناك ثورة تصحيح لما خرج به الشعب اليمني في مطلع 2011م لا سيما وان الجنوبيين هم أكثر من اكتوى بنيران حزب الإصلاح خلال حرب 94م وها هو اليوم ينتفض ضدهم ويطالب بإسقاطهم في غضب شعبي عارم وسخط كبير فأحرقت مقراتهم وتم طردهم من الجنوب .. وكذلك متابعتهم في كل مكان وهذا بعد أن قاموا بالاعتداء السافر والظالم من جديد على أبناء الجنوب قبل أيام مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى فهم لم يكتفوا بما قاموا به في صيف 94م من قتل وظلم ونهب وبسط على البيوت والأراضي نراهم اليوم يمارسون نفس السيناريو .. فهذا نهجهم وهذه هي سياستهم في الحكم اقتل ونهب واسرق وكذب وأفتي لما تقوم به لكي يكون مبررا لك في سياستك التي تعتمدها حتى يخضع لك الشعب .. فأبناء الشعب الجنوبي رفض هذه السياسة ورفض القمع والقتل وقال كلمته بكل شجاعة كفى ظلما كفى قتلا لا بد أن يرحل الطغاة هنا الشعب اليمني أفاق من سباته ومن غفلته وتحرك من جديد في الثورة الشعبية .. حيث خرجت المظاهرات المليونية التي تندد بالقمع والقتل الذي تعرض له أبناء الشعب الجنوب وطالبوا بإسقاط هذه الحكومة وهذا النظام الظالم ومن هنا يبدأ التصحيح.

زر الذهاب إلى الأعلى