فضاء حر

تداعيات ما يجري في سوريا على المنطقة

يمنات

مخاض لطالما تعسرت ولادته والكل ينظر إلى أين تتجه الأوضاع في المنطقة سيما وهي تشهد أحداث متسارعة ومتتالية تنبئ بالانفجار في أية لحظة.. فهذا الزمن هو زمن كشف الحقائق الذي انقسمت فيه المنطقة إلى معسكرين "إما مع مشروع أمريكا والاستكبار أو مع مشروع الممانعة والمقاومة " ..

وبالتالي قوى الشر والاستكبار جعلت من الجماعات التكفيرية وقودا للحرب في سوريا خدمة لمشاريعها الإستراتيجية .. هنا يعود بنا الزمن إلى ما جرى في أفغانستان أيام دعوات الجهاد ضد الروس والذي كان جهاد في سبيل أمريكا ليتكرر هذا السيناريو اليوم في سوريا ونرى حربا بالوكالة .. حيث استهلكت أمريكا كل أورقها ودفعت بها إلى سوريا لكن الجديد في الأمر أن الشعب السوري بوعيه الكبير وصمود ورباطة جأش جيشه القوى والمترابط وحكمة القيادة التي تعاملت مع الأحداث بكل حكمة مما جعل قادة الحرب يتخبطون وتحبط كل مؤامراتهم..

كما أن المعطيات تشير إلى أن دول الاستكبار العالمي تدفع بالمنطقة إلى حالة الانفجار الشديد الذي لربما سيعصف بالجميع وان هناك ترتيبات للدفع صوب الانفجار .. فالانتهاك الصارخ والعدوان الهمجي الصهيوني على سوريا قبل أيام يثبت وبجلاء هذه الفرضية .. فعندما نظر العدو الصهيوني أن الحرب قد طالت وطال أمدها وربما الجيش العربي السوري قد استنفد قواه .. إذن نجرب كيف ستكون ردت الفعل إذا قمنا بأي عمليات جوية على سوريا..

في المقابل الكل ينتظر ماذا سيكون رد سوريا على هذا العدوان الذي لربما تكرر لعدة مرات وسوريا لازالت تحتفظ بحق الرد فالسكوت عنه ليس في مصلحتهم لان العدو الصهيوني سيتمادى أكثر وأكثر .. وإذا كان هناك رد فكيف سيكون هذا الرد وأين ومتى و الكثير من التساؤلات التي لا حد الآن لم نرى لها إجابة .. وأنا اعتقد أن القيادة السورية تعاملت مع الأحداث بشكل حكيم مما جعلت أقطاب المؤامرة تتخبط وتقذف بكل أوراقها إلى الميدان .. وفي الوقت الذي التمسوا بأن سوريا قد وصلت إلى الانهيار نرى المفاجئة والتكتيك العسكري المتطور التي انتهجته القيادة السورية في هذه الظروف عندما بدأت في إعلان الحسم العسكري وتطهير الأماكن التي يتواجد فيها أذيال أمريكا وعملائها .. وفعلا هذا ما حصل حيث تشهد هذه الأيام تطهير مناطق عدة في رسالة واضحة من قبل سوريا للعدو الأمريكي والصهيوني أن زمام الأمور لازالت بأيدينا وأننا أقوى مما مضى وأننا لن نتوقف من تطهير سوريا من رجس أمريكا وإسرائيل..

فالمتابع للأحداث في سوريا وعلى مدى ما يقارب الثلاث السنوات يجد أن هذا البلد يواجه حرب عالمية بكل المقاييس بدأت بأدوات وأوراق صنعتها أمريكا، على أنها هبه شعبية .. لكن الواقع أن أمريكا ودول الاستكبار أرادت أن تجعل عنوان عدوانها وحربها على سوريا تحت هذا المسمى لتتطور الأحداث وينقلب السحر على الساحر وتندحر هذه الأدوات القذرة .. لتظهر بعد ذلك أمريكا والعدو الصهيوني في الواجهة وتسقط بعد ذلك كل ذلك الزيف والتضليل ويتضح بأن أمريكا تقود حربا كونية على سوريا.. وهذا لأسباب عدة منها أن سوريا دولة عربية لم ولن تخضع للمشروع الاستكباري ولم تنخرط مع الامبريالية .. وكذلك من أجل وقوفها مع حركات المقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان والاحتضان لها وهذا يزعج العدو الصهيوني فيحاول ان يدمر سوريا لكي لا تكون هناك مقاومة ولا حركات مقاومة فلا بد من تفتيت سوريا وتقسيمها واضعافها وتحويلها الى دولة فاشلة وبهذه الطريقة سنرتاح وستبقى اسرائيل وهذا هو لسان حالهم .. فهم يفكرون بهذه الطريقة حيث سارعوا في التنفيذ فالتطورات الاخيرة تثبت هذه المعادلة .. وكذلك المحاولة لاخراج سوريا من محور المقاومة والممانعة وفي نفس الوقت لا تريد اسرائيل ان يكون المحيط بها او المجاور دولة عربية ذات سيادة وطنية وجيش عربي عقيدته القتالية صحيحة يعرف من هو العدو الحقيقي لهذه الامة ويمتلك ترسانة عسكرية متطورة كسوريا .. لان هذا يقلقهم كثيرا ولا يستطيعون العيش مادام وهناك من يشكل عليهم خطرا فلا بد من ازالة هذا الخطر طبعا هذه هي العقلية الاسرائيلية وهذا بعتقادي هو تفكيرهم ..

ندرك جميعا انما تقوم به الادوات ألا عربية في التخندق مع امريكا في الحرب على سوريا أنه ليس بالجديد .. حيث أنهم من باعوا فلسطين واليوم يريدون بيع سوريا فلا ضير فيما يقومون به ولا عتاب عليهم لانهم اصبحوا عملاء ينفذون كل ما تريده دول الاستكبار العالمي واضافة الى ذلك الدور المخزي الذي تلعبه ما تسمى بالجامعة العربية فيما يجري في سوريا .. وكذلك الإعلام الساقط والمظلل والكاذب كالجزيرة والعربية واخواتها فسوريا تواجه حربا اعلامية وسياسية واقتصادية وميدانية وتكالب عالمي لا مثيل له فالانتصار السوري في هذه الحرب سيغير وجه وملامح المنطقة ..

في المقابل امريكا تورطت في سوريا ولم يتحقق لها ما تريد فهي تبحث عما يحفظ ماء وجهها فتارة تطلب من ادواتها القذرة بأن يعملون مؤتمرات تعيدنا الى المربع الاول .. حيث عقد النظام السعودي مؤتمرا دوليا في الرياض قبل ثلاثة اشهر من شأنه كما يزعمون مكافحة الإرهاب الأمريكي والذي تعتبر المملكة بلد المنشئ لهذا الإرهاب .. فمن العجيب أن يسارعوا في عقد هكذا مؤتمرات وهم متورطين في هذه اللعبة الشيطانية التي تعمل امريكا من خلالها لاحتلال الشعوب ..

 

ومن الأعجب أن النظام السعودي والقطري والتركي خلال العامين المنصرمة قاموا بتأهيل واستقدام السلفية الوهابية من جميع أنحاء العالم الى معسكرات قد جهزت لهم .. وكذلك أماكن للتدريب في تركيا ولبنان ومن ثم دفعهم إلى سوريا لتنفيذ المشروع الاستكباري .. وهذا طبعا بعد أن فشلت الحرب الكونية على سوريا وانتصر الشعب السوري على هذا التكالب العالمي نرى أن الداعمين للإرهاب الأمريكي يدعون إلى مكافحته ويدعون العالم إلى اجتثاث هذا المصطلح الأمريكي واللعبة الاستخباراتية المسماه بالقاعدة ..

فالمتابع للسياسة الأمريكية خلال العامين السابقة كيف سهلت ودعمت ونقلت هذا التنظيم المؤدلج أمريكا إلى سوريا وكيف تتعامل معه اليوم .. وهذا كله لكي يدمروا سوريا ويضعفون المؤسسة العسكرية السورية التي لم ترضخ للأمريكان قط .. وهذا يثبت فشل السياسة الأمريكية في المؤامرة على سوريا ويكشف بجلاء ازدواجية المعايير في السياسة الأمريكية في التعامل مع ما يسمى بتنظيم القاعدة فتارة يعلنون الحرب عليه وتارة اخرى يدعموه ويسهلون له كل شيء هنا ينكمش وهنا يظهر هنا ندعمه وهنا نحاربه وهكذا .. وهذا ما يكشف زيف ما تدعيه امريكا ودول الاستكبار العالمي فيما يسمى بالحرب على الإرهاب وصنيعتهم القاعدة ..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى