فضاء حر

عن القضاء الذي يشتكي منه اليوم الرئيس السابق

يمنات

تابعت تباكي الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأنصاره على القضاء وتسييسه وتذمره من المحكمة المتخصصة، وتشكيهم من تسييس قضية جامع النهدين، فسخرت في نفسي منه، لأنه هو السبب في ما وصلنا إليه.

هو الذي سحق القضاء وعسكره وعين العسكر والمخبرين في مفاصلة ورفض تمكينه من الاستقلال وجعله تابع ذليل لوزير العدل، هو الذي أنشاء المحاكم الاستثنائية للتنكيل بخصومة السياسيين فإذا به اليوم يتجرع من كأس تلك المحاكم.

هو الذي حرص على مصادرة حق القضاة في تكوين منتداهم القضائي، وحرص على الحضور بنفسه عام 1996م جلسة انتخاب رئيس المنتدى وفرض تعديل النظام الأساسي ليكون رئيس المحكمة العليا هو رئيس المنتدى ومن حينه فقدنا منتدانا.

هو ووزراء عدله من كانوا يفصلون قوانين على مقاساتهم وأخرها قانون المعهد العالي للقضاء الذي فصلة غازي الاغبري وزير العدل السابق بحيث يكون معهد القضاء تابع للوزير وإذا بنا سنبتلى غداً بالأصوليين الذين سيلحقوا بالمعهد الذي يتبع وزير العدل الثوري.

ولشدة ازدراء صالح للقضاء فضل اختيار قائمة الوزارات التي كانت من ضمنها الدفاع، لأنه يعرف أن القضاء ضعيف وهش وان القضاة الذي كان يعينهم في مفاصل القضاء مجرد موظفين وعسكر لا يقوون على رفع عينهم في وجهه، متناسياً أن الجماعة عينهم على القضاء لمعرفتهم بخطورته كأدات قمع وسيطرة، فاختاروا العدل واتوا بكاتب البصائر صاحب كتاب الولاء والبراء ليكون وزير عدل.

وعينوا احد عناصرهم رئيساً للجزائية المتخصصة والآن يجرعوك من نفس الكأس الذي جرعته خصومك .

لو مكنت القضاء من الاستقلال لكنت ضمنت محاكمة عادله لنفسك أولاً قبل الشعب اليمني.

الاخوان المسلمون استفادوا من تجربة الرئيس السابق في تطويع القضاء وإفراغه من محتواه واستخدامه كأداة قمع للخصوم السياسيين وخدمة أجندتهم السياسية والحزبية بدلاً من خدمة المواطن وإسداء العدالة له بيسر وسهولة.

بالأمس اقر البرلمان تعديلات قانون السلطة القضائية، الذي ركز السلطات كلها بيد رئيس مجلس القضاء وأبقى على أهم اختصاصات وزير العدل. وغداً سيأتون برئيس مجلس قضاء من تيارهم الايدلوجي.

والأغرب أنهم مكنوا النيابة العامة من الاستقلال وابقوا على تبعية المحاكم لوزير العدل مالياً وإدارياً.

والأخطر من كل ذلك أنهم ابقوا نص المادة (8) من قانون السلطة القضائية وادخلوا عليها تعديلات خطيرة تجيز لمجلس القضاء الأعلى بناء على اقتراح رئيس التفتيش القضائي إنشاء محاكم قضائية ابتدائية أو شعب إستئنافية متخصصة نوعيه في المحافظات متى دعت الحاجة لذلك.

أي انه أبقى الباب مفتوحاً على مصراعيه لإنشاء محاكم استثنائية.

هذا النص خطير لأنه مخالف للدستور النافذ الذي بقضي بأنه "لايجوز إنشاء محاكم استثنائية بأي حال من الأحوال" (مادة 150) من الدستور.

كما أن الدستور ينص على أن "يرتب القانون الجهات القضائية ودرجاتها ويحدد اختصاصاتها"(مادة 150).

وقد اطلعت على دراسة مستفيضة للقاضي الدكتور عبد الملك الجنداري عضو المحكمة العليا بعنوان المادة (8) من قانون السلطة القضائية وتعديلها بين الدستور والقانون والواقع.

وفي الأخير أناشد الأخ رئيس الجمهورية الاضطلاع بمسئوليته الدستورية بإيقاف إصدار قانون السلطة القضائية لما شابه من خلل وعوار.

ما لم فمحاكم التفتيش قادمة لا محالة اللهم إني بلغت.

زر الذهاب إلى الأعلى