أدب وفن

حنين المفارق

المستقلة خاص ليمنات

بوجدانه المشبع بأسى حكايات الفراق في أيام التشطير وبدموع المفارقين وتنهداتهم عند نقاط العبور بين الشطرين تكبد الأستاذ راشد محمد ثابت عناء ترجمة خيالات وأحساسيس وعذابات الغربة والفراق إلى صور حية نابضة بالحنين الدافق وصدق الشعور وتوجه بخطاب اللوعة لحاملات الشريم على لسان مفارق شفه الوجد وأضناه الهيام..

يا حاملات الشريم.. والطل فوق الحشائش..

معطرات الزنان.. فوق الصدور الزراكش

هيا اسبقين الطيور.. وغردين بالغباشش..

لمين حشيش البكور.. واطوين سبول عالمحاجش

ومن ندى الغيم رشين.. قليب ولهان عاطش..

وغنيين للبعاد.. للي ترك قلب فاتش

هاجر ولوعة حبيبه.. تسكب دموعه درادش

* * *

سحابة الفجر سيري.. مع حنين المفارق..

رشي فؤاد المتيم.. ندى سخي العطر عابق

من مخمل الغيم غطي.. لواعجي بالبيارق..

بلي بهطلك قليب.. صبابته كالحرائق

وجنِّحي عالذي.. شوقي إليه سيل دافق..

وبلغيه بالمراد.. إني بعهده لواثق

* * *

يا شارح الحول بشرى.. حولك يفتح فراجم..

مثل الجنان بسبوله.. أخضر بكل المواسم

عراجش السوم تزهر.. ورده بوصلك هايم..

والأقحواني متيَّم.. شوقه إليك شوق صائم

أذكر عهود الشواجب.. همس العيون والمباسم..

عود يا حبيبي لحولك.. خير الصراب فيك حالم

وتاريخ كتابة هذه القصيدة كما يروي الأستاذ راشد محمد ثابت يعود إلى العام 1983 عندما كان  وزيراً للثقافة في الشطر الجنوبي حيث كان يومها في زيارة إلى تعز ومعه حسن اللوزي وزير الثقافة في الشمال آنذاك والذي رافقه في زيارة أثيرية إلى وادي الضباب وهناك شاهد الأستاذ راشد على جانب الطريق فتاة تحمل كل صفات الجمال بلباسها الريفي المميز وهي تربط بقرتها إلى جذع شجرة ثم تدخل الحول لجمع الحشائش وتعود لتطعمها فأثر فيه هذا المشهد وكتب المقطع الأول من القصيدة ثم أكمل الباقي في عدن بعد عودته وعقب ذلك قام بإرسالها مع صديقه عبدالجليل الرعدي ليوصلها إلى فنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي في تعز والذي بدوره قام بتلحينها وتسجيلها عقب سنتين من تاريخه..

ومن حكايات هذه الأغنية أيضاً كما يروي أحد سائقي الأجرة خط تعز عدن أن امرأة ركبت معه هي وبناتها من تعز إلى عدن فسمعت هذه الأغنية تنطلق من مسجل سيارة البيجو وكانوا ساعتها على الطريق وتحديداً بمنطقة كرش من مديرية القبيطة.. وبمجرد سماعها اللحن لم تتمالك تلك المرأة دموعها وأجهشت بالبكاء حتى أبكت كل من كانوا على متن السيارة وعندما أراد السائق إغلاق الأغنية لم تسمح له بذلك وقالت له أنت لا تدري بماذا تذكرني هذه الأغنية.. لقد سهرت الليالي الطوال معها وأنا مخطوبة أنتظر عودة خطيبي من عدن لعشر سنوات قبل الوحدة حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية ولم يسمح له بالعودة إلى الشمال وقتها بسبب النشاط السياسي لأحد أقاربه في الأسرة ورغم أنه عاد بعد عشر سنوات وتزوجنا وأنجبنا هؤلاء البنات إلا أنني كلما سمعت صوت أيوب يردد هذه الأغنية أتذكر ما عانيته من الأشواق والحنين بأيام شبابي فلا أستطيع أن أحبس دموعي..

زر الذهاب إلى الأعلى