فضاء حر

عن تعز وصبرها الشاهق!

يمنات

(تعز): اسمها تعز، وتُدعى الحالمة..الحاسمة ..

هي فعلاً (تعز)؛ لا يمكننا القول أنها تقع في..أو..،أبداً، هي لا تقع وليس لها حدود؛ إنها الكثيرة والمزهرة في كل شبرٍ هنا وهناك.. الحاضرة في كل مكان.. الراسخة في الوجدان وبكثافة في كل المراحل وعلى كل الجهات.

هي الأرض والإنسان والثورة : سبتمبر.. أكتوبر.. و..

هي عبد الرقيب.. عيسى.. عبد الفتاح..

مازن البذيجي، الشهيد البطل الذي جسد معنى الحادي عشر من فبراير.. تفاحة..عزيزة.. زينب.. ياسمين..

تعز: القريبة من السماء بـجبل (صبر/ها)، موطن الحلم المعتق.. مدينة ترمم جدران الحياة وتبعث الأمل.

هي ثورة الحادي عشر من فبراير التي أشعلتها مطلع العام 2011م، حيث أحترق قلبها في التاسع والعشرين من مايو نفس العام؛ في جريمة بشعة اُرتكبت ضد إنسانيتها أمام مرأى ومسمع العالم كلّه، فخاب ظن القتلة حينها؛ باشتعال الثورة أكثر من ذي قبل، وما هي إلا أيام قلائل، وإذا بثوارها رغم أنف العنف المستمر، وجراحاتهم النازفة.. يعلنون عزمهم الزحف نحو "صنعاء"؛ لكسر قداسة المركز.

 

هي من ألغت نمطية المسافة؛ بتحدٍ ، متجاوزة الخطوط الحمراء، وحطمت جدار العزلة بين مختلف المناطق والجهات..

بمسيرة راجلة أدهشت العالم ووضعته في المحك؛ وهي تزهو وتنزف كعادتها مؤكدة أن الثورة مسيرة حياة..

هي تعز، وستظل دوماً.. تعزُّ عليها حرية وكرامة وآدمية الإنسان.. أبداً لا تذل.

 

فماذا عسانا أن نقول اليوم عنها وفيها؟!

نعم، ما جدوى القول هنا؛ وهي تبدو وحيدة، في مواجهة قوى تستمرئ العبث وتحاول الاستفراد بها كالعادة؛ في مرحلة – انتقالية – قدمت لأجلها هذه الحالمة، ما يكفي وأكثر لأن تحظى (على الأقل) برعاية خاصة ووضع استثنائي، لا كما نطمح الآن؛ أن تتجاوز فقط دوامة الرعب ؟!

حريتها مقيدة، وحياتها معطلة بالقهر والفوضى وتفشي الجريمة.. إنه وضع بائس ومخيف حقيقة، دفع الكثير من شبابها إلى الانكفاء على الذات، بحثاً عن هوية ناجزة في تاريخنا الممتد الذي يُعاد إنتاجه عبثاً هكذا.. ابتداء من الدولة الصليحية مروراً بالرسولية حتى قدوم الأتراك؛ والتوقف عند (اتفاقية دعان)1911م؛ تلك المعاهدة التي وقعها الإمام (يحي) مع الدولة العثمانية واعترفت بحكمه للمناطق التي يسيطر على (الزيود)، ومنحته فيما بعد أمر الوصايا على (تعز)، بعد انسحاب الأتراك والاعتراف به إماماً تابعاً لهم (..)

بالتأكيد، إنهم يبحثون عن حكم ذاتي، وهذا مؤشر خطير رغم مشروعيته؛ قد يقودنا في ظل تضاعف حالات التوتر والتشظي إلى ما هو أسوأ.. الأمر الذي يجعلنا هنا، نحذر (الأطراف المشتركة)، من خطورة تغييب (تعز)، ومحاولات احتواؤها ؛ بمحاصصة دنيئة تقوّض سلطتها وتغتال حلمها الجميل!

يا جماعة.. (تعز) لا تحتاج إلى جمعية خيرية؛ إنها (تواقة) وتمتلك مخزوناً ثقافياً كافياً يمكنها من العيش بسلام دون خوف، وبالتالي، على الجميع تحمل مسؤولية ما يحدث في هذه المدينة التي ظلت على طول المراحل برأسمالها البشري والمادي قرباناً لمشروع وطني غائب، والإسراع في معالجة وتجاوز ما أفسده (الإصلاح) فيها وبها، ومن ثم إتاحة الفرصة أمام الوعي ليأخذ مجراه الطبيعي وإنتاج مشروعه المدني الممكن.

 

بالطبع، قد لا أجدني كثيراً مع شوقي؛ لكنني أبداً لست مع من يدّعون حبها () ويقفون ضده..إنني معها فقط، مع "شوقي" إليها دوماً وأبداً.. شوقي لها ولحلمها الجميل.. شوقي (هذا) الذي يزداد شوقاً وخوفاً في آن؛ فما تعيشه هذه المدينة..أمر يحتم علينا جميعا الوقوف أمامه بحزم والعمل بكل الوسائل لإيقافه، وعليه لا يسعني هنا إلا أن أقول: ينبغي أن يعود (شوقي)إليها أكثر عزماً وقدرة، وعلى كل المخلصين فيها ولها أن يضعوا أياديهم بيده؛للعمل بروح واحدة وتنصيب الثقافة كقوة وسلطة مجتمعية، وذلك حتى لا نفقد الأمل في القيمة التاريخية والحضارية التي يشكل حضورها اليوم واستمرارها، أهمية قصوى في المضي قدماً نحو صياغة مستوى أخر من الوجود!

 

منك السلام..

وعليك السلام..

تباركت يا منبع العز والإكرام.

[email protected]

عن: صحيفة """""صوت العمال

زر الذهاب إلى الأعلى