فضاء حر

استدراك

يمنات
ما الذي يمكنني قوله اليوم ونحن ننسحب نحو كهفٍ مسحور بتصالح تام مع البؤس؟ ماذا سأقول وأحلامنا تتفسخ انتظاراً في واقعٍ كل ما ينضح به يؤكد الخلاف لا الاختلاف، خلاف بين أمل يريد جاهداً الحياة، ويأس يقاوم بشدة محاولاً شرعنة بقاءه بنا ؟ .. هل أُعري كل هذا العراء العاهر ..
ماذا عساني أن أضيف الآن إلى هكذا فضيحة ؟؟! وما جدوى تلاوة ما تيسر من قهرنا الباذخ كل يوم على ايقاع أنيننا الغائر ؟! .. المعذرة ، كم أشعر بالخجل .. كم أرغب فعلاً أن أبوووول بدلاً من أن أقول.. *** تكتب .. تشرح .. توضح .. تحلل .. تبتعد وتقترب …تحتج أحياناً؛ فتغيب متوارياً في غياهب الصمت، ثم تأبى وتعود.. لتستمر كعادتك .. حالماً تحطب شجر العمر هكذا .. وتوقد جمر الأمل. مع ذلك.. لا من جدوى تشعرك بقليل من الزهو في لحظة استرخاء طافحة؛ وكأنك لم تفعل شيء بعد.. لا شيء غير هدر قاتل يغريك بمزيد من الأوهام الجميلة، كي تستمر فقط.. تكتب وتشرح وتوضح وتحلل تدور وتدور و تدور .. هذه هي حياتك وما عليك إلا أن تخلص وتبدع في دورانك هذا.. حتى تدوخ وتذهب بعيداً فتفوز بالمجهول. … بالطبع، الناس هنا، يدركون ضياعهم جيداً؛ حيث تجدهم يمارسون دوماً طقوس البكاء، أملاً في الوجود.. ولكن.. كما ترى؛ صاروا يعيشونها _دونما جدوى_ بشغف يومي؛ وكأنها انتصارهم الوحيد، بل والقدر الذي يوحّدهم ويوجِدهم في الضياع؛ لقد استهواهم التيه فتناسوا معنى الحياة .. وعليه.. تجد نفسك في واقع بائس كهذا.. بين الحياة والموت.. بل بين الموت والموت؛ غائباً مغيباً .. حائراً بين العودة واللاعودة ..
بين العقل والعنف، لا تستطيع تحديد خيارك ، إلا بحسب الإمكانية التي يتحكم بصناعتها البؤس نفسه، وهذا ما يؤكد شدة الأزمة المضاعفة؛ في أن تتحدث عن مسار بلد، أصبح فيها العنف خياراً وثقافة وطنية! نعم، قد يصعب تحديد أبعاد وملامح القادم حقيقة؛ ولكن .. يمكن القول بإيجاز: أنه يمثل قوة الترابط بين تلك الثقافة ومستخدمي مخرجاتها () *** كنا نأمل بأن يبدو الحال مختلفاً.. بيد أن “السلطة” (هنا) وكأنها قد تحولت تماماً.. من وظيفة صنع مجتمع يعمل ماضيه على إثراء حاضره إلى وظيفة لاغتصاب التاريخ ومصادرة الجغرافيا والسطو على مكونات المستقبل؛ فحالة الانفصام لا تزال تفرض منطق حضورها كالعادة، إمعاناً في الاضطهاد وإنتاج المزيد من المآسي، وذلك بتزييف وعي الناس وإيهامهم بأن كل شيء على ما يرام، في الوقت الذي لا يشعرون فيه بأي تحسن ملموس يطرأ على حياتهم سوى المزيد من القهر..
الأمر الذي يشعرنا بالخوف ويجعلنا نحذر مراراً.. من خطورة تكرار نفس البرامج والأساليب المزمنة، في هذه المرحلة التي نرجو أن تكون “فاصلة”، والمفتوحة على كل ما هو أسوا؛ مع تراكمات تلك الثقافة التي تروض الفشل وتساند مظاهر التفتت الاجتماعي والديني والطائفي، والترويح للاستسلام والرضوخ للأمر الواقع والتعامل مع معطياته كوسيلة للخلاص .. وبالتالي ، على الوعي السياسي الحالم بغدٍ أفضل .. الحامل يقايا أمل في إيجاد مشروع وطني على هذه الرقعة، استشعار المسؤولية وضرورة العمل بضمير على تجسير الهوة، ورفد الحياة بتغيرات نوعية في طرائق التفكير وأنماط السلوك؛ ليتمكن الجميع هنا من إخضاع المفاهيم والتعامل مع حقيقة الواقع، وضمان القدرة على الإنجاز ولو بالحد الأدنى؛ حتى لا تهدر فرصتنا الأخيرة للنجاة، ويصبح سلطان الفوضى حاكماً مطلق السيادة تتراجع أمام سطوته كل ما تبقى من عناصر الخير والجمال.. فيظل اليمني مسحوراً بزيفه لاهثاً خلف أراجيف الوهم في انتظار ما سيُقدم له على مائدة قهره المستمر ()
*** تقهرني تلك المسافات التي تعبر بي _غياباً_على نفس المكان ولا تصل ولكن، تظل أمي عزائي الوحيد في هكذا سفر سافر .. وهي تكفيني لأعود وأنسى و”تعزُّ” لحظتي_هنا_ أملا.
في انتظار الانتظار

زر الذهاب إلى الأعلى