حوارات

الشاعر عبد الله الديلمي: سجن الأمن السياسي أكاديمية تؤهل عناصر للقاعدة وكثير من صغار السن والمختلون عقلياً لا يزالون معتقلون

يمنات – صحيفة الغد

يتحدث إلى "الغد" عبد الله الديلمي عن زكاة نضاله السلمي كأحد شباب الثورة الشبابية, تمثلت بسنة وأربعة خلف القضبان في مركز الاعتقال التابع لجهاز الأمن السياسي بصنعاء, مشيراً إلى جانب من الانتهاكات تمارس ضد المعتقلين هناك, بمن فيهم صغار السن..

الديلمي كشف عن منع توزيع صحيفتي "الثورة" و"الجمهورية" للمعتقلين في سياسي صنعاء بسبب التغييرات التي طرأت على الصحفيين بعد ثورة الشباب الشعبية, وانحيازها إلى مطالب الشعب, ويقول الديلمي إنه تلقى تهديداً من مدير التحقيقات في جهاز الأمن السياسي قبل خروجه من السجن إن حاول التحدث عن الانتهاكات التي تحدث داخل السجن؛ كما توعده بأن تلصق له تهمة ويعيده إلى السجن مرة أخرى, نقل الديلمي عدة رسائل من الصحفي عبد الإله شائع المعتقل في جهاز الأمن السياسي منذ أغسطس 2010م.. تفاصيل أكثر في الحوار التالي:

حاوره: مصطفى حسان

• يقال إن اعتقالك كان على خلفية إسهاماتك في ثورة الشباب السلمية, من خلال قصائد ألقيتها في الساحات, هل صحيح؟

– بداية بدأت قصائدي التحريضية ضد النظام السابق قبل ثورة الشباب, وتحديداً منذ ما بعد الانتخابات الرئاسية عام ثورة الشباب, وتحديداً منذ ما بعد الانتخابات الرئاسية عام 2006م الى أن تم إطلاق الثورة التونسية, وبعدها الثورة المصرية, في ثالث يوم من قيام الثورة المصرية, نشرت قصيدة تحريضية, تدعو أبناء الشعب اليمني للاستفادة من هذه اللحظة والانتفاض ضد النظام السابق وإعلان الثورة. أما بعد انطلاق شرارة الثورة السلمية, فقد وفدت الى ساحة التغيير وألقيت عدة قصائد, كان اولها قبل جمعة الكرامة, بعد ذلك سافرت الى بعض ساحات الاعتصام في الجمهورية, وألقيت فيها قصائد مؤيدة للثورة السلمية.

• حدثنا كيف تم اعتقالك, ومتى كان ذلك؟

– قمت بإعداد قصيدة شعرية, وأردت الذهاب إلى مأرب كي ألقيها في ساحة الاعتصام, لكن الحالة المادية لا تكفي للسفر, بعد أيام قليلة التقيت بأحد الأشخاص, وهذا الشخص أراد مني في وقت سابق إحياء أمسية شعرية في ائتلاف شاب المستقبل, لكنها لم تتم, أثناء الحديث أخبرته أنني أنوي الذهاب إلى ساحة الاعتصام بمأرب, فقال لي؛ أنه ستوجه إلى مأرب في الصباح, ومستعد يأخذني معه, عندها فكرت أنني سأوقر المواصلات فقبلت وانتظرته في الصباح, بعد ذلك التقينا في شارع خولان كي ننطلق إلى مأرب, عندها تفاجأنا بأشخاص مجهولين, ألقوا علينا القبض, وعصبوا علي أعيننا وأخذونا إلى سجن الأمن السياسي وكان ذلك في تاريخ 5 يناير 2012م.

• أثناء اعتقالك نشرت بعض القنوات والصحف أن سبب اعتقالك هو قيامك بنشر مقطع فيديو يظهر رئيس مجلس النواب يحيى الراعي وهو يحرض القبائل على قمع تظاهرات سلمية لشباب الثورة, ما حقيقة ذلك؟

– أولا أنا لم أقم بذلك التصوير, حتى وإن كنت أنا الفاعل, فهل يتم معاقبتي بهذه الطريقة؟! ثم أليس من العدل والإنصاف محاكمة الذين يحرضون على القتل وقمع الاحتجاجات السلمية خصوصا عندما يكزن هؤلاء في موقع المسؤولية, وليس من قام بنشر أو تسريب أدلة تثبت تورط أولئك في جرائم يعاقب عليها القانون.

• لكن وسائل الإعلام المؤيدة للثورة, نسبت ذلك الفيديو إليك؟

– أعتقد أن ما جعلهم يعتقدون ذلك هو أنني كنت ناشطاً فعالاً في ساحة التغيير بصنعاء, وأيضاً بحكم أنني من منطقة رئيس مجلس النواب يحيى الراعي.

• بعد احتجازك لدى جهاز الأمن السياسي, ماهي التهمة التي وجهن إليك؟

– في أثناء الاستجواب لدى المحققين في الأمن السياسي قالوا لي أنت متهم بنية السفر إلى كتاف للقتال ضد جماعة الحوثيين, ولكن أمام النيابة الجزائية تفاجأت بتهمة أخرى عندما قالوا أنت متهم بتشكيل عصابة مسلحة, لاغتيال ضباط في القوات المسلحة, وتخريب الوطن, وإقلاق السكينة العامة, لكن القاضي الجزائي برأني من تلك التهمة.

• أثناء التحقيقات هل تم ذكر مقطع الفيديو؟

– تم سؤالي عن المقطع, وإن كنت أعرف الذي قام بنشر الفيديو أم لا, فكانت إجابتي بأنني لست الفاعل, ولا أعرف من الذي قام بنشر ذلك الفيديو.

• تفاجأ الجميع وخصوصاً شباب الثورة, عند قيام جهاز الأمن السياسي بنشر صورك ضمن متهمين آخرين بأنكم خلايا تتبع تنظيم «القاعدة» ما تعليقك؟

– الجميع يعرف أنني من أكبر المناهضين لفكر "القاعدة" حتى عندما تم القبض علي وجدوا معي قصيدة كنت سألقيها في ساحة الاعتصام بمأرب, وفيها بعض الأبيات التي هاجمت فيها "القاعدة" لكن للأسف الشديد الأمن السياسي دائما يقوم بالقبض على الأبرياء ويلصق لهم هذه التهم, ويقوم بتعذيبهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم وإهانتهم, مما جعل البريء يخرج ليلتحق بهذه الجماعات وأنا أسمي سجن الأمن السياسي بالأكاديمية العليا لتخريج قيادات وأفراد تنظيم القاعدة.

• ما الذي جعلك تطلق عليه هذا الاسم؟

– بسبب الظلم الذي يلاقيه الضحية داخل هذا السجن وسوء المعاملة وزرع البغض في قلبه على الوطن, والأهم أن اعتقاله ظلماً وزوراً دون وجود أي دليل ضده, ربما تم القبض عليه بمجرد الاشتباه فقط, ومع ذلك لا يجد حتى مجرد اعتذار او تعويض عن الانتهاكات التي تعرض لها.

• من خلال تجربتك في سجن الأمن السياسي, ما حقيقة الخلايا التي تعلن عنها السلطات بين فينة وأخرى على أنها خلايا إرهابية تتبع تنظيم »القاعدة»؟

– في حقيقة الأمر جهاز الأمن السياسي لم يُفشل أي عملية إرهابية, ولكنه يغطي فشله باعتقال ابرياء أو مشتبه بهم ثم يجمعهم جميعاً, ويعلن أنهم خلية إرهابية واحدة, بالرغم من أنهم لم يتعارفوا على بعض إلا من خلال السجن, بل إن بعض عناصر تلك الخلية يكون معتقلاً منذ ثلاث أو أربع سنوات, وآخر منذ ستة أو سبع أشهر, وليس بينهم أي علاقة أو سابق معرفة, وهكذا.

• أنت أحيلت قضيتك إلى المحكمة الجزائية المتخصصة التي أصدرت حكماً بالإفراج عنك فوراً, كيف تعاملت أجهزة الأمن مع حكم المحكمة؟

– قضت المحكمة الجزائية بالإفراج عني فوراً وأكدت في منطوق الحكم بأنها لم يجد ضدي أي إدانه, إلا محاضر جمع الاستدلالات التي لا تصح قانوناً, وبعد أعضائها مع جهاز الأمن السياسي, ثم صدر الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي, وأصدر النائب العام أمر بالإفراج لكن الأمن السياسي رفض الإفراج عني, وبقيت قرابة ثلاثة أشهر في السجن, بالرغم من الأحكام النهائية بالإفراج عني.

• باعتقادك لماذا امتنع الأمن السياسي عن الإفراج عنك؟

– قبل الإفراج عني بأيام وعندما بدأت الدخول في إضراب عن الطعام, احتجاجا على عدم الإفراج عني قال لي مدير التحقيقات بالجمهورية أن سبب تأخيري, هو خوفهم أن أقوم بتهييج الساحات ضدهم, وذلك عندما كانت الخيام مازالت في ساحة التغيير, ولذلك انتظروا حتى تم رفع الخيام, ثم هددني أنني إذا نشرت فيا لصحف أو في القنوات ما يدور في السجن من انتهاكات لحقوق الإنسان, أو نشر قصيدة ضدهم, بأنهم سوف يلصقون لي تهمة أكبر من الأولى, كي يعيدوني به إلى السجن.

• هل ما يزال هناك معتقلون صدر بحقهم حكم بالإفراج وما يزالوا في السجن؟

– عندما خرجت من السجن, كان هناك شخص له حكم براءة, وقد تعدى سجنه السنتين, ولم يتم الإفراج عنه, وشخص آخر حكم عليه بالسجن لمدة سنة, وقد انتهت محكوميته قبل ستة أشهر تقريباً, وما يزال معتقلا حتى خروجي ولا أعلم هل تم الإفراج عنهم أم لا.

• في سياق كلامك قلت أنهم هددوك, لو كشفت لوسائل الإعلام الانتهاكات التي تحدث في سجن الأمن السياسي, هل هناك بالفعل انتهاكات وما طبيعتها؟

– نعم هناك انتهاكات خطيرة, بعض المعتقلين شكا لي أنهم خلال التحقيقات هددوه بانتهاك العرض, والبعض قال بأنه تعرض للصعق الكهربائي في أماكن حساسة والتعرية, وبعض المعتقلين تم تعليقهم لأيام قد تتجاوز الأسبوع, ويمنعوهم من النوم, ويتعرضون للضرب المبرح.

• ما حقيقة التصعيد الذي قام به السجناء بالإضراب عن الطعام في 20 ابريل الماضي؟

– بسبب امتناع جهاز الأمن السياسي عن الإفراج لمن صدر بحقهم أحكام براءة, وبسبب سوء المعاملة, وسوء التغذية, وانعدام الصحة قرر جميع المعتقلين الإضراب الكلي عن الزيادة, وفتح باب التطوع لمن يريد الإضراب عن الطعام حتى تتحقق مطالبهم.

• ما هي هذه المطالب؟

– إطلاق سراح من صدر بحقهم حكم الإفراج, والكف عن الإهانة, وسوء المعاملة وإيجاد تغذية صحية والاهتمام بالجانب الصحي.

• هل قام جهاز الأمن السياسي بخطوات ضد هذا التصعيد؟

– للأسف أن الجهاز لم يتجاوب بل أقدم على منع المعتقلين من الخروج إلى الشماسية تأديباً لهم, وهددوهم بإدخال قوات مكافحة الشغب لضربهم وإجبارهم على كسر الإضراب.

• هل دخلت مكافحة الشغب؟

– لم يتم إدخال مكافحة الشغب حتى خروجي مطلع مايو الجاري, وذلك لأنه ليس في صالح الأمن السياسي إدخال هذه القوات إلى السجن والاعتداء على المعتقلين.

• هل ما يزال المعتقلون مضربين عن الطعام؟

– لا يزال المعتقلون مضربين عن الطعام, وعندما خرجت كان قد مر على الإضراب 12 يوماً, والآن لم اعد أدري بعد خروجي هل مازالوا مضربين أم لا.

• بحكم المدة التي قضيتها في سجن الأمن السياسي هل هناك معتقلون تحت السن القانوني؟

– نعم هناك معتقلون تحت السن القانوني شباب لا تتجاوز أعمارهم تقريباً 15 عاماً وهناك معتقلون تتجاوز أعمارهم تقريبا 60عاماً, والعجيب أنهم يقومون باعتقال حتى المختلين عقلياً (المجانين).

• أثناء وجودك في سجن الأمن السياسي هل التقيت الصحفي عبد الإله شائع؟

– نعم, التقيت به وكان من أعز أصدقائي في السجن.

• كيف كان حاله وهل شاهدت سوء معاملة يقوم بها جهاز الأمن السياسي بحقه؟

– قبل عدة أيام من خروجي تعرض للتفتيش بالقوة, وهو في زنزانته يؤدي الصلاة ومن قبل أخبرني عبد الإله حيدر إنهم منعوه من مقابلة المحامي أثناء محاكمته, بل رفضوا السماح له بالتوقيع على تجديد بطاقة الائتمان (Visa Card) التي تستطيع من خلالها عائلته السحب من رصيده في البنك لأجل المصاريف التي يحتاجونها ويتم حرمانه من الصحف اليومية مع إعطاء غيره هذه الصحف.

• ما هي الصحف التي يتم توزيعها على المعتقلين؟

– في بداية الأمر كان يتم توزيع الثورة والجمهورية وصحيفة 14 أكتوبر, فلما وقفت صحيفة الجمهورية مع الثورة الشبابية تم منعها وتم توزيع الثورة و14 أكتوبر, ولكن عندما تم تغيير هيئة تحرير صحيفة الثورة وأصبحت تتحدث بلسان الشعب منعت أيضا, ولم يتبق إلا صحيفة 14 أكتوبر فقط.

• كنت قد أخبرتني بأن الصحفي عبد الإله حيدر شائع حملك رسالة إلى زملاء المهنة؟

– نعم, وهذه الرسالة تم تسريبها بخفاء تام لأن الأوراق وكذلك الأقلام ممنوعة, ونص الرسالة كالتالي:

نص رسالة الزميل الصحافي عبد الإله حيدر, الى زملاء المهنة

بسم الله الرحمن الرحيم

توصيف أن الأمريكان سجنوني توصيف غير دقيق لأنه وجد منهم وفيهم ومن دافع عني وتضامن معي ومنهم من أعترض سجني وحقيقة الأمر أن هناك شخص واحد هو الذي سجنني وهو المتهم والمدان والمتلبس في اختطافي وسجني وهو أوباما.

ولا أفضل أن يتناول الإعلام أن أمريكا أو الأمريكان سجنوني, وهذا بي ظاهر بأدلة مادية وقطعية.

وكما أن اشتياقي لأمي وأهلي كبير لكنه لا ينسيني اشتياقي لكم أيها الزملاء والأصدقاء الأوفياء وكل ما تفعلوه من أجلي هو من عوامل صبري في زنزانتي الانفرادية فأنتم تعيشون معي رغم وحدتي وخلوتي.

وتضامنكم ودفاعكم عني يؤنس وحشتي ولن أنسى ما حييت مواقفكم النبيلة والمشرفة التي أفخر بها أبد الدهر.

• هل من رسالة تود أن توجهها للحكومة بشكل عام ولشباب الثورة بشكل خاص؟

– أما رسالتي للدولة, فأقول لهم بان اكبر خطوة يتخذوها من اجل القضاء على الإرهاب هي إغلاق سجن الأمن السياسي لأنه يعتبر السبب الأول لانتشار العنف والإرهاب وتكاثر أنصار "القاعدة", ويولد كراهية وبغض لهذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعهاً, أما رسالتي لشباب الثورة, فأقول لهم صحيح أن أهداف الثورة لم تكتمل ولكننا سوف نمضي حتى تحقيق كامل الأهداف التي خرجنا وضحينا واعتقلنا من اجلها ولن يردنا عن ذلك أحد حتى لو خسرنا أغلى ما نملك.. كما أحب أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل شباب الثورة وكل الأحرار الذين ناصروني وقاموا بمسيرات ومظاهرات من اجل إطلاق سراحي.. كما أشكر جميع المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام بأنواعها التي وقفت إلى جانبي في هذه المحنة, حتى تم إطلاق سراحي وأرجوها أن تستمر في البحث عن قضايا المظلومين ومناصرتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى