فضاء حر

بداية سيناريو استهداف رئيس المحكمة الإدارية

يمنات

أخيراً وجدوا ما يعتبرونها "جنحة" على رئيس المحكمة الإدارية الدكتور بدر الجمرة لقيامه بتوقيف الطبيب أنور مغلس بضع دقائق لرفضه رفع تقارير الجرحى إلى المحكمة ورفعها إلى طرف في القضية وهو الحكومة..

"جنحة" الدكتور بدر الجمرة أنه قاض محترم ونزيه ومستقل، ويتعامل ببداهة وحدة ذكاء وفقاً لما تقتضيه مصلحة القضية..

بضع دقائق في الحجز، وبأمر قاضي، وليس عصابات، ولا نافذين، ولا أجهزة قمعية، كانت كفيلة بتحريك الهيئات الطبية النقابية في مستشفى الثورة ونقابات الأطباء، وطبيب العناية المركزة الدكتور درهم القدسي لا زال كفنه يتجدد حمرة يومياً متضرجاً بدمائه دون أن تنفذ له تلك الهيئات وقفة احتجاجية يوماً في السنة على الأقل في ذكرى استشهاده..

دعونا من الانفعالات والشطحات العاطفية التي لا تقرأ التفاصيل ولا تتعامل سوى مع النتيجة..

وطالما أن الأخبار اشتغلت على رئيس المحكمة الإدارية، بل وتتهمه بنكتة سمجة بـ"تسييس العمل الطبي"..

تخيلوا أن القضاء يسيس العمل الطبي الغارق في السياسة والنقابات المفرخة والاصطفافات الحزبية من زمان كما نعرف.. لكن الواقع أن نقابة الأطباء بعد طول خنوع وفتور وخور عن تحقيق مطالب منتسبيها، وانسجامها وربما تواطؤها مع السلطة التنفيذية، فإنها تسعى لصرف الأنظار وتحقيق انجاز في مواجهة القضاء الذي بدأ يتعافى..

نشرت صحيفة الثورة خبراً عن توجيه رسالة من مدير المستشفى إلى وزير العدل (منزوع كامل الصلاحيات والسلطات حالياً على القضاة)، يطالبه بالتجاوب مع مطالبهم بإرغام القاضي على الاعتذار والتحقيق معه، في قضية الدكتور مغلس.. ويلوح بتعليق عمل اللجنة الطبية إذا لم يتم التجاوب معهم من قبل وزير العدل..

ملابسات القضية كما فهمتها أن القاضي اتصل برئيس الفريق الطبي، وطلب منه الحضور لتقديم تقارير الجرحى الذين تتكفل اللجنة الطبية بفحص حالاتهم، حضر الدكتور أنور ، فطلب منه القاضي التقارير فرد عليه لا يوجد تقارير، مع انه رفعها للحكومة التي هي طرف في القضية ويوجد صور منها لدى القاضي، واحتجاز الدكتور كان لبضع دقائق لغرض الردع واحترام أوامر القضاء، وتم إطلاقه قبل أن تصل الوزيرة جوهرة حمود إلى المحكمة..

الدكتور مغلس صرح بأن احتجازه جاء بسبب دوافع فئة مُعينة تريد فرض املاءات على اللجنة الطبية من خلالها تمييز أشخاص مُعينين والتأثير على أداء اللجنة وتعاملها مع جميع الجرحى بأنهم متساوون في حق التداوي مهما كانت انتماءاتهم وتعمل بمهنية دون أن تقدم "حوثي" على سائر الجرحى.. (هذا التصريح المبرمج كان منسجماً مع نغمة أخبار اليوم التي نشرته)..

دخلت فيها الحوثية الوتر الحساس إذن.. طبيب مبرمج بامتياز، ويجيد التدليس واللعب على الأوراق الحساسة، وأصبح صاحب قرار وأمر ونهي في قضية الجرحى، مع انه معني بفحص الجرحى الذين تحيلهم إليه المحكمة، وهو جهة فنية لا أكثر، لكن يبدو أن الأمور بدأت تحبك وتزاد، وتصنع بطولات..

بدر الجمرة قاض محترم ونزيه ومتعافي من الأمراض التي تعاني منها الجهة التي كتبت ذلك التصريح، ويتعامل مع الجميع باعتبارهم مواطنين يمنيين فقط، لا يميزهم عرق ولا لون ولا جغرافيا ولا لقب، ولا يجدر بأي جهة محترمة أن تزج بالقضاء المستقل في الأمراض والتعصبات القبيحة التي أرهقت المجتمع وتوشك أن تجهز عليه..

يقول نجيب الحاج محامي الجرحى إنه كان الأولى أن يقوم القاضي بإحالة الدكتور مغلس إلى النيابة لكونه خالف أوامر القضاء وسلم التقارير إلى الحكومة بدلا من تسليمها إلى المحكمة ولا زالت تلك التقارير حبيسة أدراج علي النعيمي الذي كان يتفسح في القاهرة..

 

القاضي الدكتور بدر الجمرة أعاد الأمل لليمنيين، بدون مجاملة، بقضاء مستقل عادل ونزيه ومتجرد، وحازم، وقدم أحكاماً طالت رموز البلاد كلها وساوى بين المتقاضين، وأعاد الثقة إلى اليمنيين بقضاء محترم ينتصر للإنسان الجريح الذي يفترض أن يكون الأطباء جزءاً في علاجه..

المحكمة الإدارية أعادت جانباً كبيراً من الثقة والاحترام بالقضاء اليمني، وأدعو رسل الإنسانية الأطباء أن يحاولوا تفهم طبيعة القضية وأن يتذكروا أن جسد الشهيد الدكتور درهم القدرسى لا زال ينضح بالدم جراء الطعنات التي تلقاها في مقر عمله وهو يزاول مهنته، وخذله الأطباء ضمن توليفة رأي عام خذله بأكمله، بدلاً من استغراق طاقتهم وجهدهم في ممارسة الضغط لاستكمال محاكمة قتلة الدكتور درهم القدسي، بدلاً من الاغراق في حرف مسار قضية إنسانية عن مسارها الصحيح ومحاولة فتح ثغرة – بقصد أو بدونه- تستطيع منها الحكومة الدخول للتأثير على محكمة إدارية ساوت بين الخصوم بمن فيهم رئيس البلاد ورئيس حكومته مع أبسط موظف في دولتهما..

يا نقابة الأطباء وهيئة الثورة.. عليكم قبل أن تنفعلوا وتستعرضوا قدراتكم على اصدار البيانات أن تستفسروا مستشاراً قانونياً، ينظر لكم في ملابسات القضية ومدى التجاوز والانتهاك فيها، عوضاً عن الانفعال والتهور..

يا أطباء اليمن.. تدركون أن التشخيص الجيد ربما هو كل العلاج.. لكن النخب للأسف أصبحت تنظر إلى النتيجة دون السبب..

يا أطباء اليمن، هل تتذكرون قضية الدكتور درهم القدسي..

إن كنتم تتذكرونه فأدرجوه كضحية إلى جوار الدكتور أنور مغلس في بياناتكم.. وناشدوا القضاء والدولة بالحضور للانتصار له.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى