تحليلات

هل يشرب هادي من الكأس الإخوانية التي شرب منها صالح؟

يمنات – الهوية

لم يكن المؤتمر يوما ما منظورا إليه بعين الرضا الإخوانية ولم يكن صالح ملاكا كما كانوا يرددون أو أنه أصلح رجل لرئاسة اليمن كما قال الشيخ عبد المجيد الزنداني عام 99م في حملته الانتخابية للرئيس السابق صالح بل كان وما يزال المؤتمر ورئيسه الحجر العثرة التي تحطم عليها كل معاول المتأسلمين ودعاة الإسلام السياسي، ولكن لان هذا الحزب استطاع ان يكون قاعدة شعبية وجماهيرية عظيمة في اليمن أن يحالفونه على مدى عقود ويكونون جنودا مجاهدين في يمينه لقمع كل صوت يعارضه على مدى ثلاثين عاما وأكثر منتظرين اللحظة التي يتخلصون فيها من الشعبي العام وصالح معا وهو ما ظنوها واتتهم مع انطلاق احتجاجات عام 2011م.

والرئيس هادي الذي ظلوا طوال العام 2011م يعلنون ولاءهم له لم يوالونه حينها كما أنهم لا يوالونه اليوم بل أرادوا أن يكون رئيساً ضعيفاً يمارسون من خلاله وصايتهم على البلاد كما كانوا يظنون إلا أن خيبة أملهم تأكدت بعد أن تبين لهم أن أحلامهم لن تتحقق على يده كونه يمتلك من الحنكة ما يجعلهم أقزاما عاجزين عن السطو على ثروات البلاد التي كانوا يحسبون لها ألف حساب.

الأمر الذي جعلهم ينقلبون ضده بأسلوب هستيري معلنين حملة إعلامية وسياسية ضده وضد الحزب الذي ينتمي إليه بكل بشاعة ليحيلون اليمن من دولة تحاول السير نحو الدولة المدنية الى دولة تبحث عن الأمن والاستقرار وتعيش القلق والفوضى والخوف في أشد حالتها.

فما تعيشه اليوم من مشاهد ساخنة تهدد الرئيس التوافقي بالوقوع لقمة صائغة في فم الإخوان وقبل ذلك تهدد حزبه الشعبي العام واليمن بالتشظي كما تؤكد المؤشرات ان استسلام الرئيسين السابق والحالي لما يروج له الإصلاح وإعلامه الزائف ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك بان وراء الأكمة ما وراؤها من تخطيط إصلاحي خطير ضد الرئيس واليمن كلها كما يقول البعض.

فمنذ أن وصل الرئيس هادي الى الحكم وتجمع الإصلاح أمريكي يستمد دعمه السياسي منها بافتعال الكثير من الدسائس لإلجائه إليهم والى القبيلة التي تعتبر أمرا مرفوضا في إطار بناء اليمن القادم والدولة المدنية.

ومن محاولة الإصلاح هدم الصلة بينه هادي والمؤتمر الشعبي العام الى محاولة توسعة الشقة بين صالح وهادي التي يروج حاليا لها.

وهو ما جعل عضو مؤتمر الحوار الوطني المحامية نبيلة المفتي تكشف مؤخرا أن حزب "الإصلاح" التابع لجماعة "الإخوان المسلمين" في اليمن, والقبيلة, يشكلان عصبة واحدة في مواجهة الدولة, مؤكدة أن "هذه هي الإشكالية التي يواجهها اليمن ومؤتمرا لحوار الوطني في المرحلة المقبلة".

مستبعدة وجود نية لدى "الإصلاح" والأحزاب الإسلامية الأخرى في إقامة دولة مدنية حقيقية, تقوم على المواطنة المتساوية وبناء جيش وطني وبناء مؤسسي للدولة وإبعاد التعليم عن التيارات الدينية والمساجد عن الدعاية الحزبية.

وحذرت المفتي في تصريح صحفي من سيطرة "الإخوان" على الحكم في البلاد, قائلة إن "اليمن لم يعش في ظل دولة حقيقة على الإطلاق وإنما كان خليطا ما بين شكل دولة تقوم بواجباتها ونفوذ قبلي ومؤسسات دينية تمارس هذه المهام, فإذا سيطر الإخوان على الدولة سينفردون بالحكم ويتخلون عن الديمقراطية, وإذا ما شعروا ان القبيلة ستؤثر عليهم سيبدؤون في الخلاص منها وهنا سيكون صراع دائم وحرب أهلية ضروس لأن كليهما يؤمن بالدم, وإشكاليات اليمن في الحروب الأهلية أنها عندما تصبح ممنهجة تكون مخفية لأن القبائل عندما يدخلون في حرب ضد بعضهم البعض يدخلون في صلح, لكن في الأيديولوجية الدينية سيكون الأمر صعبا ولن يكون هناك مجال للصلح ومن هنا ستبدأ عمليات التصفية".

فما هو حاصل في اليمن يكشف الى أي مدى يتناقض الإخوان مع فكرهم وسياستهم التي يعلنونها يوما عن يوم إذ يخضع ذلك بالنسبة إليهم لما يعتقدونه مع الغير من صفقات تجارية ولو ادى اذلك الى بيع الأرض والإنسان فلا يهمهم ذلك وما يهمهم فقط هو عوائد تلك الصفقات على واقعهم الحزبي وان أدى ذلك لبيع الغالي والرخيص في هذا الوطن متنقلين في تجارتهم بين السعودية وقطر ونيويورك وطهران.

فهذه الصفقات التي بدأت بالصفقة الإخوانية عام 1979م بينهم وبين الرئيس الخميني في إيران الى صفقتهم مع واشنطن لحرب الاتحاد السوفييتي بعد أن أدركوا أن الخميني لن يسلم إليهم ما يرغبون فيه الى إقامة علاقة وطيدة مع الكيان المغتصب لأولى القبلتين وثالث الحرمين عبر مكتبها في الدوحة لإيصال العالم العربي الى ما يعيشه اليوم من شتات وتمزق بعد ان استطاعوا ان يضعفون معاني القومية العربية وتدمير القطب الآخر في العالم الاتحاد السوفييتي وفقا للرغبة الأمريكية وقضوا في معاركهم الجهادية إياها على تاريخ المناضلين العرب بداية من قائد الثورات العربية الرئيس جمال عبد الناصر الى ان كان على يدهم النهاية لكل معاني القومية بالقضاء على الرئيس صدام حسين وأخيراً للقضاء على الرئيس بشار الأسد والنظام السوري.

كل تلك الصفقات التي يعقدها الإخوان في اليمن "الإصلاح" لا تختلف عن صفقات الاخوان في بقية دول المنطقة بل ودول العالم إلا في أمر واحد وهو أن الإصلاح في اليمن يمارس لعب متعددة مرة باسم القبيلة وأخرة باسم الله وثالثة باسم الحرية والمدنية وهي تتجسد كحقيقة واقعية في سلوكيات وممارسات لا تمت للأخلاق بصلة كما أثبتت الأحداث المختلفة التي مرت بها اليمن.

ففي الفترة السابقة لعام 1990م كان الإصلاح في اليمن يمثل العصا السحرية التي يقود بها صالح البلاد لمواجهة التيار الماركسي كما كان يردد الإخوان لرفض كل ما يأتي من جنوب اليمن سابقاً بل لقد كانت المعارك التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء من أبناء المناطق الوسطى وريمة وعتمة ووصابين تدار تحت راية الإخوان المدافعة عن الله والرسول من الكفار الوافدين من الجنوب حتى وأن كانوا من أبناء المحافظات الشمالية وكانت المعسكرات منتشرة في عموم الجمهورية اليمنية عبر معاهد دينية يستقطب فيها المجاهدون منذ طفولتهم.

ويستمر التحالف بين صالح وإخوان الإسلام السياسي متنقلا من معركة جهادية الى أخرى الى أن يتخلص صالح من شريكه في تحقيق الوحدة اليمنية فيما عرف بحرب الانفصال ويتحول الحكم في البلاد من الائتلاف الثلاثي بين الإصلاح والمؤتمر والاشتراكي الى حكم الائتلاف الثنائي بين المؤتمر والإصلاح لينتهي بعد الانتخابات الرئاسية عام 99م وتكون اللحظة الفاصلة بين شركاء التآمر على الحزب الاشتراكي بعد تفجيرات سبتمبر 2001م بنيويورك إذ يتبرأ صالح وحزبه من حزب المجاهدين العائدين من أفغانستان لإقامة حكم واشنطن الإسلامي في القارة الآسيوية.

وبرغم أن الإصلاح ظل يحاول إعادة علاقاته بصالح وحزبه الحاكم إلا إن هزيمتهم في الانتخابات الرئاسية في العام 2006م والتي كانوا يأملون من خلالها الوصول الى السلطة والسيطرة الكاملة على الحكم وإسقاط نظام الرئيس السابق صالح خاصة بعد أن تمكنوا من إدخاله في معارك مع أبناء الطائفة الزيدية شمال البلاد معلنين الجهاد ضد الشيعة أو ما عرف بالشباب المؤمن ليحققوا بذلك هدفين برمية حجر واحدة وهما إضعاف نظام صالح وقوته العسكرية من جهة كما يرى محللون سياسيون وفي نفس الوقت محاولة القضاء على حركة أنصار الله التي شعروا أنها تنازعهم البساط الديني الذي ظلوا لعشرات السنين مستحوذين عليه تحت يافطة حماية الله والرسول والإسلام من الكفرة والملحدين ليتحول جهادهم ضد من يصفونهم بأنهم يسبون الصحابة وأمهات المؤمنين حسب زعمهم وتعيش صعدة بسبب هذه الدسيسة سنوات دموية أشد وطأة من عام الحرب على الجنوب.

ليختمون علاقتهم بصالح بتثوير البسطاء ضد حكمه مستغلين ما تعيشه بلدان عربية من تفاعلات سياسية وشعبية كان لها مبررها الى حد ما في تلك البلدان.

وينتقل سيناريو الإصلاح في نشر الفوضى وتخريب اليمن الى ملعب صالح نفسه ويتحول هو وأبناءه الى حلقات مسلسل أخوان تونس ومصر وليبيا فيقودون حملة واسعة ضد نظام الرئيس السابق.

ولان الإصلاحيون يدركون جيدا حقيقة أنهم لن يصلوا الى ما يسعون إليه من اهداف فيما لو سارت الأمور فيما يتعلق بعملية التسوية وفقا لما تضمنته بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لذلك نجدهم يثيرون موضوع وجود الرئيس السابق داخل الساحة واستمراره في قيادة المؤتمر الشعبي العام ويحاولون الترويج لهذا الأمر على أنه يشكل إعاقة لعملية التسوية السياسية وأنه مهدد لمستقبل الرئيس هادي ومستقبل اليمن وهذا الطرح في حقيقته ليس إلا لأنهم يدركون أن هادي يستمد جزءاً كبيراً من شعبيته من تلك القاعدة الجماهيرية الواسعة التي يتمتع ويحظى بها المؤتمر الشعبي العام رغم محاولات بعض الخصوم السياسيين التقليل من حجمها فقد بدأت حملاتهم لإبعاد هادي عن هذا الحزب الأكثر شعبيه في اليمن من وقت مبكر حتى يأتي عام 2014م وهادي يعيش وحدته السياسية دون رداء أو ظهر سياسي خاصة وهم يعملون جاهدين على استجداء العداء الجنوبي للرئيس عبر عناصرهم المتواجدة في الفعاليات الاحتجاجية الحراكية زعبر مخربيهم لكثير من الخدمات الضرورية لفرض الغضب الشعبي على حكمه.

ولذلك يرى "الإخوان" أن بقاء المؤتمر الشعبي العام في قوته الجماهيرية مع انتماء هادي إليه كرئيس أو نائب رئيس له سوف يقلل ويحد بشكل كبير من فرص نجاحهم في الانتخابات القادمة في العام 2014م وهو كما يرى البعض ما يجعل الإصلاح يعمل ليل نهار لشق الصف المؤتمري واستعداء الرئيس الحالي للرئيس السابق بكل ما يملكونه من الحيل سعيا منهم لتدمير المؤتمر الشعبي العام.

وإعادة ذات المسلسل مع الرئيس هادي والذي سيكون أكثر تطورا كما تكشف المؤشرات لا سيما وأنهم لم يمهلوا هادي على ان يحقق بعضا مما يريد أن يحققه لليمن ولذلك فقد بدأت الاستهدافات لأقاربه بداية من أولاده ووصولا الى أبناء منطقته التي يتهمونها بأنها تعمل على نقل الحكم من سنحان الى دثينة وتوريثه للأبناء والأحفاد.

وهو ما يجعلنا نتساءل ما إذا كان الرئيسان السابق والحالي قادران على تجاوز مخططات الإصلاح لحماية حزبهما الأقوى في البلاد وحماية البلاد في ذات الوقت من قبضة الإخوان المصرة على تسويرها بالوصاية الإلهية المزعومة أن أنهم سيساعدان الإصلاح على تنفيذ مخططاتهم في إخلاء الساحة لهم سياسية وشعبيا للسيطرة على ثروات البلاد والعباد؟ هل سيتمكن الرئيس هادي من تخطي هذه المخططات ويمتنع عن تجرع الكأس الإخواني التي جهزها سياسيو الإصلاح في مطابخ اليدومي والآنسي ونصر طه قبل أن يتحول الى محلول إخواني يباع في صيدليات الطب الإصلاحي البديل مع زيوت الحبة السوداء والعسل والثوم والبصل وخلطة العريس؟

هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة وتفصح عنه علاقة صالح وهادي التي تبدو الآن أكثر انبساطا علة صفيح المطبخ الإخواني.

زر الذهاب إلى الأعلى