أخبار وتقارير

رحلة الموت (6102)

يمنات
تتنافس كل الشركات على خدمة عملائها بكافة الطرق المتاحة حيث أن قطاع النقل البري يعد من القطاعات الهامة في كل الدول كونه أحد اهم الروافد الاقتصادية وذلك بما يقدمه من خدمات تهدف الى تسهيل انتقال الركاب والبضائع والأفواج بسهولة ويسر، وربط المحافظات والمدن والدول ببعضها، وإن تعدد الشركات ووكالات النقل البري المختلفة يخلق صورة من المنافسة لتقديم الأفضل للركاب، لكننا اليوم ومع هذا وذاك فالراكب في قطاع النقل البري الجماعي مازال يعاني من مشاكل لا حصر لها كما حدثت في هذه الرحلة (رحلة الموت)..
تحقيق: فيصل أحمد الشميري
[email protected]
اشكاليات عدة ومخاطر جمة واستهتار لا مثيل له و لا نجد اي تفسير منطقي من بدء الانطلاق وحتى ميناء الوصول كتأخير مواعيد انطلاق الرحلات أو تغير سير خط الرحلة أو اعطال تحدث على الطريق، إهمال تام للصيانة ، تهالك حافلات النقل وقدمها ، عدم وجود اي فترات صيانة وتحقق من الحافلات وانتقال من منطقة إلى اخرى دون اي صيانة تذكر، المزاجية وعدم وجود برنامج للرحلة للتوقف والاستراحة حول هذا الموضوع ومع رحلة الموت تم عمل هذا التحقيق لتتضح الصورة أكثر..
كما أننا ننوه هنا لدور أمن الطرق في المملكة العربية السعودية التي بذلت جهدها الطيب في سبيل الحفاظ على الارواح والتعاون الإيجابي منهم في سبيل تذليل تلك العقبات التي اعترضت رحلة الموت وتحويلها إلى رحلة السعادة…
تحدث الأخ (عبد الله ناعم العمري) أنه عند ذهابه يوم الاثنين لحجز تذكرة سفر ذاهبا ً إلى مدنية الرياض وبعد دفع المبلغ اخبره المسئول بضرورة الحضور في تمام الساعة الثانية بعد الظهر وأن الانطلاق سيكون في الثانية والنصف وبدوره حضر مسبقا إلى هناك مودعا اهله وذويه وبعد وصوله الى محطة الانطلاق ظل منتظراً من الساعة الواحدة والنصف حتى الساعة الخامسة حينها انطلق الباص بعد غوغاء وعدم تنظيم وكاد ان يصرخ من التعب الذي واجهه في الجلوس في الحافلة ويردف قائلا حتى رقم المقعد المعمول به في كل الدنيا غير موضح ولأسباب واهية وغير مقنعة.
أما الأخ (حسن محمد على يوسف) صاحب عائلة أستغرب من تعاملهم معه حيث قطع له المسئول تذكرة لطفل عمره ثلاث سنوات ومع هذا لم يجد مقعداً له واحتضنه طيلة الطريق …!
انطلقت الرحلة في تمام الساعة الخامسة مساءاً بعد انتظار دام ثلاث ساعات ونصف .. وبعد انطلاق الحافلة بنصف ساعة اصطدمت في الطريق بإحدى السيارات المارة وتم التصالح وكلاً مشى إلى حال سبيله.. ؟؟؟
في حين لاحظ (الحاج حسين الشوتري) قطرات من الزيت تتدفق من اسفل الماكينة بغزاره وأخبر السائق بذلك والذي بدوره عاد الى محطة الانطلاق واخبرهم بالمشكلة ولكنهم بكل برود وعدم مبالاة اخبروه بأنه شيء عادي وأعطوه علبتين من زيت الفرامل وعلى ذلك ظل يسير في الطريق حتى وصل الى مناطق جبلية شديدة الارتفاع والانخفاض تسمى مناخه وهي منطقة واقعة بين صنعاء والحديدة وهنا حدث عجب العجاب كانت تقف في الطريق لعشرات الدقائق من اجل تغيير السرعات وكانت تسمع اصوات عجيبة من الباص وكان الخوف سيد الموقف مترقبين متى ستهوى بهم الحافلة الى تلك الوديان السحيقة ولكن لطف الله انقذهم مرات ومرات وكأن الاستغفار كان علاجهم ودعوات اهلهم وذويهم من خلفهم…
وفور وصولهم الى محطة الاستراحة الاولى تم الاتصال من قبل الراكب (صالح حافل البيضاني) بالشركة في صنعاء بالأخ صفوان الناشري كونه مدير فرع صنعاء المركز الرئيسي واخبره عن المشكلة والذي بدوره احاله الى فرع الشركة في المدنية الاخرى الحديدة واخبره ان لا مشكله ولا يقلق البته من هذا الباص واردف قائلا هذا الباص صاروخ لا تخافوا ولا تقلقوا نحن ادري به… أطمأن الركاب مكرهين بذلك رغم انهم لا يثقون ابداً بما تقول الشركة حيث انهم يروا غير ذلك .واستمرت الرحلة حتى وصلت مدينة الحديدة في تمام الساعة الحادية والنصف مساءاً ليدلل حقيقة الامر فالرحلة التي تستغرق في اقصى الحالات اربعة ساعات استغرقت سبع ساعات ونصف وبعد ساعة من الاستراحة واخبار الشركة بذلك إلا انهم استمروا في المراوغة والتدليس وكأن شيء لم يحدث .. مضت الرحلة في الطريق الى المنفذ الحدودي بعد ست ساعات ومشت الامور الروتنية المتبعة مع الركاب في المنفذين وتم الأنطلاق الى منطقة (أحد المسارحة) التابعة لاماره جازان وتوقف الباص في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً وكانت الوقفة النهائية له لم يستطع ان يتحرك واصبحت المشاكل من كل صوب المقود لايتحرك تبديل السرعات لا تعمل الزيت اصبح يتدفق من كل مكان التكييف لا يعمل.
سبحان الله إنه يذكرنا بضرورة الحذر والترقب وان إشارة صغيرة تقودك الى اشارات كبيرة ومع هذا تجاهلت الشركة ممثلة بسائق الحافلة ومساعديه كل ذلك…؟!
وظل الركاب في العراء منذ الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل اي تسعة عشرة ساعة في حر الظهيرة ورياح شديدة وعدم وجود مكان للإستراحة حتى المطعم الذي تناولوا فيه الفطور والغداء والعشاء اخرجهم منه بحجة انه مكان للعمل وهذا حقة اما السائقين فلم يهتموا بالركاب سوى انهم منتظرون في استراحة مبردة مع وجبات الاكل المجانية من المطعم فهم ينعمون في الداخل والركاب يحترقون تحت أشعة الشمس حتى صاح احد الركاب (الأخ نائف البرح) واتصل بأمن الطرق والذين بدورهم توجهوا فورا إلي مكان الوقوف واخبرهم بالمشكلة وتعهد سائق الباص انه سينطلق بعد نصف ساعة وحيث كان ذلك الوقت الساعة الواحدة والنصف ظهرا ولكنه لم يفى بوعدة ولم يستطع المهندس أن يعمل شيئا تكالبت عليه الامور وكأن الحافلة لم تذهب الى صيانه قط يصلح من هنا فتخرب من هناك وهكذا دواليك.
بكاء الاطفال وشرود الشيوخ سيد الموقف وعرقهم وتصببهم فمنهم من لدية الضغط واخر السكر واخر تفجرت الدماء من رجله واخر تعرض للسعات جلدية نظراً للاحتكاك فالوضع مأسوي جداً ومع هذا ظلت الشركة تماطل وتقول سنبعث لكم بحافلة اخرى والسائق يخبرها ان المهندس سيصلح الحافلة بعد قليل، وفي هذه الاثناء وجدنا أحد الدبلوماسيين اليمنين في القنصلية اليمنية في جدة (الأخ عبد الله على) الذي أتي بسيارته الخاصة وبالصدفة وجد المشكلة الحاصلة وكان متعاوناُ وأتصل بمقر الشركة الناقلة (بن معمر) في جدة واخبرهم وتألم كثيراً لهذا الوضع المأساوي ولم يعملوا شيءً أيضاً إلا انه وثق ذلك عبر هاتفه المحمول وأستنكر الوضع وهكذا وبعد أن طفح الكيل في منتصف الليل تم الإتصال بأمن الطرق مرة اخرى من قبل (نادر الصبري) واخبرهم بانه لم يفيء السائق بوعده في توفير الباص او الانطلاق وانهم قد تعبوا من الحر والإرهاق النفسي والبدني من ساعات الانتظار .. فقالوا (أمن الطرق) للركاب إطمئنوا سنحل المشكلة ولم يخبروهم كيف ولكنهم واثقين جداً بوعودهم.. وذهبوا..
وبعد وصول حافلتين لنفس الشركة من جدة والاخرى من الرياض متجهتان لليمن ووقفت للإستراحة لم تكن تعلم ما حدث لهذه الرحلة (رحلة الموت) اطلاقا وبعد النظر للحافلتين وجد الركاب المنتظرين ان احد الحافلات بها ستة ركاب فقط والاخرى تسعة عشر راكب فقيل ضرورة إنتقال الستة الركاب إلى الحافلة الاخرى وتعود الحافلة الى الرياض لتنقلهم إلى هناك .. فرفضا سائقي الحافلتين لذلك بحجج واهية انهما معها رسائل والاخر انه سيتوجه الى منطقة اخرى غير وجهه تلك الحافلة الأولى وبعد شد وجذب وتسمك الركاب المغلوبون على امرهم بهذا الحل تم حضور الدوريات التى الزمت ركاب الحافلة الاقل بالانتقال الى الحافلة الاخرى وكان ردهم حاسم وسريع هل تفضلون أنفسكم ايها الركاب الستة امام 36 راكبا …؟
تخافون من ستون كيلو متر هي المسافة الفاصلة بين وجهتي الحافلتين امام ألف واربعمائة كيلومتر..؟
وهي المسافة المتبقة من رحلة الموت وكان الضابط قمة في التعاون والرقي كان يحكم المنطق والعقل ويخاطبهم بضرورة احترام العائلات والشيوخ ومن انتظروا تسعة عشر ساعةً.
وبالفعل انتقل الركاب الستة الى الحافلة الاخرى في ظل تعنت السائق وكان يدعوا على الركاب ويحملهم الخطأ وانه غير مسئول عنهم ومع هذا ظل الركاب صامتون حتى وصولوا الى الرياض ..
ومن هنا نناشد الحكومة اليمنية ممثلة بوزارتي النقل والسياحة بضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء مثل هذه الافعال والتي من شأنها تضر بسمعة ومكانه وسياحة اليمن السعيد ونهيب بشركات النقل البري وعلى رأسها (شركة بن معمر للنقل الجماعي) بأن يحافظوا على ما تبقي من سمعتهم فهم وجه اليمن في الداخل وسفراء اليمن في الخارج وعليهم تحديث أسطولهم البري ومراعاة شروط السلامة والتقيد بالصيانة الدورية فأرواح الناس غالية والاستهتار بها جرم يعاقب عليه القانون والمواثيق الدولية في الأرض ويعذب الله بسببه في الأخرة..

زر الذهاب إلى الأعلى