أخبار وتقارير

قطر تتعهد بتغيير أدائها في ما يتعلق بالشؤون السورية في حال موافقة دمشق على استقبال مراسلي الجزيرة على أرضها.

يمنات – العرب
نقلت مصادر إخبارية لبنانية أن المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم نقل أخيراً رسالتين من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى الرئيس السوري بشار الأسد عن طريق مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك، يعرب فيهما عن استعداد الدوحة ل»طي الصفحة الخلافية مع سوريا». ووفق ما أكدته صحيفة «الأخبار» اللبنانية قد تعهدت قطر في هاتين الرسالتين ببنود عدّة، أولها تغيير أداء «الجزيرة»، إذ اقترحت البدء بإرسال بعض مراسلي قناة «الرأي والرأي الآخر» إلى دمشق كبداية لتغيير نهجها تدريجياً «لأنّ التبديل لا يمكن أن يتم دفعة واحدة»، بما يعنيه ذلك من إفساح المجال أمام وجهة النظر الرسمية السورية، تزامناً مع تخفيف اللهجة والمساحة الإخبارية المخصصة للملف السوري على أساس الأداء الحالي.
من جانبها، نقلت صحيفة «لبنانية عن مصادر فلسطينية أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي نقل إلى الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائهما في دمشق هذا الشهر، رسالة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تعبر عن رغبة في تلطيف الأجواء مع دمشق».
وتروي مصادر فلسطينية لصحيفة السفير أن الشيخ تميم اتصل بالرئيس محمود عباس وطلب منه الاتصال بالأسد لتلطيف الأجواء مع السلطات السورية، وإعلام القيادة السورية بأن قطر ستنتهج، تدريجيا، سياسة مختلفة عن السياسة الخارجية السابقة، مع أن تغييرا جوهريا في هذه السياسة لن يكون متاحا في الفترة المقبلة.
أوردت الجزيرة خبراً عن مقتل 20 مسلحاً من «لواء الإسلام» ، وهو ما لم تكن تفعله سابقاً. وتخلت في مرات عن تسمية الجيش السوري ب»كتائب الأسد»
وظهرت بوادر تدل على تعديل بسيط في تغطية الحرب السورية، ففي نشرة الأخبار الثلاثاء نقلت الجزيرة وجهة النظر الحكومية ووضعتها تحت شريط الفيديو، كما وجهت انتقادات لممارسات الجيش الحر في بعض المناطق، والأصوليين في مناطق أخرى.
وقبل حوالي أسبوع، أوردت خبراً عن مقتل 20 مسلحاً من «لواء الإسلام» بعد كمين «نصبته قوات النظام السوري» في بلدة العتيبة في ريف دمشق، وهو ما لم تكن تفعله سابقاً. كذلك، فهي من المرات النادرة التي تخلت فيها عن تسمية الجيش السوري ب»كتائب الأسد».
وأكّد مصدر مطلع في وزارة الإعلام السورية رفض الكشف عن اسمه لصحيفة الأخبار اللبنانية، أن الإجراءات تسير ببطء وستصل إلى افتتاح مكتب الجزيرة في دمشق مجدداً.
وتأكدت شائعات كانت تسري في الكواليس عن إمكانية أن تأخذ المحطة القطريّة قراراً إستراتيجياً يؤدي إلى تغيير سياستها تجاه دمشق حيث بدأ تغير تدريجي يظهر من خلال التخلي عن عبارة «كتائب الأسد» لدى الإشارة إلى الجيش السوري. ومنذ بداية الأزمة السورية قبل أكثر من سنتين، كانت قناة «الجزيرة» طرفاً أساسياً في الحرب الإعلامية على النظام السوري.
وفي 16 أيلول (سبتمبر) 2013، نشر مركز «بيو» الأميركي للأبحاث دراسة بعنوان «كيف تتعاطى «الجزيرة» مع الأزمة في سوريا»، تناولت أداء قنوات «سي. أن. أن.» وMSNBC، و»فوكس نيوز»، و»بي. بي. سي. أميركا»، و»الجزيرة أميركا» التي انطلقت في 20 آب (أغسطس) الماضي.
وتبيّن أنّ «الجزيرة أميركا» ركّزت في تغطيتها للأحداث الأخيرة على ضرورة التدخّل العسكري الأميركي في سوريا، وعلى ضرورة مساندة حلفائها لها، معتمدة في 43 بالمئة من أخبارها على مصادر موجودة في واشنطن رغم وجود أكثر 60 مكتباً رسمياً ل»الجزيرة» حول العالم. كما أنّ 66 بالمئة من تقاريرها رصدت وجهة نظر الإدارة الأميركية.
كانت الجزيرة «ابتكرت» مصطلحات خاصة بها لتغطية الاحتجاجات في سوريا مثل «كتائب الأسد» على غرار «كتائب القذافي» عند الحديث عن الجيش السوري، ووصف ضحاياه ب»القتلى» فيما ضحايا الطرف الآخر هم «شهداء». ويقول مراقبون إن أداء «الجزيرة» كان انعكاساً للسياسة القطرية تجاه سوريا.
وبعد عودة مصطلح «شكراً قطر» للتداول في لبنان بين سخرية وتثمين لوساطة الدوحة في ملف المخطوفين اللبنانيين التسعة، عادت قناة «الجزيرة» لتتنقّل بحذر في لبنان.
وذكر مراقبون أن قطر وظفت علاقاتها الجيدة مع المجموعات المتشددة لإطلاق اللبنانيين التسعة الذين كانوا مختطفين في سوريا، وذلك لتأكيد تأثيرها على المجموعات المسلحة وقدرتها على جلبهم إلى مربع التفاوض والصفقات، حيث يتردد أنها منحت الخاطفين ما قيمته 150 ألف دولار مقابل التفويت في الرهائن.
وتؤكد مصادر في الدوحة أن القيادة القطرية الجديدة، تحاول فتح قنوات التواصل مع نظام بشار الأسد عن طريق شخصيات لبنانية مقربة من دمشق.
ويشير المحللون إلى أن قطر تحاول أن تجد بوابة لاستعادة ثقة الأميركيين بعد أن فقدت «حصان» الإخوان المسلمين الذي ركبته لأشهر قصيرة قبل أن يطيح به المصريون في ثورة الثلاثين من يونيو الماضي، فضلا عن فشل الإخوان في دول مثل تونس وليبيا، وتسببهم في أزمات أمنية لبلدانهم.
وقد اتخذت «الجزيرة» محور الربيع العربي مهمة على عاتقها، ثم ضيقت اهتمامها لدعم التيار الإخواني، وكان خطأ «الجزيرة» تجاهل التيارات الأخرى، مما أفقدها الكثير من مصداقيتها في نقل كل وجهات النظر.
أما القشة التي قصمت ظهر «الجزيرة» فكانت رهانها المتعصب على اعتصامات الإخوان المسلمين وتجاهل حركة الجماهير الأكثر عددا التي تعارض الإخوان المسلمين، وانحيازها التام في نقل مباشر لوجهة نظر واحدة ودعمها.
و«يبدو أن قطر الآن في اتجاه تبني سياسة خارجية اكثر توافقية بعد أن ازعجت الامارة الغنية بالنفط بعض جيرانها بدعمها للمسلحين في سوريا».
وأنفقت قطر اكثر من ثلاثة مليارات دولار في العامين الماضيين لدعم المعارضة المسلحة في سوريا وكانت اكبر الدول المانحة للمعارضة «. ويبدو ان قطر تعيد الآن النظر في دورها الاقليمي عبر الاتجاه إلى تلطيف العلاقات مع نظام الأسد مستخدمة سلاحها الأقوى «الجزيرة».

زر الذهاب إلى الأعلى