أخبار وتقارير

مؤتمر قبلي ضخم على بعد أمتار من دار الرئاسة يحذر من التسرع في إقرار مشروع الفدرالية

يمنات – الشارع
تدفقت جموع من قبيلة بكيل, أمس, الى محيط دار الرئاسة, جنوب العاصمة, لتعلن رسميا عن “تكتل بكيل الوطني”.
وفي الاجتماع العام الأول, الذي حضره الآلاف من رجال أكبر قبيلة يمنية, اختار المجتمعون, على الطريقة التقليدية, الشيخ صالح بن محمد بن شاجع, رئيساً لهذا التكتل القبلي الكبير, الذي يجرى الإعداد والترتيب له منذ شهور. ومنذ ساعات من الصباح الأولى, كانت الجموع “المبندقة” تتوافد على “القاعة الكبرى” القريبة من جولة الخمسين, على مسافة أمتار من دار الرئاسة الجمهورية, جنوب جبل النهدين.
والشيخ صالح هو نجل الشيخ محمد بن شاجع الوايلي, شيخ وايلة الأكبر (متوفي) والذي كان أحد المراجع القبلية المهمة في اليمن.
وعقد تكتل بكيل اجتماعه العام الأول في قاعة واسعة, جنوب العاصمة صنعاء, وبحضور حشود هائلة من شيوخ ورجال قبيلة بكيل التي تعتبر أكبر القبائل اليمنية وأكثرها امتدادا.
وفي الاجتماع, ألقى الشيخ صالح محمد بن شاجع كلمة رحب فيها بالجميع, وأكد على الفكرة الوطنية التي تأسس لأجلها هذا الكيان. مشيدا بأدوار بكيل التاريخية, وقال: “إن اجتماعنا اليوم لا يأتي تلبية لرغبة فرد أو جماعة أو فئة بعينها؛ وإنما يأتي برغبة جماعية مدروسة ومخطط لها, تراعي مصالح هذا الكيان الجديد في إطار مصالح الوطن العليا. وهي رغبتكم أنتم في إيجاد أنفسكم في كيان واحد يمثلكم ويسهم في بناء الوطن ومؤسساته المدنية الحديثة ثانيا, بالصورة الحضارية التي تشرفنا جميعاً”.
كم ألقى الشيخ حسين العجي العواضي, رئيس اللجنة التحضيرية, كلمة تناول فيها مرحلة الإعداد والتحضير. وأكد من جهته أن تكتل بكيل ليس موجها ضد أحد, ولا هو امتداد لأي طرف أو محور إقليمي أو دولي.
وأصدر المجتمعون بيانا ختاميا تضمن عددا من القرارات والتوصيات المهمة, ومن بين التوصيات, الفقرة الخامسة والتي جاء نصها: “وقف الاجتماع العام أمام تعاطي مؤتمر الحوار الوطني الشامل لحادثة استشهاد 74 شيخاً من مشائخ خولان ومن معهم, في بيحان عام 1972, ويطالب الاجتماع حكومة الوفاق الوطني بتقديم الاعتذار الرسمي عن تلك المذبحة, نيابة عن الحكومات السابقة باعتبارها جريمة إبادة جماعية وقضية إنسانية. واعتبر المجتمعون ذلك إجراء هاما عن حسن النية, وصورة حقيقية لرد الاعتبار على طريق المصالحة الوطنية الشاملة”. ولعل هذه التوصية هي الأولى في تاريخ مؤتمرات واجتماعات قبيلة بكيل, التي أشارت الى تلك الحادثة الشهيرة.
وطالب الاجتماع العام لقبائل بكيل بضرورة النأي باليمن عن الصراعات الإقليمية والدولية, كما حذر من “إذكاء وتنامي الصراعات المذهبية والمناطقية”.
وحذر أيضا من الحلول الترقيعية للقضية الجنوبية وصعدة. مشددا الى أن مشروع الفيدرالية والأقاليم, “التي تناقش اليوم, كأحد الخيارات المطروحة للخروج باليمن من أزماته, تتطلب الحمة والتصبر ودراسة واقع اليمن السياسي والاجتماعي والسكاني والجغرافي, واعتماد المنطق العلمي والمنهجي المسنود بالدراسات العلمية العميقة والشاملة, والابتعاد عن العشوائية والارتجال والقرارات العاطفية وسلق الحلول, خصوصا تجاه قضايا من هذا النوع تتعلق بمصير وطن”.
وحذر المجتمعون من التمادي والاستمرار من تقاسم الوظيفة العامة والمال العام بين القوى والفصائل السياسية والمجموعات المؤثرة, وطالب تكتل بكيل القيادة السياسية بأن تضع حدا لهذا العبث, وأن تلغي فكرة المحاصصة “لأن استمرار الوضع على ما هو عليه من تقاسم حزبي وفئوي يزيد الأوضاع سوءا, ويهدد مشروع بناء الدولة”.
وأدان الاجتماع ما أسموه الإقصاء والتهميش الذي يتعرض له أبنا بكيل في مختلف المؤسسات, داعياً أبناء بكيل الى التلاحم والتكاتف والى أن يدرك الجميع بأن استمرار هذا الكيان, لن يكون إلا من خلال العمل المنظم والمنسق “لتحقيق الأهداف الذي قام وتأسس لأجلها”.
بدوره, قال ل”الشارع” الشيخ صالح بن شاجع, رئيس التكتل, وفي أول تصريح له, إن “الهدف من تأسيس هذا الملتقى هو توحيد القبيلة, ولم شملها؛ بما يمكنها من القيام بدورها على أكمل وجه حيال القضايا التي تشهدها الساحة اليمنية”.
وأضاف: “اليمن بحاجة الى تظافر الجهود من كل أبنائها, وعلى الجميع الوقوف صفاً واحداً أمام التحديات والمخاطر التي تواجه شعبنا ووحدتنا ومعتقداتنا”.
وأشار بن شاجع الى أن المرحلة التي تمر بها اليمن حاليا حرجة, وقال: “الوضع لا يطمئن, وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته, كلا من موقعه”.
من جانبه, قال ل”الشارع” الشيخ علي عبدالله المقداد, شيخ مشائخ قبيلة آنس, إن “القبيلة رافد وداعم مهم للدولة اليمنية عبر تاريخ اليمن”. وأضاف: “تمتلك القبائل اليمنية تراثاً حضارياً من الأعراف والتقاليد النبيلة, مثلث أسس التعايش بين افراد القبيلة الواحدة والقبائل الأخرى”.
وقال: “نحن هنا نتبنى مبادرة رائدة لتطوير وتحديث الدور الاجتماعي والسياسي للقبيلة اليمنية, بما يحقق مساهمة ومشاركة أكثر فاعلية للقبيلة في بناء وتنمية الوطن, عبر الأطر المؤسسية المنظمة التي تحقق التكامل بين الجهد الرسمي والمجتمعي في عملية التنمية الشاملة والمستدامة, وبأسلوب عكل جماعي ومنظم ومسؤول”.
وتابع الشيخ المقداد: “لسنا هنا في سباق على زعامات فردية؛ فكل شيخ له حجمه واعتباره في منطقته, ولنجعل ميدان التنافس الحقيقي هو خدمة قضايا الوطن عموماً, وقبيلة بكيل على وجه الخصوص” مشيراً الى أن هموم ومشاكل قبائل بكيل كبيرة بحجم انتشار مناطق بكيل وثقلها السكاني المتوزع في عديد من مناطق اليمن.
وقال الشيخ أحمد صالح صبر, شيخ مرهبة نهم: “شاركنا, وكل إخواننا في قبيلة نهم, في الملتقى الأول لتكتل بكيل الوطني, والأمل يحدونا أن يعمل الجميع الى لم الشمل, وجمع الصفوف, وتوحيد الكلمة, ونبذ العنف”.
ودعا الشيخ صبر كل أبناء بكيل الى تظافر الجهود, والوقوف صفا واحدا في وجه من يقف ضد إنجاح العملية السياسية في اليمن, والعمل على محاربة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه.
وشارك في هذا المؤتمر, الذي يعد الأول من نوعه من حيث الحشد والمضمون, أكثر من 70 ألف مشارك من أبناء بكيل, بعد أشهر من التحضير والإعداد

زر الذهاب إلى الأعلى