فضاء حر

قرارات “حانبة”

يمنات
معقول أن الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الآن لم يصدر القرارات الحاسمة، التي قال صباح 21 يناير الماضي إنه سيصدرها في الليل، وطلب منا نخلي تليفوناتنا مفتوحة، ونحن صدقنا وجلسنا مقعيين ننتظر!!
لماذا طلب الرئيس هادي يومها أن نبقي تلفوناتنا مفتوحة؟ هل لأن القرارات التي كان سيصدرها هي رنات أو رسائل sms؛ فتراجع عنها عندما خطرت له فكرة أن يرسلها عبر ال”واتس آب”، ورجع ضبح وبطل نهائياً لما عرف أن الغالبية العظمى من أفراد الشعب لا يمتلكون تليفونات “تاتش”، وليس للسبب الذي يعرفه القاصي والداني؟!
أم أن تليفون الرئيس، اللي مسجل فيه أرقام الشعب، انسرق عليه في سوق القات أثناء عودته من جلسة مؤتمر الحوار؛ وبالتالي لم يستطع توصيل القرارات إلينا منذ ذلك اليوم.. والآن عاده جالس يجمع الأرقام من جديد؟!
طيب ليش الرئيس مصر يرسل القرارات عبر التليفون، ويرفض إذاعتها عبر التلفزيون كالعادة؟ هل لأنها حاسمة، وهو خائف من علي العمراني لو يسرقهن ويروح بهن البلاد؟!
يا جماعة ما نشتيش نظلم الرجال؛ يمكن كان يومها ما فيش معه وحدات، ورجع أصدرهن عبر التلفزيون؛ بس نحنا ما دريناش لأن الكهرباء كانت طافية.
الله المستعان عليك يا رئيس.. تخلينا كذا نظلمك بطرة وأنت ساكت؟! مش كان المفروض تقول لوزير الكهرباء، صالح سُميع، ما يطفيش الكهرباء، بدل ما تقول لنا نحنا لا نطفيش التلفونات؟! أو يمكن أنت غلطت هاذيك المرة، وقلت لنا لا نطفيش، وأنت كنت تشتي أصلاً تقولها للوزير سميع.
هي واحدة من ثنين يا رئيس: إما إنك غلطت، أو إنك مع الربشة نسيت اسم “محطة مأرب الغازية”، ورجعت قلت التليفونات لأنها تطفي وتولع وتجيب ضوء زيما محطة الكهرباء.
المهم، نحن آسفين الآن يا سيادة الرئيس.. ومرة ثانية، لو قد في معك قرارات حاسمة، كون قول ل صالح سميع لا يطفيش محطة مأرب الغازية.. اسمها “محطة مأرب الغازية”، إحفظه من الآن، وانتبه تنسيه وتعمل لنا فضيحة جديدة.
عادي يا رئيس؛ أنا عارف أن اسم “محطة مأرب الغازية” صعب وكبير مرررة، وطبيعي الواحد ما يحفظوش، ولو حفظه ينساه بسرعة لأنه “معركش زيما جدول الضرب”؛ بس أنا شاقول لك بطريقة ناجعة لحفظه. كُن، يا سيادة الرئيس، لما ترقد قول “محطة مأرب الغازية” عشر مرات، ولما تصحي قولها عشر مرات، وهكذا لمدة ثلاث أيام، وأنا أضمن لك ما تنسيهاش خالص.
تصدق يا رئيس أنه أنا ما قدرتش أحفظ جدول الضرب خالص، وكنت أيام المدرسة أضرب بسببه يومياً من المدرس حقنا عبد الرحمن عبد القادر؛ فطبيعي أنت لا تستطيع حفظ اسم محطة مأرب الغازية، لأنها وجدول الضرب مقررين على الطلاب اللي بالجامعة.
عندما دخلت المرحلة الثانوية، بدأت أغيب عن المدرسة، وأهرب بعد الراحة، وأرجع من عرض الطريق. وذات مرة صادف أني كنت أتسكع بجوار المدرسة التي تقع أسفل قريتنا، وفيها مدرس اسمه عبد الله هزاع، يدرس الطلاب رياضيات. كان هذا المدرس يسأل أحد طلابه في الفصل: “3 بِ 3 بكم؟” (يقصد 3×3)، إلا أن الطالب لا يرد، فكرر المدرس سؤاله أكثر من مرة. وعندما لم يحظ بأي إجابة طلب منه أن يفتح يده، وكنت أسمع وقع العصا وهي ترتطم في يد ذلك الطالب، الذي ذكرني بنفسي وجدول الضرب اللعين.
الطالب يبكي ويتوسل: “خلاص يا أستاد أنا وصلتوك.. أنا فدا المدعس حق أبوك؛ أنا شاحفظه بكرة، ولو اجيت مانش حافظ له اقتلني”. المدرس عبد الله يكشر عن أنيابه، ويستمر في توبيخ الطالب وضربه.
طالبات وطلاب الفصل يتدخلون لإنقاذ زميلهم العالق بين يدي المدرس. سمعت في البداية صوت طالبة تقول: “مليه بس يا أستاذ.. ارحمه قدوا شايموت”؛ تتالت أصوات كثيرة بعدها:”خلاص يا أستاد نحن كفيلين علوه” “حد قصره وبكره شايجي وقدوا مغيب له صم”، “يكفوه قد قتلته”، لكن المدرس “يتعنتر” ويطلب من الفصل السكوت: “أوووص، ولا أشتي اسمع صوت.. سكته”.
صمت الفصل عدا تنشجات الطالب المسكين، وهو ينتظر من المدرس أن يتخذ القرار الذي كان يعتقد أنه سيكون لصالحه، إلا أن المدرس خيب ظن الطالب وزملائه وأنا، و قرر التصعيد.
في البداية يسألهم: “انتم عارفين يا طلاب ليش اسمه جدول الضرب؟”. الطلاب يردون بصوت جماعي وأنا معهم: “ليش يا أستاد؟”. المدرس يرد عليهم وكله ثقة: “لأنه فيه ضرب واصل”، ويلتفت للطالب قائلاً بصوت مرتفع: “افتح يدك يا حمار”، وهات يا عنف ويا ضرب بدون توقف.
اندهش طلاب الفصل لهذه المعلومة المهمة التي أدلى بها معلمهم عبد الله بخصوص جدول الضرب، وأنا “عرعرت” له وللطلاب وللمدرسة ولتعليم ول “فيثاغورس” اللي اكتشف جدول الضرب، وعمل لنا “حنبة”. قلت لنفسي: “قاتلك الله من أستاذ؛ نحنا الأستاذ حقنا عبد الرحمن عبد القادر، صحيح أنه جلس إلى آخر السنة يدرسنا جدول الضرب ويضربنا، ولا جاب لنا حاجة غيره، بس ما كانش يعرف جدول الضرب مثلك، وإنما كان يقول لنا إن جدول الضرب يعني ضرب رقم عددي في آخر، وليس ضرب الطلاب”.
لكن طالما والمسألة فيها رئيس جمهورية، ويجب علينا أن ندافع عنه أمام رؤساء الدول الأخرى عشان ما يضحكوش علينا، فأنا مع تعريف المدرس عبد الله لجدول الضرب كما ورد.
أؤكد أنه لا يوجد فرق بين صعوبة حفظ جدول الضرب، وبين صعوبة حفظ اسم محطة مأرب الغازية؛ فالأول عجزت عن حفظه لأنو فيه ضرب واصل بالعصا، كنت أتعرض له وأنا في المدرسة، والثاني عجز الرئيس عن حفظه لأنو فيه ضرب واصل بالخبطات الحديدية والرصاص على أبراج خطوط النقل في “فرضة نهم”، و”الدماشقة”.
الضرب الذي يحدث لطلاب المدارس عشان جدول الضرب هو أمر هين مقارنة بالضرب الذي تتعرض له المحطة الغازية؛ فهذه الأخيرة تتعرض لضرب شديد بسببه تفقد وعيها وتجلس مدوخ (خارجة عن الخدمة) يومين ثلاث؛ فيما الضرب الذي يتعرض له الطلاب ينتهي أثره في وقت الراحة إذا حدث في الحصة الثالثة، وإذا حدث في الحصة الخامسة أو السادسة ينتهي عند مغادرة المدرسة.
أضف إلى الضرب الذي تتعرض له محطة الكهرباء، أن اسمها مركب ومعقد، وصعب على الواحد يحفظه، خصوصاً أن لقبها ابن الكلب اسمه “الغازية”، فما عليش يا رئيس.. أصلاً هي نقيلة لعندنا من “بني غازي” في ليبيا، وتشتي تفتخر بأصولها لأنها راحت الهبلى تسكن بين القبائل في مأرب.
يا رئيس، أنا معي لك حل ثاني لحفظ الاسم، بس يكون سر بيني وبينك وبين صالح سميع، لأنه شكلك معجب فيه زيادة ومش ناوي تغيره من وزارة الكهرباء خالص.
خلينا نغير اسمها من “محطة مأرب الغازية” إلى “محطة مأرب الغويزية” نسبة إلى حصن الغويزي. وإلا أقول لك؛ نختصر اسمها إلى “محطة الغويزي”، وفي هذه الحالة تقدر تحفظها بسرعة وبدون حتى أن تكررها عشر مرات، وكذا تقدر تغالط الناس عشان ما يجلسوش يظلموك ويقولوا عليك كلام مُش تمام.
أنت داري يا رئيس ايش دائما يقولوا عليك؟.. يقولوا: انك ضعيف، وانك “لا تهش ولا تنش”، وانه ما فيش بيدك حاجة، و”الخبرة” هم اللي “يمشوك زيما يشتوا وأنت بعدهم”. وكمان يقولوا: ان صادق الأحمر “يبهرر” فوقك، وأخوه حميد يهددك، واليدومي (…)، وعلي صالح يفجعك. وأيضاً يقولوا: انك أصلاً مش رئيس وإنما الرئيس هو علي محسن الأحمر، وانت مجرد “كوز مركوز”.
حتى يا رئيس، هذه التسمية “كوز مركوز”، اللي كنا نقولها عليك أيام ما كنت عادك نائب لرئيس الجمهورية، كانت قد اختفت بعد ما طلعت رئيس، لأنه كنا نعتقد أنك كنت “كوز” ل علي صالح بس، والآن رجعت ثاني مرة من جديد “كوز” ل علي محسن!
عن: صحيفة “الشارع” اليومية

زر الذهاب إلى الأعلى