فضاء حر

ليس أكثر من فاسد يدعي النضال

يمنات
غلطتي الوحيدة التي ارتكبتها في حياتي هي أني كنت “مقعي” جالس أدافع عن أحد الوزراء في حكومة الوفاق، معتقداً أنه مناضل حقيقي وابن مناضل يتعرض للتشهير بسبب مواقفه الوطنية و”الحاجات الهبلى اللي بيني وبينكم”.
لست الوحيد من كان “مُقعياً” ويعتقد بهذا الأمر؛ وإنما كان هناك الكثير من المخدوعين مثلي، يدافعون عن هذا الوزير السابق ويعتقدون -وأنا معهم- أنه الوطني الأخير والمناضل العتيد .. حتى عرفت مؤخراً أنه لا مناضل ولا عتيد ولا حقيقي ولا وطني؛ وإنما واحد فاسد وقح مثله مثل صالح سُميع، وحورية مشهور، وآخرين. ونحن كنا مجرد مطبلين خجف على نياتنا.
لا ننكر أن هذا الوزير عمل، فور توليه عرش الوزارة، حاجات مهمة وبعضها كان بطولياً، فلمع بعدها نجمه واستمر لفترة لا بأس بها؛ لكنه سرعان ما أفل وسقط في مستنقع الفساد. نعم، “إني لا أحب الآفلين”، ولا أحب من يستغفلنا ويخدعنا في تمرير مشاريعه الصغيرة.
إنه لأمر محزن، ومقزز ومؤلم في آن، أن تكتشف نفسك أنك كنت يوماً مطبّلاً أرعن، اجتمعت فيك كل سخافة العالم وسذاجته لتقذفا بك في مهمة قذرة للدفاع عن آخرين قذرين لا تعرفهم، وكنت تعتقد أنهم وطنيون وطيبون يشبهونك لا يشبهون الأشرار.
لست أعرف ما عليّ عمله الآن لأنسى هذا الأمر! لدي رغبة في أن أدس وجهي في التراب. أريد أن أختفي كلياً لأنسى ما كتبته وما قلته، ولأنسى أني خُدعت وأن هذا الوزير الجبان كان يستغفلنا ويستغلنا، وجعلنا نظهر بمظهر مخجل أمام الآخرين، ولا يحسدنا عليه أحد.
أريد أن أفقد ذاكرتي في حادث سير وأبدأ حياة جديدة غير هذه، أو أن أصاب بالجنون وأمشي في الشوارع عارياً أعرعر للسيارات وأصحاب المطاعم والمحلات وأجمع الكراتين، وألقي خطباً ثورية فوق أكوام القمامات. أعتقد أن هذا هو ما سيجعلني أتخلص من كل هذا الحرج وأنسى ما اقترفته من خطأ فادح.
أطلب المسامحة من أصدقائي ورفاقي الذين انخدعوا بما كنت أكتبه دفاعاً عن هذا الكائن المشوه، وبسببي كانوا يتحمسون له ويدافعون عنه؛ أنا مذنب يا رفاق وأعتذر هنا للجميع، رغم أن هذه لم تكن غلطتي، وإنما غلطة الصحفيين الذين كانوا ينشرون أخبار فساد عنه بدون أن يسندوها بالوثائق والأدلة.
ولكي أكون صادقاً معكم رفاقي، دعوني أخبركم بشيء غير ما نشر في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر”، وغير ما يدور حتى من أحاديث في المقايل والتجمعات عن جرائم فساد ارتكبها؛ أنا توصلت مؤخراً إلى أشياء مخجلة ومعيبة كان يمارسها هذا الوزير أثناء توليه عرش الوزارة، لكني لا أستطيع البوح بها لأنها غير قابلة للنشر.
هذا الوزير الذي كان يردد دائما: “جئنا إلى وزارة ال… من الخنادق وسنعود إلى الخنادق”، كنا نعتقد أنه سينقل وزارته هذه إلى مكان يليق بها؛ إلا أن الوزارة قامت بنقله “من الخنادق” إلى الفلل والقصور، لينتهي أمره فاسداً متخماً بالأموال والهدايا وأشياء أخرى.
أطالب هذا الوزير السابق بالاعتذار لي لأنه خدعني، والاعتذار لكم ولكل من خدعهم وأوهمهم أنه نزيه وشريف؛ بينما هو ليس أكثر من فاسد جبان يدعي النضال. أطالبه أيضاً بسرعة تقديم نفسه للمحاكمة.

زر الذهاب إلى الأعلى