أخبار وتقارير

كيف انهار اتفاق التهدئة بين الحوثيين والاصلاح في عضون ساعات؟

يمنات – الأولى
ليس ثمة جدل حول كون اتفاق عمران الاخير يصب في صالح الحوثيين، وهو ما جعل الاصلاح يبدو قلقا من الاتفاق؛ ليس فقط من ناحية كونه يعزز الدلالة التي يحاول الاصلاح نفيها في ما يخص طبيعة الصراع وتوصيفه على مستوى الخطابين الاعلامي والسياسي ولكن من حيث كون بنود الاتفاق تأخذ بيد الحوثي الى ما كان يطالب به منذ اشهر، وعلى اساسها انطلقت شرارة المواجهات في عمران، وهي المطالب التي حاول الاصلاح ان يقاوم حصول الحوثي عليها، انطلاقا من مخاوفه بانها تعني توسع الحوثي الذي يأتي على حساب جغرافيا الاصلاح السياسية والاجتماعية.
و منذ بداية صراع عمران، يضع الاصلاح نفسه كند للحوثي على مستوى الخطاب على الاقل، بينما يسعى كل طرف نحو تأكيد مفرداته الخطابية التي تعكس رؤيته للصراع. ففي حين يصر الحوثيون على ان المواجهات تدور بين جماعتهم ومسلحين من الاصلاح، يحاول الاصلاح ان يصور الامر على انه بين الجماعة والدولة، وفي هذا السياق لم يبد “الاصلاح” راضيا عن توصيف مبعوث الامين العام للأمم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر للصراع في عمران بانه بين الحوثيين وجماعة مسلحة، ظهر ذلك في جانب من الخطاب الاعلامي لوسائل اعلام الاصلاح او المحسوبة عليه.
ويكاد نص الاتفاق الذي اعلن عنه امس الاول من الناحية النظرية يحسم وجهة الدلالة التي يتنازعها الطرفان ويستمر الجدل حولها اذ ان ابرز ما يمكن ملاحظته، وهو ما اثار حنق الاصلاح ان نص الاتفاق اكتفى بوصف الحرب في عمران على انها بين طرفين دون ان يسميهما، كما لو كان يحمل بين سطوره تأكيدا من نوع ما ان الطرف الاخر الذي يواجه الحوثيين هو الاصلاح فقط .. وهو ما يعززه نص الاتفاق من خلال الاشارة الى الدولة ممثلة بوزارة الدفاع والرئاسة بوصفها راعية للاتفاق لا طرفا فيه.
و مما يبدو كما لو أنه كان تحاشيا للحرج وتفاديا لذكر الاصلاح، يتجاهل نص الاتفاق “ذكر الحوثيين” بالاسم ، ويكتفي بمفردة “الاطراف” وصيغتها المختلفة رغم ان الحوثيين طرف جوهري في الصراع و ليس لديه مشكلة في ذلك، وما يدور من جدل فإنما يتعلق بتحديد الطرف الذي يقف على الضفة الاخرى من الحوثي : الاصلاح ام الدولة؟
يدرك الاصلاح خطورة ذلك وسرعان ما تعلن بعض القيادات المحسوبة عليه، والتي ورد اسمها في الاتفاق تعلن عن التنصل منه وتنفي علمها به كما لو كانت ترى ان دخول الاصلاح كطرف في صراع مسلح يعني ورطة كبيرة للحزب الذي ينتهج العمل المدني، السياسي ويفترض به ان يكون بعيدا عن الصراع المسلح، كما ان تحديده كطرف سيجعله في موقع الخاسر بلا شك . ميدانيا وسياسيا .
و في حين تضع الدولة نفسها في موقع حرج كبير من حيث لا تدري، ففي حين تحيل مواجهات عمران على انها بين طرفين لا تكاد تفسر مشاركة الجيش، والطيران الحربي في قصف مواقع حوثية، لكن لغة الاتفاق الذي رعته وكثير من المؤشرات داخلة تقول ان الدولة هي اكثر الاطراف رغبة في الصلح، والتهدئة، رغم انها قالت ان الاتفاق تم ” بناء على رغبة كافة الاطراف في حل المشكلة حلا نهائيا” وهي رغبة لم تظهر على هذا النحو سوى لدى الدولة وحسب اما الاطراف فإنها ابعد ما تكون عن ذلك.
و لعل أهم دليل على ذلك هو ان هذا الاتفاق لم يصمد اكثر من الاتفاقات ال9 التي سبقته وانهارت جميعها، ان لم يكن اسرعها انهيارا، وهي اتفاقات يمكن القول انه قد روعي فيها الطرفان، ورغم ذلك انهارت كلها وكل انهيار يصاحبه توسع للمعارك وتوسع للحوثي.
و ركزت وسائل اعلام الاصلاح وخطاب نشطاءها، على انتقاد وزير الدفاع في ما بدا انها حملة موجهة ضده، وتعليقه في حبل اتهام فحواه انه يميل الى حركة الحوثي وانه عقبة في طريق التخلص منها، في اشارة واضحة الى ان الاتفاق اصغاء الى مطالب الحوثيين واصواتهم ، بينما تقول قرائن كثيرة ان حماس الدولة في انجاز هذا الاتفاق نابع من اصغائها لمعطيات الاحداث ودلالاتها، ومؤشرات الواقع التي من ابرزها ما يضعه تقرير مجموعة الازمات الدولية في اذن الدولة، وهو يحلل حركة الحوثي، وتوسعها ويضع مقترحاته التي لا بد ان الدولة قد قراتها مرارا.

زر الذهاب إلى الأعلى