أخبار وتقارير

“صحيفة لندنية”: تأجيج الفتنة الطائفية في مصر ورائها ملصقات اخوانية

يمنات

اللافتات انتشرت في أماكن كثيرة وأثارت اختلافا بين المصريين
كشفت صحيفة صادرة من لندن عن تنبيه الحكومة المصرية على القيادات التنفيذية، ضرورة الإسراع برفع الملصقات الدينية التي انتشرت في الشوارع بصورة كبيرة، خوفا من أن تنشب فتنة دينية، تستغلها العناصر الإخوانية والمتشددون، الذين يبحثون عن نافذة لتعكير الأجواء السياسية، والإيحاء بأن السلطات الجديدة غير قادرة على إحكام السيطرة على الأمور المجتمعية.
ونقلت صحيفة “العرب” عن مصادر مطّلعة أن القيادات التنفيذية الكبيرة تشرف بنفسها على هذه المهمة، حتى لا تتحول الشرارة إلى فتنة، قد يصعب السيطرة عليها في المستقبل، خاصة أن الملصقات لا أحد يعرف بالضبط من أين جاءت، ومن يقوم بوضعها في غفلة.
تأتي هذه الخطوة بعد أن لاحظ المصريون انتشارا غريبا لملصقات كتبت عليها عبارة ” لا إله إلا الله.. هل صليت على النبي اليوم”. وتحوّلت هذه الملصقات إلى ظاهرة وشعارات مثبّتة على ظهر الكثير من سيارات الأجرة ومداخل الأبنية والحوائط في عموم أنحاء مصر، وخصوصا في الشوارع والميادين الرئيسية.
واعتبر بعض المراقبين هذه الظاهرة شرارة جديدة لتأجيج الفتنة الطائفية، وربما تكون السلاح الأخير في أيدى جماعة الإخوان المسلمين لإحداث إرباك في المشهد السياسي المصري المتجه إلى الهدوء والاستقرار.
وقد تصدّرت هذه اللافتة “هل صليت علي النبي اليوم”، عدة مسيرات نظمها أنصار الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي.
الملصقات الدينية تستخدم لتأجيج الفتنة بين المسلمين والأقباط
أزمات طائفية
دكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق قال ل“العرب” إن المشكلة بدأت في أواخر القرن الماضي عندما وضع المسلمون على سياراتهم سمكة عليها شعار “لا إله إلا الله محمد رسول الله” فقلدهم المسيحيون بشعار خاص بالسيد المسيح، وتصاعد السباق في هذا المجال، وعندما يصطدم أحدهم بالآخر كان ينظر إلى الملصق على سيارته ليعرف هويته، إن كان من طائفته جرت تسوية الأمر، وكان العكس يؤدى غالبا إلى احتدام المشكلة وتطورها إلى معركة.
مع تكرار المسألة وما جلبته من أزمات طائفية جرّمت الدولة وضع ملصقات على السيارات، حتى لا يكون هناك تمييز بين المواطنين على أساس الدين، واعتبرت الدولة هذا التجريم بمثابة جانب من جوانب الاستقرار.
وأضاف “عبدالجليل” مع ظهور ملصق “هل صليت على النبي محمد اليوم” خلال الأيام الماضية، عادت المسألة من جديد لعدم الاستقرار والتهكم من بعض الأطراف، ما يمكن أن يشق وحدة المجتمع، في وقت بدأت فيه كثير من الأمور تعود لمجاريها بين قطاع كبير من المسلمين والأقباط، وعندما قامت الحكومة بإزالة الملصقات، لم تخترع قانونا جديدا.
السؤال المهم هنا هل التذكير بالله أو النبي يقف عند حدود وضع ملصق على السيارة، وهل إرسال مئات الرسائل النصية عبر الموبايل تحتوى على أذكار وأدعية متبوعة بنشرها وستأخذ كذا حسنة، مفيد في جوهر الإسلام؟
يجيب وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقا قائلا: للأسف الكثير من الناس يقفون عند الشكليات، دون اهتمام بالمعنى الحقيقي للإسلام، من عمل وأخلاق ونشر الفضيلة، يبدو أنهم يتناسون أن التدين أخلاق وسلوك وعقيدة وعبادة بين العبد وربه، والله سبحانه وتعالى وحده يعلم صدق النوايا ويحاسب عليها، فما الفائدة من فرد يعلق ملصقات إسلامية ويسب الدين ويؤذي الناس بالسب والقذف والفعل.
الإخوان يريدون أن يفتعلوا معركة بين الدولة وعامة الشعب بحجة أن الدولة تحارب الإسلام
المتاجرة بالدين
وحول استغلال الإخوان والجماعات السلفية لهذه القضية، قال عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع ل “العرب”: للأسف الشديد هذه الجماعات والتنظيمات تكرس الدين “الطقوسي” وليس “القيمي”، لأن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدّقه العمل، والمسلمون يصلّون على النبي وآل بيته في اليوم مرات عدة، في صلواتهم وقبلها وبعدها، وهذه الملصقات ترسخ لأن يصلي الناس على الرسول باللسان وليس بالقلب.
لكن اللافت أنه بالمعنى الزمني، أخذت هذه الملصقات في الانتشار عقب إعلان فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي، ما يعني أن هناك من يطل برأسه على الساحة ليقول أنا هنا، في محاولة لإعادة إنتاج شعارات الإخوان والسلفيين، بشعار محبب إلى المسلمين وهو الصلاة على النبي.
تساءل “مغاوري” من له الحق في طرح سؤال هل صليت على النبي؟ ولماذا لا يركزون على القيم الأخلاقية ويقولون للناس تمثّلوا بقيم الرسول وأخلاقه؟ فلا يمكن مقارنة الصلاة على الرسول بالعبارات والألفاظ البذيئة الموجودة بالشارع قولا وكتابة وفعلا، ولا يمكن أن تجتمع القيمة العالية والمكانة الرفيعة للرسول مع ما يسود حياتنا من تفسخ وقبح أخلاقي.
وعزا “مغاوري” تفشي القبح الأخلاقي في المجتمع إلى انصراف الدعاة الحقيقيين عن الدعوة لإصلاح النفوس إلى المتاجرة بالدين، حتى أصبح محل تنافس وشك وليس إيمانا.
وأكّد أن الإخوان يريدون أن يفتعلوا معركة بين الدولة والناس، بحجة أن الدولة تحارب الإسلام، عندما تنفذ القانون وتغرّم من يضع الملصق فيقول الناس الدولة تعاقبنا لأننا نصلي على النبي، للأسف ينزلون الدين من عليائه ليكون محل تقاذف بين هذا وذاك.
أوضح نائب رئيس حزب التجمع اليساري أن وضع هذا الملصق في وسائل النقل ينطوي على تمييز فاضح، ومن ثمة هم يدفعون المجتمع لافتعال معارك ليتاجروا بها واتهام الحكومة بمحاربة الإسلام، أو على أقل تقدير يخلقون حالة جدلية في المجتمع، عموما القاعدة تقول إذا غضب الله على أمّة أورثها الجدل.
وقال مغاوري: صحيح هناك قانون يعالج وضع الملصقات على وسائل النقل، لكن هذا سيجرنا إلى معارك مجتمعية، لذلك أرجو من الدولة معالجة الأمر دعويا ليتعلم الناس أن الإيمان ليس بالقول، لكن محله القلب والعمل.

زر الذهاب إلى الأعلى