أخبار وتقارير

المفكر عبد الباري طاهر يتحدث عن القبيلة في اليمن ودورها في الصراع على الحكم شمالا و جنوبا

يمنات – خاص

أعد المادة للنشر: مروان القباطي
قال المفكر عبد الباري طاهر، إن الصراعات على الحكم في اليمن، سواء في الشمال أو في الجنوب، أو بين الشمال والجنوب، مترابطة.
وأكد في حديثه لبرنامج المشهد الذي يعده الزميل عبد الله بن عامر على قناة الساحات، و يبث يوميا في شهر رمضان،، أكد أن الصراعات في الشمال كانت اجلى وأوضح واكثر تأثيراً على اليمن شمالاً وجنوباً، باعتباره يمثل مركز الثقل السكاني.
و أضاف: حتى بعد الوحدة اليمنية كانت معظم المشاكل والصراعات والاغتيالات والاختطاف والحروب في الشمال.
طبيعة الحكم قبل الثورة اليمنية
و حول طبيعة نظام الحكم الذي كان قائما في الشمال والجنوب قبل الثورة، وعلاقتها بالصراع، قال طاهر: في الشمال كان الحكم امامي و في الجنوب حكم السلطنات، و هي في نهاية المطاف مشيخيات قبلية، 22 سلطنة أو 23 و النظامين كانا قائمين على أساس البنى القبلية.
البنى القبيلة في الشمال
و أضاف: نظام الإمامة في الشمال قام في الأساس على أساس تراتُبيةً السيد القاضي، شيخ الضمان، و شيخ الضمان هو الذي يقود القبيلة وهو الذي يشكل الجيش الشعبي وهو أساس جيش الإمام يحيى، و بعد الثورةً انقسمت القبيلة و انقسم شيوخ القبائل، بعضها انضم للملكيين، و بعضها التحق بالجمهورية.
القبيلة والحروب
و تابع: شكل الطرفين عائقً بسبب الحرب، و كانت الحرب حرب ارتزاق و حرب اتكأت على الخارج واستنزاف أموال الدولة.
و لفت إلى أن القوى القبلية النافذة، سوى في حاشد أو في بكيل أو في خولان لعبت دور مزدوج، و كانت مع الجمهورية و مع الملكية في آن واحد.
و نوه إلى أن الطبيعة القبلية لها علاقة بالمال ولها علاقة بالارتزاق ولها علاقة بطبيعة المنطقة نفسها، فحياة القبيلة طاردة و شحيحة و قاسية، و تفتقد إلى ابسط مقومات الحياة المدنية، فكانت تعيش على الغزوات و الفيد.
و أشار، عندما تقرأ كتاب “حوليات يمانية” تعرف ما قبل القرن ال20 في اليمن وأيضاً النصف الأول من القرن ال20 إلى 62 وما بعد 62 أيضاً، و يلاحظ النزعةً الموجودةً في القبيلةً ومصدرها الحاجة و الفارقة و الجوع الحقيقي، فالقبيلة تلجأ إلى الحروب سواء لحماية نفسها أو للحصول على بعض المكاسب، و كانت صنعاء والمناطق الزراعية هي الضحية لهذا النوع من الصراع. منوها إلى أن التماهي بين القبيلة و الدولة، استند على هذا الأساس.
اساءة استخدام مبدأ الخروج على الامام الظالم
و أكد أن مبدأ الخروج على الإمام الظالم، مبدأ عظيم ومبدا شأني، لكن التطبيقات السيئة له والتوظيف السياسي والايدلوجي هي التي جعلت عدد من الائمة، يدعون الخروج على الإمام الظالم، وكلهم في الحقيقة ظلمة، و يهددون الأمن والسلام والاستقرار.
و لفت إلى أن الضحية في كل ذلك الصراع، التمدن و النمو والرأس المال و الاستقرار والمناطق الأمنة والزراعية.
و أكد أن هذه الروح ظلت موجودة حتى حرب 1994م، التي كان التنظير لها سلفي جهادي، غلبت فيها نزعة الفيد و الحروب القبلية، التي دمرت الجنوب.
الخلل في رأس القبيلة
و قال طاهر، في سياق حديثه عن القبيلة في اليمن: القبيلة الأن وصلت إلى مستوى من التطور و النمو و وصلت حالة اقتراب مع المجتمع المدني، غير أن هناك عناصر في رأس القبيلة و رأس الدولة، تغذي بقاء الوضع على ما هو عليه.
و اعتبر أن هذه العناصر تريد بقاء التمايز القبلي و بقاء الصراع الطائفي و بقاء ولاء الجيش للحزب و القبيلة، و هي المشكلةً القائمةً الأن.
و أضاف: للأسف الشديد هذا التوجه أعاق هيكلة الجيش و الأمن وبناء الجيش بناء وطنيا حقيقيا، بحيث يكون انتماؤه للوطن كل الوطن.
الخلل ليس في العادات والتقاليد
و أكد أن الخلل ليس في عادات و تقاليد القبيلة، و ليس في الناس، فالناس لهم مصلحة في الأمن والسلام والاستقرار و في بناء دولة للنظام والقانون، و في توفر المشاريع و الخدمات المدنية و العصرية، و إنما الخلل في رؤوس القبيلة الذين اثروا واغنوا وتاجروا بالحروب وارتزقوا بالجهاد، دفعوا بالناس للقتال في الشيشان و في العراق و في سوريا و في ليبيا و في أفغانستان و غيرها.
التحالف مع الاسلام السياسي
و أوضح أن هذه القوى التي لا تزال اليوم تشكل نفس هذا العائق تتحالف مع الإسلام السياسي الجهادي و مع رموز فاسدة ومستبدة في السلطة، و هي التي تشوش الأن على المشهد وهي العائق أمام مبادرة التعاون الخليجي وأمام المصالحة الحقيقية بين اليمن شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، لأنها لا تستطيع أن تحكم إلا في مناخات الفتن و الحروب و الصراعات المستدامة والأبدية.
القبيلة في الجنوب والغرب
و لفت إلى أن القبيلة في الجنوب وفي الغرب، في مناطق كتعز و أب و تهامة، لديها قدر كبير من التحضر و من التمدن و من الرضوخ والاستجابة للنظام والقانون وللحياة المدنية العصرية والحديثة.
و أوضح أن هذه المناطق فيها مجتمعات مدنية، بسبب الانفتاح على العالم، فالقعيطي و الكثيري في الساحل الحضرمي و داخل حضرموت أقاموا تعليم حديث في الثلاثينات، كما تلاحظ النزوع للمدارس و للدسترة، و لحج أيضاً قطعت شوطا في هذا الجانب.
و أشار إلى أن المناطق الأخرى ظلت مغلقة ولا تزال محاولة الاغلاق قائمة، حيث تسعى القوى المسيطرة، لإبقاء أبناء تلك المناطق بعيدا عن التطور و الحداثة و المدنية، و مواجهة الدولة و مواجهة النظام والقانون و مواجهة الحياة المدنية.
و أكد أن الإسلام السياسي الجهادي له دور في هذه التعبية و التحشيد، ودفعوا بالفعل إلى الحروب و إلى الفتن، ولم تكن حرب 94 نهاية الحروب، و ما يحصل في عمران و همدان، وغيرها استمرار لهذا التوظيف.
اقصاء القبيلة في الجنوب
و عن القبيلة في الجنوب، قال طاهر: في الجنوب تم إقصاء القبيلة، في وقت كان يمكن التحاور معها، لكن الإجراءات القاسية من قبل الجبهة القومية دفع برؤوس القبيلة كلها، بما في ذلك عناصر من الطبقة الوسطى و المجتمع التجاري إلى ما سمي حينها ب”الثورة المضادة” في الجنوب.
و اعتبر أن ما حصل في 13 يناير 1986 أضعف القوى المدنية لصالح قوى المناطق، و لعبت قوى الشمال دور كبير جدا.
و تابع: في الشمال كانت ثورة 26 سبتمبر 19962م، انتصار لقوى المدنية ولقوى الحداثة، وكانت بداية مهمة جدا باتجاه العصر، دعمت الثورة في الجنوب و ارتبطت بمصر و بحركات التحرر في العالم و بالمعسكر الاشتراكي حينها، فضعفت القبيلة.
القبيلة ضعيفة
و لفت أن القبيلة اليوم كبنية متخلفة و عصبية، هي في غاية الضعف، وهي اقرب ما تكون للاستجابة للعصر، لكن الخلل ان هناك عناصر في أحزاب سياسية و هناك قيادات في الجيش و السلطة لا تزال أقرب إلى العصبية القبلية، ولاؤها للقبيلة وتريد ان تبقى قوة القبيلة على حساب الدولة وعلى حساب المجتمع المدني.
عهد الحمدي وسالمين
و أكد: عندما تضعف الدولة تقوى القبيلة، حيث يعود الناس إلى العصبيات و إلى ما قبل الدولة، ففي عهد حكم الشهيد ابراهيم الحمدي في الشمال و عهد سالم ربيع علي في الجنوب، ضعفت القبيلة شمالا وجنوبا، وأصبحت الدولة قوية، حيث كان أكبر رأس في القبيلة لا يستطيع الدخول إلى صنعاء، و معظم المشائخ النافذين انزووا في مناطقهم و غادروا البلاد، و عندما اغتيل الشهيد ابراهيم الحمدي وقتل سالم ربيع علي خلق الصراع بين الشمال والجنوب.
و أوضح: عندما قامت الوحدة اليمنية كان الولاء للقبيلة وللعشيرة وللأسرة، اقوى من الولاء للدولة، و هو ما أدى إلى الكارثة.
اليمن في سياق مختلف
و اعتبر أن الثورة الشعبية السلمية، وضعت اليمن الأن في سياق جديد ومختلف، لكن إعاقة بناء الدولة، لا تزال لكنها مؤقتة.
و أكد أنه يمكن التغلب على الاعاقة، حيث لم تعد قوى الحكم قادرة على أن تقدم نفسها من جديد لا في شكل انقلاب ولا في شكل أخر، يضمن لها استمرار بقاء الأوضاع كما هي الأن.

زر الذهاب إلى الأعلى