فضاء حر

المتاح قليل والمستور كثير .. مفاوضات .. مساومات .. وماذا بعد ؟

يمنات
مرة اخرى مارست السلطة العشوائية وربما التحايل عندما اعلنت تشكيل لجنة وطنية رئاسية قالت أنها ستبحث مع زعيم جماعة انصار الله حلولا سياسية لأزمة تظاهرات اسقاط الجرعة والحكومة، وتبين بعد عودتها من صعدة واعلانها فشل التوصل إلى حل مع الحوثيين، أنها لم تكن مخولة باتخاذ قرار يتيح لها إدارة “مفاوضات”.
السلطة في بلادنا دائما ما تخفق بإطلاق المسميات، فهي سمتها لجنة وطنية رئاسية، بما يعني أنها تمثل سائر القوى الوطنية سوى الحوثيين، وبما يمنحها صلاحية القرار، كما ان الرئاسة اضافت لهذه اللجنة مهمة ” لقاء زعيم جماعة انصار الله للتوصل إلى اتفاق” واتفاق هناك تعني بالمصلح السياسي ادارة مفاوضات أو حوار الهدف منه التوصل إلى اتفاق لتسوية نزاع يلبي مصالح طرفين.
كانت التسمية عبثية وكذلك المهمة، إذ تبين من تصريحات ناطقها الرسمي عبد الملك المخلافي أنها ذهب لتقديم مشروع شامل للحل السياسي السلمي، وكان مطلوبا من الحوثيين قبوله فقط.
وهذا التسلط كان كافيا لانهيار جهود هذه اللجنة، التي ادارت ما يفترض أن يسمى “مساومات” وليس حوار أو مفاوضات. ولن اكون مجازفا لو قلت أنها كانت استنادا إلى تصريحات الناطق الرسمي لجماعة “أنصار الله” محمد عبد السلام “عملية سمسرة لصفقات سياسية”.
لم يكن صدفة اختيار الرئيس هادي المكوث هذه المرة أيضا في المنطقة الخضراء، وهو فقط اعلن عن لقاء موسع لقيادات الدولة، سيخصص لتقديم “لجنة المساومة” تقريرها إلى الاجتماع، لاتخاذ قرار وسيلية لقاء موسع سيضم اعضاء الحكومة والنواب والشورى وقادة الاحزاب والفاعليات السياسية والمدنية والمرأة والشباب.
هذان الاجماعان سيتيحان البحث في التقرير النهائي للجنة الوطنية الرئاسية( لجنة المساومة) وكذلك المبادرة التي قال الحوثيون أنهم سيقدمونها للرئيس هادي، والهدف استهلاك مبادرات الحل الداخلي الهادف للتهدئة بانتظار خطوة اخرى .
ذلك يعني أن قرار المواجهة مع الحوثيين لم يتخذ بعد ولا يزال الجميع في مربع توجيه الرسائل السياسية، بما يجعل هذه التحركات شكلية، فقط بانتظار التحرك الدولي لم ينضج بعد برؤيته للحل، والمتوقع أن يقوده مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر والمؤكد أنه سيحسم الأمر سياسيا.
اجتماع الرئيس باللجنة الأمنية العليا واللجنة العسكرية التي يبدوا أنها المشكلة بموجب المبادرة لخليجية، لم يكرس للبحث في قرار يوازي اعلان اللجنة الوطنية فشل لقاء اللجنة بالحوثي ولم يظهر فيه أي جديد سوى تلويح الرئيس هادي إن البحث في معالجات الازمة عسكريا وامنيا سيبدأ هذه المرة من عمران وليس من صنعاء، وهو موقف يفصح عن تكتيك عسكري ناضج باعتبار أن عمران تشكل العمق الاستراتيجي للحوثيين في حال حصول مواجهات.
هل انتهينا من مربع المساومات المحلية ..
لا .. فتفاعلات اليوم كشفت أنه لا يزال هناك خطوات اخرى لن تقدم على كل حال حلا جذريا لأزمة الرعب الحاصلة، فالمسموح في هذا المدى محدود للغاية .
يبقى لدينا مسار الجهد الدولي الذي سيؤدي فعلا إلى مفاوضات ستقود بلا شك إلى نتائج والتزامات، لن نشارك فيها بكل تأكيد.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى