أخبار وتقارير

سقوط العاصمة لغز التبس الكثيرون في فك طلاسمه و حير المراقبون في الكشف عن ابعاده

يمنات

عاش الجميع أمس الأحد، حالة من الذهول، عقب سقوط كثير من المقار الأمنية العسكرية و الحكومية في العامة صنعاء، بأيدي مسلحي جماعة الحوثيين.
و تعاطى الاعلام المحلي و الخارجي مع ما حدث بنوع من الارتباك و الذهول و الحيرة، خاصة مع تسارع الأنباء عن سقوط المقار الحكومية، واحدة تلو الأخرى.
و جاءت سيطرة الحوثيون على تلك المقار، عقب سيطرتهم على جامعة الايمان و معسكر الفرقة المنحلة، و الذي سبقهما السيطرة على مبنى التلفزيون في حي الجراف شمال العاصمة، أمس الأول السبت.
و بدأ تساقط تلك المقار، بعد ظهر أمس، و كانت البداية من مبنى القيادة العليا للقوات المسلحة في حي التحرير، وسط العاصمة صنعاء.
و جاءت سيطرة مسلحي الحوثي بعد حوالي أسبوع من المواجهات مع مسلحين مواليين لقيادات في الإصلاح و اللواء علي محسن الأحمر، الذي تحصن في معسكر الفرقة، و حولها إلى غرفة عمليات لإدارة المواجهات مع مسلحي الحوثيين.
تساقط المقار الحكومية، و بدون أي مقاومة، جعل كثير من المراقبين، يعتبرون السقوط، تم بموجب مخطط متفق عليه بين الحوثيين و أطراف في السلطة.
و يذهب البعض إلى أبعد من ذلك، حيث يرون أن تغير مسار الأزمة من التظاهرات السلمية، إلى العمل المسلح، و من ثم الانهيار المفاجئ، سيناريو متفق عليه اقليميا و دوليا، كان الحوثيون منفذيه.
و يرون أن بيان سفراء الدول العشر الراعية للتسوية السياسية في البلاد، و البيان السعودي، مؤشرات تدل على ذلك.
هذا التغيير الدولي المفاجئ، منذ صدور قرار مجلس الأمن في ال”29″ من اغسطس المنصرم، يكشف أن هناك شيء ما تم الاتفاق عليه في اليمن.
التسوية الحالية بين الأطراف التي وقعت على المبادرة الخليجية نهاية العام 2011م و جماعة الحوثي، التي دخلت كطرف جديد و فاعل في الملعب السياسي، يشير إلى أن المجتمع الدولي، ضاق ذرعا بطرفي تسوية 2011م، و اللذان اثبتا فشلا ذريعا في إدارة البلاد.
و يبدو أن المجتمع الدولي، بات ينظر للحوثيين كطرف قوي في المعادلة السياسية، سيتم الاعتماد عليه في المرحلة القادمة، لتحقيق تقدم باتجاه نقل البلد إلى مرحلة الشرعية الدستورية.
البعض يرى أن احباط “بن عمر” لاتفاق بين السلطة و الحوثيين، عبر اللجنة الرباعية المفوضة، بمبرر عدم الاعتماد على المبادرة الخليجية و قرارات مجلس الأمن كمرجعية، و أن عدم اعتراض جماعة الحوثي على تدخلات “بن عمر”، يشير إلى أن “بن عمر” قدم إلى اليمن، لإنجاز تسوية جديدة، تستثني القوى التقليدية التي مثلت عامل توتر خلال العامين المنصرمين.
و يبدو أن “بن عمر” مارس ضغوطات على مختلف الأطراف في البلاد، تمرد عليها الجناحين العسكري و الديني في الإصلاح، بقيادة اللواء محسن و الزنداني، اللذان تخلى عنهما الجناح السياسي في الحزب، و اللذان اتجها صوب المواجهة المسلحة.
صمت المجتمع الدولي على معارك العاصمة التي استمرت حوالي اسبوع، يشير إلى الرضاء عما يدور في البلاد و فق ما هو مرسوم.
و يرى أن آخرون أن صمت الرئيس السابق “صالح” منذ وصول “بن عمر” إلى العاصمة صنعاء، مؤشر يكشف عن ضغوط دولية مورست عليه، في سبيل الوصول إلى المرحلة الحالية، و التي بدأت بسيطرة الحوثيين على العاصمة وتوقيع اتفاق السلم و الشراكة.
قبول الحوثيون بتوقيع الاتفاق على الرغم من سيطرتهم الميدانية على معظم العاصمة و أهم المرافق الحساسة للدولة، يضع كثير من علامات الاستفهام، و هو ما يشير إلى ما حصل مجرد تحصيل حاصل.
و مثلما اتجه المجتمع الدولي إلى الإصلاح في العام 2011م، لقيادة زمام الأمور في البلاد، باعتباره الطرف الأقوى و المنظم، و الذي فشل في ادارة البلاد، كغيره من فروع تنظيم الاخوان في معظم دول الربيع العربي، اتجه المجتمع الدولي، هذه المرة، إلى الحوثيين، باعتبارهم الطرف الأقوى و الأكثر تنظيما، و صاروا مضطرين للتعامل معه مكرهين، و ما يدفعهم إلى ذلك ضعف بقية الأطراف و ارتكابها أخطاء فادحة، ستدفع البلاد نحو الهاوية، و هو نوع من العقاب الدولي لتلك الأطراف الفاشلة، التي لم تكون عند مستوى الثقة بها من المجتمع الدولي.
مسلحوا الحوثي، و منذ مساء أمس الأحد، صاروا يديرون الأمن في العاصمة، في وقت توارت فيه نقاط الجيش و الأمن التي فشلت في احراز نجاح في تثبيت الأمن و الاستقرار في العاصمة و المحافظات خلال عامين، نتيجة الولاءات في صفوفها لمراكز القوى المتصارعة.
و مثلما نجح الحوثيون في استتباب الأمن في محافظتي صعدة و عمران، سينجحون في العاصمة، غير أن ما يثير القلق و التخوف، هو: إلى متى سيظل البلد يعتمد على مليشيات مسلحة في حفظ الأمن في المدن.
و فوق هذا هناك ما أهو مقلق و مخيف في حال تم استيعاب هذه المليشيات في صفوف المؤسسة العسكرية و الأمنية، خاصة و أنه سبق و أن استوعبت مليشيات الاخوان في 2011م في الجيش و الأمن.
استيعاب المليشيات المسلحة في المؤسسة الأمنية و العسكرية، سيعمل على جعل ولاء المؤسسة الوطنية للجماعات و الأحزاب، ما سينحرف بها عن ممارسة دورها في حماية البلد و حفظ أمنه و استقراره، و بالتالي فشل جعل الجيش و الأمن جيشا ولاؤه للوطن و الشعب.
هناك معلومات تشير إلى أن توجيهات صدرت لكثير من المقار الأمنية و العسكرية و الحكومية، بعدم مقاومة مسلحي الحوثي، الذين ينتشرون في معظم المؤسسات الحكومية و العسكرية.
و حسب المعلومات، فإن تواجد مسلحي الحوثيين في تلك المؤسسات ضمان للحوثيين من عدم استخدام المعسكرات ضدهم، مقابل توقيعهم الاتفاق.
و تؤكد بعض المعلومات، أن حالة من التذمر تسود في صفوف ضباط و جنود كثير من الوحدات العسكرية، و هو ما خلق انكسار معنوي في صفوفهم.
و يعتبر آخرون ما حصل بأنه الخيار الأنسب لتجنيب البلاد السقوط في مستنقع الحرب و الفوضى، و الذي كان سيعمل على تأكل ما تبقى من وجود للدولة، التي باتت غير قادرة على بسط سيطرتها على مختلف أرجاء البلاد.
آخرون يختلفون مع هذا الرأي، و يرون أن ايكال حماية العاصمة لغير الجيش و الأمن، هو في الأصل مؤشر على ضعف الدولة إن لم يكن اضمحلال وجودها.
و يبقى سقوط العاصمة لغزا كثر اللبس حوله و بات أمر فك طلاسمه محيرا، على الأقل خلال هذه الفترة.
و حتما ستكشف الأيام القادمة كثيرا من الابعاد التي يجهلها اليوم الكثيرين، و سيكشف الأبعاد التي بني عليها و سيميط اللثام عن اللاعب أو اللاعبون الذي توارون خلف خيوط تفاصيله.

زر الذهاب إلى الأعلى