فضاء حر

أنصار الله ورثة “ثوريون” لأنصار الثورة

يمنات
عبد الملك الحوثي هو قائد جماعة عقائدية ذات طبيعة دينية مذهبية ونزعة ميليشوية ونطاق جغرافي. جماعته حتى الآن ليست في وارد التكيف ومقتضيات العمل السياسي السلمي ولذلك تصير الجماعة في نظر “الأخ قائد الثورة”_ هل تتذكرون القذافي؟_ هي الشعب اليمني العظيم، وفعلها العسكري في العاصمة وما ترتب عليه من فرار ل”أنصار الثورة” بزعامة علي محسن الأحمر، ثورة عظيمة غير مسبوقة.
يبدو عبد الملك الحوثي عازما على مواصلة ثورته الخاصة ضد علي محسن الأحمر وفلول “أنصار الثورة” حتى النهاية _ حتى نهاية الدولة والسياسة في اليمن. لديه حساسية _ غير ثورية_ من ثروات علي محسن الأحمر وحميد الأحمر، خلاف الأثرياء الآخرين من أنصار الشرعية، وبخاصة الرئيس السابق وبعض أقاربه.
***
التاريخ الثوري عنده يبدأ من لحظة استخلاصه حديقة 21 مارس لنفسه. وكما الطغاة العرب والأفارقة، بدأ عهده_ غير الرسمي_ بإعادة صوغ التاريخ طبق تصوراته ومحنه وقيم جماعته. لذلك تصير حديقة 21 مارس حديقة 21 سبتمبر من دون أي أمل في أن تصير حديقة يملكها الشعب.
على اليمنيين أن يبتهجوا؛ صار لديهم حدائقي جديد بعد فرار الحدائقي الأول إلى السعودية.
“القادة” من شاكلة الحوثي _ كما تفيد التجربة_ لديهم دائما تحديات يواجهونها وأخطار يتصدون لها، وأعداء يتكاثرون في الداخل والخارج، ولذلك على اليمنيين أن يستعدوا لمرحلة “ثورية” مستدامة قاتمة، تذكر بثورات العسكر والمرتزقة التي راجت في العالم الثالث خلال العقود السابقة، وحملت للشعوب بشائر كبرى من شاكلة ما يقوله الحوثي ل”الشعب اليمني العظيم”.
***
عبد الملك الحوثي يحتاج الى التدقيق كثيرا في قاموسه السياسي، وفي مضامين خطبه المطولة. فهو يجيد التنكيل بخصومه في العاصمة من الرئيس نزولا الى اصغر مستشار واعتق يساري وأعتى إرهابي داعشي. لكنه يفشل، المرة تلو الأخرى في تطمين اليمنيين، بل إنه من خطاب الى آخر، يبلبلهم أكثر، وكرس لديهم الانطباع بأنهم ارتكبوا حماقة كبرى عندما اطاحوا بالرئيس صالح.
ما يفعله الحوثي وما تتضمنه خطبه، يثير السؤال الوجودي الأعظم لدي اليمنيين منذ 3 سنوات: هل أخطأنا؟
ما من شك أنه يثير حماسة “الشعب اليمني العظيم والكريم” الذي يخاطبه الحوثي، وهو هنا ليس سوى جماعته، لكن اغلب اليمنيين يرون فيه مشروع طاغية جديد، أكثر قسوة وأشد ظلامية من أي زعيم سابق عرفوه.
هذه زاوية اخرى للإطلال على “انصار الله” بما هم ورثة “ثوريون” لأنصار الثورة.
على الحوثي مرة أخرى أن يقرأ جيدا تجربة أنصار الثورة في السنوات ال3 السابقة إذا أراد حقا أن يكون مختلفا عنهم.
***
يتمسك الحوثي بأن ما يجري هو ثورة.
ربما بالنسبة لجماعته.
أقله حتى الآن.
يتحدث الحوثي باسم الشعب اليمني، ممجدا اللجان الشعبية والثورية والأحزاب اليمنية الوطنية الجديدة (التي لا يراها أحد غيره)، متعمدا الإسهاب في مجال الأخلاق، والتشهير بخصومه المخمورين، ما يعني ان اليمنيين على موعد مع حكم ثيوقراطي “من طراز جديد”، لا يمارس الإرهاب المادي ضد خصومه بل يذهب بعيدا في التلويح ب “الفضيلة” ضدهم كما حصل مساء أمس.
***
في التاريخ الحديث والمعاصر لم يسبق لليمنيين ان اختبروا العيش تحت رحمة جماعة هي عبارة عن خلطة ثلاثية _ ايديولوجيا دينية متطرفة ونزعة ميليشوية غلابة وسياق اجتماعي محفز وحاضن.
ما كان لليمنيين ان يلاقون مصيرا كهذا لولا مشروع هادي والمشترك في تفكيك الدولة وتمزيق وتجويع المجتمع.
لقد عملت سلطة الوفاق كوحدة شق طرقات أمام الحوثيين منذ 2011. والآن فإن الحوثيين يغلقون الطرقات أمام هادي ونجله ومستشاريه بعد أن عاثوا فسادا في البلاد. لكنهم لا يتوقفون هنا إذ يطالبون اليمنيين بتسليم الدولة لهم.
هل تتذكرون ما كان يقوله أنصار الثورة في العامين 2012 و2013؟
الكلام نفسه.
لكن الحوثيين ليسوا مجرد أنصار.
إنهم خلطة ثلاثية قد تفتك فعلا بالدولة من حيث تريد الاستحواذ عليها.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى