فضاء حر

كيف غدر قادة المشترك بالثورة، وجعلوا من “صالح” بطلا منقذا؟

يمنات
خرج اليمنيون عام 2011في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة ومدن يمنية أخرى، لإسقاط نظام الرئيس صالح. وقد اسقطوه فعلا بعد صمود اسطوري في الساحات.
كانوا مجمعين على شيء واحد: مواطنة متساوية ضدا على الظلم والإقصاء والفساد والتوريث.
في 2012 و2013 قرر قادة المشترك الذين ركبوا موجة الثورة، ووثبوا من الساحات الى القصور، أن المشكلة لم تكن في نظام الرئيس صالح وإنما في اليمنيين أنفسهم، وفي الدولة التي ينتمون إليها وفي النظام السياسي وفي النظام الانتخابي.
كذلك صار الرئيس السابق مظلوما طيق تنظيرات قادة المشترك (الحمقى والمتوترين والانتهازيين).
صارت مشكلة اليمنيين في الدستور وليس في خرق الرئيس صالح للدستور.
صارت مشكلة اليمنيين في الدولة وليست في تمييز الحكام بين المواطنين طبقا لمعايير القرابة والمنطقة والحزب.
صارت مشكلة اليمنيين في النظام السياسي وليس في كون رئيس السلطة التنفيذية فاسدا ورئيس الحكومة تابعا لحزب الرئيس الذي يهيمن على البرلمان بانتخابات قبلوية الأحكام.
صارت مشكلة اليمنيين في النظام الانتخابي الأكثري، وليس في تزوير الانتخابات واستخدام المال العام وقدرات الدولة وعتادها لصالح مرشحي حزب الرئيس.
صارت مشكلة اليمنيين في كونهم يمنيين همج ومتخلفين وأميين ومسلحين، في كونهم بشرا لا يحبون بعضا، ولا يطيقون العيش معا في بلد واحد، ولم يعودوا يتحملون أي حياة مشتركة تحت سقف واحد!
هكذا نظر الرئيس هادي وزعماء (وصغائريوا أحزاب المشترك) في المرحلة الانتقالية. وكذلك صارت الفدرالية بوابة جهنم التي يساق من خلالها اليمنيون إلى الهلاك في حروب الطوائف والعشائر.
يخرج الرئيس السابق من حريق 2011 معافى بعد تبرئة ساحته من قادة المشترك الذين سقطوا في ملذات السلطة من أول اختبار، فتحاصصوا وتنافسوا على الامتيازات والمناصب، وتهافتوا على المال العام وتساقطوا تباعا خلال المرحلة الانتقالية حتى لم يبق فيهم سياسي جدير بالاحترام.
***
في 2011 توحد اليمنيون في الساحات طلبا للمستقبل.
جاء قادة المشترك، ومن والاهم، ليعيدوا تعريف المشكلة وفق معايير عصبوية.
قرروا أن اليمنيين لا يختملون العيش معا، وأن المطلوب توزيعهم في معازل طائفية ومناطقية.
وقي ظل حكم هادي والمشترك تم البناء على التشوهات التي خلفها الرئيس السابق، وتحويلها الى “ثوابت وظنية” و”اسس دستورية” مستقبلية.
في ظل نحبة “الخراب الوطني” برئاسة هادي ومستشاريه، تم تحريض اليمنيين على بعضهم، وإشاعة مشاعر الكراهية فيما بينهم، وتحفيز الغرائز المذهبية والمناطقية علنا. بل إن هؤلاء الأوغاد الذين وثق بهم الناس العاديون، قاموا بعمليات استقطاب واسعة بناء على اعتبارات جهوية ومناطقية. وفي عهد هؤلاء الذين يقول صالح_ متبرئا منهم_ أنه لم يحسن تأديبهم، بات من البطولة والعصرية أن يردد أي كاتب أو سياسي أو صحفي عبارات تحقيرية بحق شعبه أو جزء من شعبه، لينال التكريم ويخظى بالثقة.
***
نقل لي صديق سوي لم تلامس روحه تشوهات المناطقية، صديق بقلب يماني سليم، أن مسؤولا كبيرا، من المنطقة نفسها، عرض عليه منصبا رفيعا واموالا، ليكون جزءا من مخططه في تمزيق اليمن.
***
تهاوى حكم اللصوص تحت ضربات الوافد الجديد من صعدة. واحكمت ميليشيات الحوثين قبضتها على العاصمة ومحافظات أخرى. وفي الأثناء يغرق قادة المشترك في حضيضيتهم، ويواصلون سياساتهم نفسها، وكل أملهم أن تستمر الامتيازات التي تحصلوا عليها، وقتا أطول.
بعض أولئك الذين خذلهم المشترك وغدر بهم وبثورتهم الآن، ما عادوا يرون في الرئيس صالح الديكتاتور الفاسد والدميم الذي خصخص الدولة لصالح أقاربه وبطانته لكأنها المزرعة.
بينما يستمر قادة المشترك في ثرثرتهم حول “المخلوع”، فإن يمنيين ثاروا ضده باتوا يرونه “المنقذ” من الضلال الاصلاحي الحوثي الاشتراكي المشتركي.
***
لقد أحسن الرئيس صالح تأديبهم خلافا لما يردده في المقابلات والحوارات والمجالس.
وها إن الحضيضيين الذين صاروا من “أهل القمة” يردون إليه الجميل، ويقابلونه بالعرفان.
جعلوه بطلا!
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى