العرض في الرئيسةفضاء حر

كيف يموت محمد العبسي بهذه البساطة..؟!

يمنات

محمد الصلوي

ليلتان موحشتان عاشتهما البلد كلها, تناسى الجميع الحرب و الراتب و الدماء. لكن اي حدث هذا الذي سيجعل الناس ينسون أوضاعهم وجراحهم..؟ إنها فاجعة وفاة أحد أعمدة الصحافة اليمنية, الصحافي محمد العبسي.

حدث كهذا أصاب الجميع بصعقة جعلتهم يفقدون ذاكرتهم و ينسون كل شيء. هذا الخبر جعلني أخرج مهرول الساعة الثانية ليلا أشوط شوارع صنعاء الموحشة, حتي وصلت إلى جوار منزل العبسي و انا اتمتم و أقول ربما أخطاء الموت العنوان و أخذ غير محمد, لا يمكن أن يموت العبسي بهذه البساطة!

عدت من حيث أتيت بعد ان تأكدت إن الموت لم يخطئ و إنه أصاب هدفه بعانيه, لقد مات محمد بالفعل..!

صباح الأربعاء تجمع أصدقاء و زملاء محمد جوار البيت و أنا أطوف بعيناي و أشاهد من حضر, كنت اشاهد الموت يتجول بينهم, أحيانا يأخذ نفس سيجارة من أحد و أحيان يفترش الارض, و احيانا يتمتم بكلمات لا أفهمها, لقد رأيت الموت يختبئ تحت قمصانهم، لقد رأيته يدغدغ أحدهم كلما حك رأسه, كان الموت يلفنا من كل اتجاه.

كنا جوار جثة محمد مجرد جثث تتحرك يتربص بها الموت, لكن ما نوعية الموت الذي مر أمامي الآن..؟ هل موت مسموم..؟ أم موت متحزم كاتم صوت..؟!.

مشينا خلف جثة محمد التي نقلت إلى الثلاجة، ألقينا نظرة الوداع الاخير عليه، كنت اسمع اصوات جثث من داخل الثلاجة، كأنها ترحب بضيفهم الجديد، هذا ضيف مختلف، هذه جثة شخص ميت، لماذا اذا يقف الموت بالخارج وسط من أحضروها..؟

تركنا جثة محمد هناك، و لا نعرف كيف كانت ليلته الأولى بضيافة من سبقوه، هل اعترض عن صغر حجم الثلاجة، هل قام بحسابة تكاليف إنشاءها، حتى يعرف إذا ما كانت وراء ذلك صفقة مشبوة، لقد تركناه هناك وحيدا يلتحف البرد، هذا البرد الذي استباح ارواحنا منذ تلك اللحظة، اليوم يرقد ليلته الثالثة،  كيف حالك الآن يا محمد..؟ ماذا تعمل الآن..؟ كيف هي أصابعك التي كنت توقض بها مضاجعهم و أنت تنشر غسيل فسادهم، هل ما زالت اصابعك تتحرك..؟ ارجو ذلك لأننا أصبحنا بعد الأربعاء، مثل يد دون اصابع.

للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى