أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

الصين .. وإمكانية العبور إلى بحر العرب بـ«قارب الشرعية»

يمنات

معاذ منصر 

خلال اليومين الماضيين، برز حديث عن مساعي لحكومة «الشرعية» لبحث تعاون مع دولة الصين، وجرى الحديث عن نية الرئيس عبدربه منصور هادي بتسليم ميناء عدن للصين، في خطوة بدت كما لو أنها ورقة من أوراق الصراع والمواجهة بين «الشرعية» وأبو ظبي، التي تخوض حرباً واسعة النطاق مع الرئيس هادي، أخضعته للبقاء في الرياض تحت الإقامة الجبرية، والتي لا يزال الأخير ينفيها، في حين، تؤكدها مصادر مطلعة وبعض أفراد حكومته، كان آخرهم، صلاح الصيادي، وزير الدولة.

وتؤكد المعطيات، على أن الإمارات تكثف تحركاتها وتحالفاتها جنوب اليمن، بهدف السيطرة على البحر والمنافذ الحيوية وميناء عدن، الذي تحكم أبو ظبي قبضتها عليه، وحولته إلى ميناء معطل تماماً منذ بداية الحرب، فلا حركة فيه ولا نشاط.

ويبدو أن الرئيس هادي، ومن منطلق تفاقم وتيرة الحرب عليه من قبل الإمارات، صار يفضل تحريك المياه الراكدة بدلاً عن الصمت، فكان تسريبه لتسليم ميناء عدن لدولة الصين، مقصوداً ومتعمداً، لإثارة دولة الإمارات، حيث جاء التسريب بعد سلسلة من اللقاءات المكثفة بين الرئيس هادي والسفير الصيني في الرياض، ما يوحي ويؤكد حقيقة مساعي وتحرك «الشرعية» لعقد تحالف مع الصين، وتسليمها ميناء عدن، لكن يبقى السؤال: هل سيكون أمر تسليم الصين الميناء ممكنا؟

مصادر سياسية في الرياض، أكدت في حديث إلى «العربي»، أن الهدف من مساعي «الشرعية» لإحداث تقارب مع الصين، وتسريبها لفكرة أنها تنوي تسليم ميناء عدن للجانب الصيني، هو «خلط الأوراق وإيصال رسائل سياسية لا أكثر ولا أقل».

وعن وضع ومصير ميناء عدن، وعما إذا كانت «الشرعية» قادرة على تسليمه للصين، كشفت المصادر لـ«العربي»، بأن «(الرئيس السابق على عبدالله) صالح كان قد اتفق مع الإمارات بشأن ميناء عدن، واستلم ثمن تلك الإتفاقية في إحدى فترات حكمه، إضافه إلى عمولة 600 ألف دولار سنوياً كانت تدفع له، بنا بها المدينة السياحية في الإمارات (شبام كوكبان وصنعاء القديمة)».

ولفتت المصادر، إلى أن «هادي جاء بعد صالح واستجاب لمطالب بعض القوى السياسية التي لم تحصّل من عمولة صالح وقت الإتفاقية، واتخذ هادي قراراً بإلغاء الإتفاقية، وكان باقي مجلس النواب يوافق على إلغائها، وتسارعت الأحداث وتعطلت مؤسسات الدولة».

وتابعت المصادر «الآن لا يمكن لهادي إثبات الإتفاق مع الإمارات، أو أن يمنحهم ما يكتب في الإعلام من جزر وحقوق أو اتفاقيات، ولا هو يستطيع أن يمنح الصين أو أمريكا أو غيرهما. كله هذا كلام في كلام».

وبحسب المصادر، فإن إمكانية تسليم «الشرعية» ميناء عدن للصين، تبقى في حدود الكلام، ومجرد مناورة سياسية لعدة أسباب، أولها أن «هذه الإتفاقيات حتى تصبح سارية المفعول، وتطمئن أي دولة قبل أن تضخ أموالها لتستثمر، يجب أن تستوفي الشروط القانونية، خوفاً من نقضها في القضاء الدولي، وبالتالي، يجب أن تصادق عليها المؤسسات المعنية، لا سيما في اليمن. ووفقاً للدستور، إن أي إتفاقية مع أي دولة، يجب أن يصادق عليها البرلمان».

وثاني الأمور، بحسب المصادر، هي أن «دخول الصين يعني إستهداف لمصالح بريطانيا وأمريكا، وإذا كانت الموافقة على خط ملاحي بين ميناء عدن وأحد الموانئ الصينية قد سببت مشكلة كبيرة ولم تصبح نافذة، إلا بعد موافقة بريطانيا، فكيف بإتفاق مثل هذا؟».

من هذا المنطلق، تذهب المصادر إلى القول، إن «ما تعمل عليه الإمارات الآن، هو فقط محاولة لتقوية حلفاء لها على الأرض، على أن يكونوا أقوياء في المستقبل، وجزء من المؤسسات الدستورية المستقبلية، من أجل أن يعطلوا أي إبطال للإتفاقية، وأيضاً أن يمرروا أي أهداف إماراتية في البرلمان مستقبلاً، وكذلك تفعل كل القوى التي لها مصالح أو طموحات في اليمن، تدعم قوى على الأرض تعتقد فيها حليفاً مستقبلياً، وتحرص على وجودها في مؤسسات صنع القرار في المستقبل».

وفي فترة سابقة، منعت سفينة صينية من الرسو في ميناء عدن، من قبل قوات الحزام الأمني، وعلى إثرها، حدثت مشكلة أمنية بين الحزام الأمني والحماية الرئاسية في حينها، ولكن تحركات سياسية وديبلوماسية جرت لاحتواء الموقف، وتم حل المشكلة.

وبشأن الرسائل، التي أرادت «الشرعية» توجيهها في الفترة الراهنة، من خلال إظهار نيتها بتسليم ميناء عدن إلى الجانب الصيني، فإن مضمونها، بحسب مصادر «العربي»، أن «هناك خيارات عدة للتحالفات المستقبلية، واليمن منطقة معقدة وتجمع كل القوى لوضع اليد على طرق التجارة»، مؤكدة أن الخطوة هذه تمت بـ «التنسيق مع الرياض، وبالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي مجمد بن سلمان إلى بريطانيا»، وتؤكد ذلك بالقول، إن «الشرعية لا تتحرك من دون تنسيق مع المملكة، فالمصالح مشتركة، وهنا، ثمة رسائل توجه من المملكة إلى القوى الدولية عبر الشرعية».

وتفيد معلومات «العربي»، بأن الرياض منذ أن تولى الملك سلمان الحكم، «فكرت بشكل مختلف، وهو بناء شبكة علاقات أوسع، وبناء مصالح مشتركة شرقاً وغرباً»، ويبدو ذلك في إزدياد حجم التبادل والصفقات مع روسيا والصين، وكذلك مع الغرب، سواء أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا، وقد تكون أمريكا وبريطانيا لا تزالان على علاقتهما السابقة مع الرياض، لكن تنامي علاقة الأخيرة مع فرنسا يعد جديداً نسبياً، بحسب مصادر مطلعة، وكذلك اليابان وألمانيا والصين وروسيا.

وعما إذا كانت الصين، ستستجيب للدعوة من قبل «الشرعية»، وستتفاعل مع مقترح تسليمها ميناء عدن لإدارته، تقول المصادر السياسية المطلعة في الرياض، إن «الصين قوة كبرى واقتصاد مهول جداً، وله مصالح كبيرة في أفريقيا، ومن الطبيعي أن تحتاج إلى تأمين واطمئنان على الممرات التجارية. ولهذا، يهمها اليمن الحساس، كموقع إستراتيجي يشرف على أهم ممر عالمي، وكذلك بالنسبة لروسيا».

وتؤكد المصادر، على أن «حالة التوافق الدولي التي شهدها الملف اليمني في الماضي، سببها إدراك كل القوى أن الآخر لن يقبل بأن تنفرد قوة من القوى العظمى باليمن، لأن معنى ذلك، التعجيل بصدام مباشر بين القوى الكبرى، ومعناه حرب عالمية. لذلك، هم يتصارعوا على نار هادئة، مؤجلين حسم الملف اليمني، ويشتغلون على الملفات الأخرى، لأن من شأنها ترجيح كفة أي طرف في الملف اليمني».

المصدر: العرب

زر الذهاب إلى الأعلى