العرض في الرئيسةتحليلات

ما ملابسات الموقف الالماني من العقوبة العسكرية لسوريا..؟

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

منذ بداية توارد انباء استخدام الغاز في ” دوما ” ادانت المانيا العملية و قال المتحدث باسم الحكومة الالمانية ان هذه الجريمة يجب ان لا تمر دون عقاب من استخدموا الغاز في ” دوما ” ، و منذ البداية ظهرت المانيا بانها تميل لتحميل الحكومة السورية مسئولية ( استخدام الغاز ) في ” دوما ” وقالت ان الحكومة السورية متهمة بانتهاك القانون الدولي .

ذات الموقف هو الذي تحمله المانيا تجاه مواقف استخدام الغاز في سوريا هو ذاته الذي اتخذته مع انباء استخدامه في ” دوما ” فذات الموقف هو الذي اتخذته فيما يتعلق بجريمة ” خان شيخون ” و الذي لازالت تعبر عنه حتى الان وتتمسك بالعمل على معاقبة المسئولين عنه و تعزوا الاستخدام للحكومة السورية في كل مرة .

تحميل المانيا المسئولية للحكومة السورية يمكن وصفه بالمتسرع و الغير منسجم مع الصورة الحريصة على الالتزام بالقانون للحكومة الالمانية عند اتخاذها مواقفها السياسية ، ففي جريمة ” خان شيخون ” كانت ميركل قد اعلنت ان الحكومة السورية هي من ارتكبت الجريمة بدلا عن الموقف المتوقع من المانيا بدعم التوجه للتحقيق لتحديد الفاعل ، هذه المرة ربما يبدو الموقف الالماني اكثر تسرعا كون الخلاف في جريمة ” خان شيخون ” غيره في انباء ” دوما ” ففي الاولى كان الخلاف عن من هو الفاعل بينما في الاخيرة يراوح الخلاف عند هل استخدم الغاز فعلا في ” دوما ” ام ان الحادثة مختلقة ، وربما يكون تصريح ” ماتيس ” اليوم بانه ليس لدى الولايات المتحدة ادلة ملموسة على استخدام الكيماوي في ” دوما ” حتى الان ” سببا لتشعر المانيا ان موقفها كان متسرعا .

عاملين هما وراء هذا الموقف الالماني الذي يُأخذ عليه التسرع بتحميل الحكومة السورية المسئولية عن جرائم استخدام الغاز  بتجاوز دعوات التحقيق الجاد لتحميل المسئوليات رسميا ، اولهما هو الحساسية العالية و ( الصادقة )  لدى الحكومة الالمانية تجاه مسألة استخدام الاسلحة الكيميائية بحق المدنيين و جرائم الابادة الجماعية بشكل عام وثانيهما ربما هو بعد قانوني بات يلعب بشكل سلبي في تشكيل القرار الالماني وهو التزامها بتبني المواقف و المعلومات التي تقدم لها من جهات حكومية او رسمية واوربية بدرجة اولى .

اهمية الموقف الالماني تكمن في كونها باتت بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد الاوربي الممثلة لوجهة النظر للاتحاد الاوربي او المعبرة عن الموقف الاوربي ، ولهذا اصبح للموقف الالماني حضوره المهم ضمن عوامل اتخاذ القرار بالنسبة للغرب قبل الشرق فيما يتعلق بالمسائل ذات العلاقة بالقانون الدولي و بالامن و السلم الدوليين عموما باعتباره موقف الاتحاد الاوربي ككل ، ولهذا فالموقف الالماني كان له اثره في المواقف و التفاعلات السياسية الامريكية و الاوربية تجاه انباء استخدام الكيماوي في ” دوما ” كأحد عوامل اتخاذهم لقراراتهم  .

كان الموقف الالماني منذ البداية منسجما مع الموقف الامريكي و الفرنسي و البريطاني فالجميع تعامل مع الانباء كجريمة وقعت بالفعل وان الحكومة السورية هي المسئولة عنها ، ولهذا حضر هذا الموقف الالماني كاحد روافد القرار الامريكي المتجه باتجاه الرد بضربة عسكرية لسوريا . لكن جاء تصريح ” ميركل ” بان المانيا لن تشارك في اي ضربة عسكرية قد توجه لسوريا ليمثل عاملا مثبطا للميول الامريكي للضربة فقد حمل رسالة بان المانيا مع مشاركتها الموقف الامريكي و الغربي فيما يتعلق بتقييم انباء استخدام الكيماوي في ” دوما ” الا انها لن تكون مع التصرف تجاهها بضربة عسكرية تحمل كل هذا القدر من المخاطر على الامن و السلم الدوليين .

قد نجد كمراقبين قدرا من الصعوبة في تفهم الموقف الالماني تجاه وقوع جرائم استخدام الكيماوي الذي يمكن وصفه بالمتسرع الا ان موقفها بعدم المشاركة في اي ضربة عسكرية لسوريا يأتي منسجما مع الصورة الالمانية الرصينة ويمكن فهمه بصورة مباشرة وسهله ، فالمانيا هي اكثر الدول المتقدمة و الغربية نبذا لفكرة الحلول العسكرية اي كانت الاسباب ، وهي من الدول التي تنزع وتنشط دبلوماسيتها في سبيل تفعيل الحلول السياسية لاي ازمات او حوادث تكون طرفا فيها او معتنية بها ، و اي عقوبات تتحدث عنها تجاه اي قضية تأتي في اطار التزام القانون وايقاع العقوبات المنصوص عليها في القوانين او المنسجمة معها ، وهذه هي القناعة الالمانية التي تتمسك بها بتطرف ترتيبا على تجربة ومأسي وخسائر الحروب التي كانت المانيا طرفا فيها فيما مضى .

ما يعزز ان هذه القناعة الالمانية بالتزام القانون حتى عند الرد على ماتراه جرائم هي التي في ضوئها اتخذت المانيا موقفها بعدم المشاركة في اي ضربة عسكرية قد توجه لسوريا هو تصريح وزير خارجيتها بان المانيا لم تتلقى طلبا للمشاركة في ضربة عسكرية ستوجه لسوريا على خلفية انباء استخدام الكيماوي في  ” دوما ” ، وهو ما يعني ان المستشارة الالمانية عندما اعلنت عدم مشاركتها في اي ضربة لم تكن تحدد موقف المانيا من طلب قدم اليها يجب ان تحدد موقف المانيا منه وانما كان حديثا ذاتيا قطعت به الطريق على التفكير بجرها للمشاركة في عمل عسكري في ضل ارتفاع اصوات امريكا وحلفائها الاوربيين بالتوجه لعمل عسكري ضد سوريا .

المصدر: الغاية نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى