فضاء حر

خطر تقديس القضايا وخطر انحياز الإعلام إلى أعداء الشعب ورحيل الأحبه

يمنات

ضياف البراق

(1)

ليس من عدو للحياة سوى هذا العدو الكارثي الأوحد: (القضايا المقدسة).

ويا له من عدو خطير! هذا العدو لن ينتهي ولن يتوقف عن عبثه المجنون، على الإطلاق.

ومهما بلغ الإنسان من رقي وعقلانية، فإنه لا يستطيع أن يتحرر من تقديسه لبعض أمور وقضايا الحياة. تقديس الشيء والإيمان به، معناه: تدنيسه أولًا، ثم بعد ذلك، تحويله إلى عنصر كارثي أو عدم.

إنه لمن الخطأ الفادح أن نُقدِّسَ المبادئ، أو الأفكار، أو الأوطان، أو غير ذلك من أمور الحياة؛ لأن هذا التقديس يجعلنا، عادةً، في عماوة حمقاء وتفاهة مريضة حد القبح. لكن، من الطبيعي أن نحبها وننتمي إليها.

ثمة فرق ما بين أن نحب الشيء أو ننتمي إليه، وما بين أن نؤمن به ونقدسه. هذا الآخير أسوأ وأخطر.

المثقف الحقيقي، أو الإنسان الرائع، هو ذلك الذي لا يعطي قيمة مقدسة للأشياء أو الحقائق أو الرؤى، التي يؤمن بها أو ينتمي إليها. لأنه بذلك، يكون قد حقق الاحترام لنفسه وعقله، ولا خوف عليه من الوقوع في كراهية الآخر أو إيلامه.

القضايا المقدسة، هي سبب كل الخراب الذي يلازم حياة الإنسان، عبر التاريخ، وحتى اليوم. وهي، أيضًا، سبب العنصرية، والخوف، والكراهية، ومآسي الوجود، وشتات المجتمعات…

حتى الوطن يتحول إلى أداة مسمومة عندما نمنحه صفة القداسة الكاملة. لنحب الوطن، لكن علينا ألا نقدسه إذا نريد السلام.

ما أخطر وأتفه تلك القضايا المقدسة في أعماق أصحابها!
إن الحياة لن تنجو إلا عندما تتحرر من كل أشكال “القدسنة” التي تخلو من المنطق والضمير!

الإيمان المُقدَّس هو سبب ضياع الإنسان على نحو أو آخر.
تلك هي خلاصة قناعتي حتى الآن…

(2)

إعلام تافه وجبان؛ لا يرقى إلى مستوى معاناة وجراح المواطن اليمني الغلبان. إعلام وسخ بحق؛ إنه لا يخدم سوى الحرب كما يُنمِّي مكاسب وحقارات القتلة، فقط!

ما أقذره من إعلام!
نستطيع القول: لقد نجح القتلة واللصوص عندما اشتروا أصحاب الكلمة قبل شروعهم في بدء الحرب. نَعم، لقد نجحت أطراف الحرب حين اشترت رجال الكلمة، عدا القليل منهم!

وعندما يتحالف رجال الكلمة مع أعداء الشعب، فلا منجى، بعد ذلك، لهذا الشعب المحكوم عليه بالإعدام .

(3)

كل الذين أحبهم وأشاركهم أوقات وأحزان العيش المرير، تأخذهم الحرب منّي بكل حقارة.

إنها تأخذهم إلى دون الحياة.. تأخذهم بلا أدنى رحمة! رفاقي يرحلون مع الموت القسري، واحدًا تلو الآخر.. وفي كل لحظة.

لم يعد هناك ما يجعلني قادرًا على مقاومة هذا العبث الدوراني الأعنف. لقد ذهب مني كل شيء!

لم يعد في داخلي سوى الذكريات الخانقة، ومخلفات السجائر الرديئة، وهذه ألأحلام التي لا تتحقق في بلدٍ مغشوش، تحوّل إلى مقصلة عقابية ليس لها حدود.
ليس في وسع المرء ما يفعله، بعدما يفقد الحلم، المكان، الأمل، والكلمة، معًا.

جفّت دموعي، وها هو العُمْرُ يجفُّ هو الآخر. ألا يكفي كل هذا الوجع؟

كيف يصبح المرء فجأة، بلا أصدقاء، بلا رفاق، بلا وطن، بلا تفاصيل، بلا حرية.. بهذه السهولة المتناهية!
من الذي فقد الصواب.. أنا أم هذه الحياة الوسخة؟

هذا هو أقسى أنواع الظلم، هذا فقط!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى