فضاء حر

ما أتعس العيش في يمن الإيمان والحكمة

يمنات

ضياف البراق

أقسم بشرفي.. أنا اليومَ جائعٌ وأشعر بالإهانة الشديدة؛ من زمان لا قيمة لنا في بلدنا، ما أتعس العيش في يمن الإيمان والحكمة؛ رحت أتغدى المطعم ولكن حظي اللعين خانني، لقد تمَّ رفض الأوراق النقدية الجديدة، حاولتُ مرة أخرى مع المُحاسِب فرفضها بذات الوقاحة، ليس هنا مَنْ يشفق علينا، وكذلك رفضها بائع القات، وكذلك سائق الباص، وكذلك صاحب البقالة، الجميع في صنعاء يرفض التعامل بالأوراق النقدية الجديدة “العُملة الداعشية” (بحسب وصفهم الفضائي!)، وكالعادة، يا صاحبي، فإنّ هذا المواطن المطحون هو الضحية وهو الخاسر دومًا..

أجل، أنا الضحية باستمرار، وليس السفلة، أعداء الكرامة الإنسانية. ولهذا، عدتُ إلى البيت جائعًا، وخائبًا، وقلبي يكاد يتقيأ نفسه من شدة القهر والحسرة. ما العمل؟ لا جواب لسؤالٍ ضروري كهذا، بل لا إجابات للأسئلة الإنسانية في هذا الجحيم.

إننا بلا مُنقذٍ حتى الآن، والموت الإجرامي يلاحقنا من شارع إلى شارع، ومن بيت إلى بيت، ومن زقاق إلى زقاق، ومن حلم إلى حلم، ومن ضفة إلى أخرى، إنه يلاحقنا ويفترسنا في كافة مناطق الوطن، والسجون السياسية القاتلة تتزايد يومًا بعد آخر لتلتهمنا بشراسة تامة حين نقول “لا للظلم، لا للعبث”، لا نصيب لنا من هذه الدنيا سوى الشعارات الفارغة المريضة والتنهيقات الوطنية الرنّانة الكذّابة..

باختصارٍ شديد، باعتبارنا مواطنين مسالمين، ما ذنبنا حتى يتم تحميلنا نتائج وكوارث صراعات أطراف الحرب؟ ماذا فعلنا حتى يتم التعامل معنا بهذه القسوة الوحشية؟ وإلى متى نظل هكذا نحترق ونختنق ونموت عبثًا؟ وإلى أين نذهب للحصول على الحرية والكرامة، إذا كانت جميع الأبواب مغلقة في وجوهنا الشاحبة؟ إنّ أصحاب هذه الحرب القذرة، جميعهم، أهانوا حياتنا من أقصاها إلى أقصاها، والقادم أسوأ وأخطر بكل تأكيد. الهمَج صفَّروا جميع حقوقنا، وحاصروا عيْشنا من جميع الأنحاء، والتعذيب الجماعي يمضي قُدُمًا..

كفى عبثًا بنا يا تجّار الحروب، أرجوكم كفى، إننا لم نعد نطيق شيئًا بسببكم أنتم، بسبب جنونكم الأحمق منتهى الحماقة، دعونا وشأننا ولو للحظة فحسب. يا إلهي، أمراء هذه الحرب أحالوا كل شيء كوابيسَ طاردة للحياة، أصبحنا نعيش في منزل مجانين، لا في وطن، إننا ننزِف ونتعفّن ونتفحّم.. كأننا في غابة ملأى بالوحوش والأشباح والحرائق غير المنقطعة.

وفي مناطق الشرعية، كما قِيلَ لي، أيضًا يجري منع التعامل بالأوراق النقدية القديمة، وبلا شك فالمواطن وحده هو الضحية في جميع الأحوال. ما زالت سياسة “جوِّعْ كلبك يتبعك” سارية المفعول، إنها حرب استغلالية ضد شعب بأكمله، حرب لا نهاية لها، وزغرطي يا انشراح، “جَمَلٌ يَعصِر وجَمَلٌ يأكل العُصَّارة”، نحن نزرع وهم يحصدون الثمار، وهكذا يستمر العبث…!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى