فضاء حر

من سيهتم أصلاً ؟

يمنات

أبرار الارياني

من سيهتم أصلاً حين تمر سبعة وخمسون يوماً على اعتقال والدي وبطلي رغم أنف الجميع ، من سيهتم ؟؟

طالما والجميع في منازلهم بجوار زوجاتهم ومتى التفتوا وجدوا أمهاتهم يداعبن صغارهم ..
من سيهتم أصلاً ؟

وهو لم يذق مرارة رؤية والدته تصل بدموعها الليل بالنهار ، وبين كل نوبة بكاء وأخرى أسئلة تطرحها على نفسها وتجيب عليها بنفسها أيضاً ، ولا أنسى كل ذكرى تسردها على مسامعنا لمجرد أنا مررنا من طريق لطالما مشيا فيه سوياً أو مكان اعتادا الالتقاء فيه أو حتى عند سماعها أغنية أو أبيات من قصيدة او حتى جملة اعتاد والدي ترديدها في المنزل ..

من سيهتم أصلاً؟
وهو لم يسمع والدته تصرخ وتبكي في نومها _على غير عادتها _ وهو لم يعد يستطيع البكاء لمجرد أن والدته باتت تبكي عنه وعن إخوته وعن العالم بأكمله !

من سيهتم أصلاً !
وهو لا يقسم لجدته التي لا تتوقف عن مهاتفته صباحا مساءا مائة مرة في اليوم والليلة بأن والده في “دورة تثقيفية طويلة الأمد ” ..

من سيهتم أصلاً ؟
وهو لا يتوقف عن منع جدته من العودة لقريتها لزيارة أختها التي على شفا حفرة من الموت لئلا تسمع انباء عن اعتقال والدي ، وكيف سيهتم أصلاً وهو لا يملك جدة لا تنام الليل قلقاً على ابنها الذي لم يعد من “دورته التثقيفية” بعد ، كيف وهو لا يملك جدة بقلب ضعيف إن علمت أن ابنها معتقل هوت وهوا قلبها وهوا معهما والدي الذي ما أنفك في كل زيارة يشدد على عدم إبلاغها ..

من سيهتم أصلاً؟
وهو لا يملك سوى أختين فقط الأولى لازالت تقاوم وتحيي الضحكات هنا وهناك خوفاً على والدتها ، والأخرى تهيم على وجهها حاملة بين جنباتها خوف ورعب وشعور بفقد لا تقوى فتاة في الحادية عشرة على حمله ..

من سيهتم أصلاً ؟
وهو لم يعش شعور الرغبة بالهرب حتى من النفس ، الاستمرار في النوم والنوم والنوم ، وانعدام الدهشة والرغبة تجاه أي أمر حتى الرغبة في إصلاح الأمور واعادتها إلى مجاريها ..

من سيهتم أصلاً ؟
وهو لم يجرب شعور “شحاتة” الزيارة الأسبوعية لوالده ، و لم يجرب شعور “سؤال” هذا وذاك عن إمكانية اتصال والده بوالدته ليطمئنها ولا حتى محاولة “اقناع” فلان وعلان ليتمكن من إدخال الأكل المناسب للوضع الصحي لوالده ..

من سيهتم أصلاً وكيف سيهتم ؟
ولازال هناك من يخبرني أن العالم لن يقف عند والدي ، و”السجون مليانه معتقلين” ، واحمدوا الله شفتوه غيركم ما شافهش ..

من سيهتم أصلاً ؟
إن أخبرته أن عالمي وعالم أسرة كاملة توقف عن المضي أماماً منذ سبعة وخمسين ولا أدري إلى متى من سيهتم هاه ؟..

ولكن سيسجن الجميع وسيعتقل من كل بيت فرد وستعيشون فعلياً بما يدعى “مابين الحياة والموت” ، ستبكي زوجاتكم ، وتُكسر فتياتكم ، وتترنح أرواح أمهاتكم ولن يهتم وقتها أحد والله لن يهتم ، وستستمر حياة الجميع كما تخبرونني جميعاً ولن يقف العالم عند حزنكم لا بل سيداس عليكم و عليه!!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى