فضاء حر

انمسخ منزلنا مشفى ..

يمنات

أبرار الارياني

في أيام وليال غيابه انمسخ منزلنا مشفى ..

تغيرت معالمه كثيراً فباتت الحمالات الملتصقة على جدران المنزل تحمل مغذيات والدتي عوضاً عن ملابس والدي ..

وامتلأت سلات المنزل بمخلفات الإبر والفراشات وأشرطة المنومات والمهدئات بدلاً عن أوراق والدي و الأمور التي لم تعد تلزمه .. ونوافذ المنزل التي لطالما حوت كتبه ودفاتره باتت تكتظ بالأدوية ..

حتى رائحة منزلنا اختلفت تماماً كأنها تتعمد تذكيري في كل وقت كم أن بيتنا انمسخ مشفى بارد مظلم وحزين..

إلا أني أقاوم كل هذا بالذهاب إلى تلك الزاوية في المنزل التي لم تتغير رائحتها أبداً ولم يغب نورك منها ..
“خزانة ملابسك ياوالدي ” 

مازالت تحتفظ برائحتك فبمجرد أن أفتح أبوابها تحتضنني تلك الرائحة ، تخبرني أنك ما غبت عن المنزل وأن رائحتك وروحك ستتشبثان بمنزلنا وبنا أبداً ، وأنهم وكيفما حاولوا إبعادك لن يستطيعوا فإبعادك وتغييبك هما المستحيل ذاته ..!

أدرك يا صاحبي أنَّا نعيش أياماً سيئة وستظل الأسوأ اطلاقاً لكنها مجرد أيام وليست العمر القادم بأكمله ، إنها أيام سوداء قبيحة اضطرتنا لذرف دموعنا على حافة سرير ما في أحد “مربعات السجن” بعد أن تعاهدنا ألا نذرف دموعنا خارج سريري في تلك الأيام التي خلنا أن لا أقبح منها ..

“إنها ليست أفضل أيامنا بالتأكيد يا بابا ولكنا لازلنا بخير ، وسننجو”..

ولا بأس مزيداً من الصبر يا والدي فإن الله والإنسان معنا ، لا تهتم ولا تحزن سينتهي الوجع وسنتذكر هذه الايام و سنضحك عليها يوماً ما، وكما أخبرك أحدهم وكما تعرف تمام المعرفة المناضلون الأحرار الذين عانوا طوال حياتهم كان لزاماً عليهم المرور على السجون مروراً طال أم قصر إنما وجب المرور.

وأخيراً يا بطلي أحبك كما كنت وكما سأظل..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى