العرض في الرئيسةفضاء حر

ارشيف الذاكرة .. قصتي مع القات .. ما نخشاه يوما أن لا نجد حتى الأحذية

يمنات

أحمد سيف حاشد

  • عندما لا أخزن القات بسبب الطفر أو نحوه من الاسباب، أعيش حالة ضجر و توتر و عصبية في مواعيد القات نهارا، و يستمر حتى أعود إلى القات أو أقلع عنه بعد معاناة تستمر أياما متتالية .. عند النوم أعيش ليالي متواليات من صراع مخيف و محتدم مع الجاثوم .. كوابيس تصل بي إلى حافة الموت و مشارف الهلاك، أو هكذا أشعر .. عالم من الرعب و الهلع و الشلل المخيف .. أشعر و كأنني أعيش أهوال يوم القيامة .. أظن أن الدول التي صنفت القات ضمن الممنوعات كانت محقة إلى حد بعيد..
  • إن أشد ما أعانيه عند انقطاع القات، الكوابيس و الضجر و التوتر و العصبية .. إنها تحكي حالة إدمان بوجه ما، و إن كنت أصنف نفسي فيما دونها، و لم أكن أتوقع يوما أنني سأصل إليها .. حاولت مقاومة الكوابيس عندما أجدها تداهمني، و أكون في حالة نصف يقظة، و ذلك من خلال حالة أخرى في سياق مختلف، و على نحو اعتراضي، بحيث تخرجني إلى عالم مختلف عن عالم الكوابيس .. إنها حالة تحضير الأرواح التي قرأت عنها من قبل، و حاولت في يوما ما تطبيقها و كدت أجن .. و قد وجدتها في بعض الأحيان لا كلها تنجح في إخراجي من عالم الكوابيس المرعب إلى عالم أخف وطأة..
  • نصحني أحدهم بشرب الماء عندما تأتي الكوابيس، لأن الماء يخفف من لزوجة الدم، و يجنبني ما هو أشد، فوجدت الماء لا يمنع من استمرار الكوابيس، و إن كان يخفف من شعوري بالشلل، ربما على نحو يصير أخف من ذي قبل..
  • نصحني أحدهم بوضع قطعة حديد تحت رأسي، و أشار لي بوضع سكين، و نصحني آخر بوضع المسدس تحت رأسي حالما أنام، و لكن كلما حدث هو تبدل في الحالة .. صارت كوابيس مختلفة و غريبة، لم تخرجني من رعبي الذي أعيشه .. نصحني آخرون أن أقرأ ما تيسر من القرآن قبل النوم، و لكن حتى هذا لم ينقذني، و لم يخفف مما أنا فيه..
  • صديقي نبيل الحسام هو من نصحني أن أضع “صندل” تحت رأسي عندما أنقطع عن القات، و أريد أن أنام لأتجنب الكوابيس .. نظرت إلى صندله ثم إلى جزمتي، و لأنه لا يوجد لدي “صندل”، لم أعرف هل “الجزمة” تقوم بالمهمة أم لا..!!
  • عند بداية دخولي إلى النوم داهمتني الكوابيس من كل اتجاه .. حالة رعب كادت تتحول إلى شلل .. حالة جعلتني أنهض و روحي تكاد تخرج من فمي، و أنفاسي تتصاعد، و صدري ينتفخ و ينكمش تحت وطأة من الهلع .. وجدت الأمر لا يستحمل تجربة “الجزمة” .. يجب البحث عن “صندل” كما قال صديقي نبيل .. إنها تجربة مجرِّب، و لا تتسع تلك اللحظة لتجريب ما هو محتمل أن يخيب..
  • أخذت فردة “صندل” ابني فادي، و وضعتها تحت رأسي، و عليها غطاء من القماش .. و ملت نحو النوم، و غمرني النوم العميق .. نمت دون أن أشعر ما يعكر نومي .. قمت و أنا أتسأل: يا إلهي .. ما هي علاقة الحذاء بالكوابيس .. من الذي أكتشف هذا الأمر .. و كيف تم اكتشافه..؟ّ!!! فيما ابني قام يبحث عن صندله، و وجد فردة صندله مفقودة، و أعياه البحث عنها، و كاد لا يذهب إلى معهده، قبل أن أبلغه أن فردة صندله موجودة تحت رأسي، فيما كانت علامة الدهشة و الغرابة تبدو على وجوه من سمعني، و أنا أدل ابني على طريق فردة حذائه المفقودة..
  • و في اليوم الثاني تكرر الأمر، و قمت أبحث عن “صندل” و لم أجد صندل ابني فادي .. و وجدت “صندل” أخرى، ظننتها فردة “صندل” ابني يُسري، و طويتها بالقماش، و نمت عليها، و ليلتها لم أغرق في النوم فقط، و لكن حلمت أحلام وردية جميلة لا تأتيني إلا نادرا..
  • حلمت أنني أرقص ـ و أنا لا أجيد الرقص ـ نعم .. حلمت أنني أرقص رقصة تونسية نشطة و في غاية الروعة و الخفة و الجمال و من تراقصني كانت أجمل .. الحقيقة لا أدري أصل تلك الرقصة هل هي بالضبط تونسية أم مغربية أم تركية..!! و لكن الغريب أنني رقصتها على إيقاع دقة البرع .. و كان في الجوار القريب يرقصون البرع..
  • و عندما استيقظت بعد نوم هنيء و أحلام سعيدة و وردية، أردت أن أعيد فردة الحذاء إلى صالة المكان، الذي أخذتها منه، و لكن تفاجأت إن فردة “الصندل” لم تكن لأبني، بل كانت فردة “صندل” “الحمام”..
  • إنه اكتشاف تم أيضا بالصدفة، و ذلك لمن يريد أحلام سعيدة .. أرأيتم إلى أين أوصلنا الإدمان على القات..؟!! لقد أوصلنا إلى أن نتوسد أحذية “الحمام” .. أوصلنا إلى ما لم يصله مدمن الخمر .. و لكن “علمائنا” المسلمين أو بعضهم أجازوا القات و حرموا “البيرة” بل و حرموا معها الغناء، و كرهوه حتى و نحن نتوسد الأحذية .. حرموا الرقص، و كسروا آلات العود و الموسيقى، و لم يبقوا لنا غير الحرب و رقصة البرع .. ما صرت أخشاه أن يأتي يوما و لم يعد لدينا حتّى أحذية نتوسدها أو نمشي بها..!!

يتبع..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.  

زر الذهاب إلى الأعلى