فضاء حر

مات وذهب كل شيء

يمنات

ماجد زايد

أعربت عن حزنها وصدمتها، ومن خلف الكواليس أخلت كل مسئوليتها وتبرأت من موظفها المغدور في طور الباحة بلحج، ليس هذا فحسب، بل وحذرت موظفيها وبقية زملاؤه من الكتابة عنه في مواقع التواصل الإجتماعي..

منظمة أطباء بلا حدود السويسرية في بيانها الذي أصدرته اليوم وأعربت فيه عن تعازيها وحزنها الشديدين جراء مقتل عاطف الحرازي، وهو أحد موظفيها منذ ما يقارب الست سنوات، أشارت الى أنه يبلغ من العمر 35 عامًا، يالله، يالله، لقد أرهقت كيانها ومنظومتها وأستنفرت كافة كوادرها، لتقول لنا وللرأي العام بأن المغدور يبلغ من العمر 35 عامًا، ثم ماذا؟ ثم قالت شكرًا لكم، لا شأن لي بكم..!

بالمناسبة، لو كان المقتول موظفًا أجنبيًا أو غربيًا لأوقفوا لأجله كل مشاريعهم ولأعلنوا حالة الإستنفار التام ولغادروا في بضعة دقائق طارئة، لكنه موظف يمني، موظف مسكين، مثلي ومثلكم، يستهين به قاتله، ويسترخصه أولياء عمله، كأنه قدر بائس علينا في شتى ظروفنا وأحوالنا وزمننا الموبوء بالتحاذق والتذاكي والتخلي عن المسئولية.!

هذا الكلام سيضرني بكل تأكيد، وسيظايقهم جدًا، لكنها الحقيقة، والكيل بمكيالين أمر قد سئمنا منه، خصوضًا حينما لا يعطون قيمة فعلية لموظفيهم، قبل المستفيدين منهم أو الراعين لهم، الموظف في قواميسهم مجرد كائن رخيص جدًا يأخذ أجره منتصف كل شهر أو نهايته، وحين يموت، لا مشكلة، سيتدارسون أمره سريعًا ويصدرون بيانًا حزينًا للمواطنين، ثم يحذرون بقية الموظفين من أي تذكير به، ولأجلهم سيقفون في أول صباحات العمل بدونه دقيقة حداد، علها ترضي خواطرهم وتشفي صدورهم وأوجاعهم، أما بعد، فسيتركون ذكرى ضحيتهم للنسيان، هذا هو المصير، وأبناءه للجوع والحرمان، وهو باللغة الإستعارية ذلك الإنسان الذي قضى حياته في العمل معهم ومن أجلهم، لكنه مات وذهب كل شيء، وبقيت أسرته في ريفها البعيد تبحث عن أي عائل أخر ينقذها مما أصبحت فيه..

لم تنتهي الحكاية بعد، لأنها بالفعل بدأت للتو..
رحمة الله عليه.
لاحقًا، سأنشر عن حياة عاطف، وكفاحه، وأسرته وأبناءه..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى