أخبار وتقاريرإختيار المحررالعرض في الرئيسة

“دولة حضرموت” افتراضيا .. “الأقلمة” على حساب الجنوب؟

يمنات

أطلق ناشطون في محافظة حضرموت، حملة للمطالبة بتقرير مصير المحافظة، و«تخليصها من الاحتلال الشمالي والجنوبي». الحملة التي بدأت بـ«هاشتاج» (وسم) في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أحدثت جدلاً حاداً في حضرموت، وكشفت عن تباين واضح في المواقف بين أبناء المحافظة، الذين سارع غالبيتهم للتحذير من خطورة تلك الحملة ومرامي مطلقيها في هذا التوقيت بالذات.

وشكل مؤيدو الحملة أكثر من فريق داخل حضرموت وخارجها، بقيادة كوادر شابة يتهم البعض حزب «الإصلاح» بتحركيها، وآخرين يعتقد أنهم من أنصار حكومة «الشرعية»، الذين رفعوا شعار أن «من حق محافظة حضرموت تقرير مصيرها في المرحلة المقبلة». وبعدما أخذت الحملة تستقطب أصواتاً متعاطفة، ضمّن المؤيديون الـ«هاشتاج» بمنشور آخر، يطالب برحيل «الاحتلال الشمالي والجنوبي».
الإدارة من الرياض؟

يقول الناشط عبدالله معتز، المحسوب على تيار «الحراك الجنوبي»، لـ«العربي»، إن «من اللافت أن نسبة كبيرة ممن تداولوا الهاشتاج وتصدروا الحملة هم عناصر محسوبة على الإصلاح في المملكة العربية السعودية، ما يوحي أن خطة إطلاق الحملة لربما تم إعدادها في الرياض».

ولم يستبعد معتز أن تكون الحملة «مظهراً من مظاهر الخلاف داخل التحالف، بين السعودية والإمارات، بعدما استشعرت الأولى بأن تمدد الثانية داخل المحافظات الجنوبية، ولا سيّما عدن وحضرموت، قد تجاوز الحد المتفق عليه أو المسموح به، خصوصاً أن السعودية ترى في حضرموت فناءً خلفياً لا يمكن أن تفرط فيه لأحد، حتى ولو كان لحليفتها أبو ظبي».

أما المواطن سمير بامفتاح، قال إن من أطلقوا الحملة «ما قاصر إلا يرفعوا شعار رابعة»، مضيفاً أنه من «الواضح جداً أنها محاولة إصلاحية لخلط الأوراق في حضرموت، بعدما بدأ العالم يتلقف مبادرات السلام التي تعرض لإنهاء الحرب، ومن بينها مبادرة الرئيس علي ناصر محمد، التي أعلنها من موسكو».

وأبدى بامفتاح اعتقاده بأن «تكون دول التحالف لديها تحفظات على المبادرة، ولكن لأنهم أنهكوا في الحرب، سيأتي يوم قريب ويدركوا بأنها (المبادرة) الحل للخروج من النيران اليمنية المشتعلة، التي إذا استمرت ستحرق بلدانهم حتماً».

بدوره، رأى صبري فرج، المناصر لـ«المجلس الإنتقالي»، أن «الإصلاح كالذي يخطط في ماء، بعدما رأوا أن المجلس الإنتقالي بدأ يكتسب اعترافاً دولياً، والقضية الجنوبية يعرف بها العالم، وجدوا أنه ليس أمامهم غير استخدام ورقة حضرموت، إما أن تبقى تحت جناح صنعاء أو أن تخرج من الشراكة مع عدن في دولة واحدة مقبلة لا محالة».

الإعلامية الجنوبية نسيم الديني، المقيمة في فرنسا، ردّت على الذين أطلقوا وسم «#تقرير_مصير_حضرموت»، قائلة «أولاً طالبوا بتسليم وادي حضرموت ومنفذ الوديعة الذي يسيطر عليه الإصلاح لقوات النخبة الحضرمية، إبدأوا بالأهم وسنقف إلى جانبكم مع حضرموت».

واشترطت الديني على من روجوا للحملة «رفض سياسة التقية التي يجيدها الإصلاح، إما الوحدة مع صنعاء أو دولة حضرموت».

«حق شرعي»

في المقابل، استغرب سامح بافضل، المناصر لحزب «الإصلاح»، في حديث إلى «العربي»، الاتهامات التي بدأت تلاحقهم بعد إطلاق الحملة، موضحاً أنهم يطالبون بـ«حق شرعي في ضوء التطورات التي تشهدها الساحة اليمنية الآن، ومحاولات الجنوبيين استعادة دولتهم السابقة».
ورأى بافضل أن «أبناء حضرموت لن يسمحوا بعودة استعبادهم مجدداً من صنعاء أو عدن، والاستحواذ على حقوقهم واستنزاف ثرواتهم»، مؤكداً أن حضرموت اليوم، غير الأمس، في ظل وجود «كيان سياسي يمثل كالمؤتمر الحضرمي الجامعي»، وقوات عسكرية من أبناء المحافظة «النخبة الحضرمية». 
تنديد بالإنقسام

وبين الأصوات المؤيدة والمعارضة للحملة، ظهرت شريحة واسعة نددت بأسلوب تراشق الاتهامات الذي رافقها، وأظهرت حضرموت منقسمة على نفسها لأول مرة، بعدما كانت متوحدة في قضايا مصيرية. وهناك من رأى أن مثل هذه الحملات لا تقدم ولا تؤخر بوضع حضرموت في شيء، كونها لا تزال ضمن نطاق الجمهورية اليمنية، البلد الذي يعيش أزمة حرب منذ قرابة ثلاث سنوات، عجز العالم عن حلها، في الوقت الذي يحاول البعض افتعال مشكلات صغيرة للتنفيس عن الاحتقان الذي يعانيه، بعدما مكث طويلاً ضمن قافلة ضحايا نظرية «دوامة الصمت».

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى