أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

“المجلس الاستشاري” في تعز .. ضرورة ملحّة أم تأسيس لصراع قادم؟

يمنات

مفيد الغيلاني

لا تزال القوى السياسية المنضوية تحت مظلة «الشرعية» و«التحالف العربي» في مدينة تعز، تعيش حالة من الانقسام والتباين، أفرزت صراعاً خفياً أربك المشهد السياسي والعسكري وضاعف من تعقيدات الوضع برمته. وعلى الرغم من تقليل البعض لحدة التباينات بين نخب تعز، على اعتبار أنها «سطحية»، إلا أن آخرين لم يخفوا خشيتهم من تطورات هذا المتغير الذي بدت ملامحه في الظهور على أساس فرز سياسي وفقا لأجندة خارجية وتحالفات بدأت في التشكل.

بحسب مصادر سياسية مطلعة، تحدثت إلى «العربي»، فإن «الصراع بين مكونات الشرعية بتعز، بدأ يظهر إلى السطح بشكل أوسع، منذ أن تم تعيين محافظ المحافظة الجديدة، أمين محمود، والمدعوم إماراتياً»، مفيدة بأن «الصراع بدأ يتبلور بشكل أوضح بين حزب الإصلاح من جهة، وحزب المؤتمر الشعبي العام المؤيد للشرعية، والحزب الناصري من جهة أخرى».

وأرجعت المصادر السياسية، أسباب تزايد حدة الصراع بين الطرفين لـ«التنافس على المناصب الإدارية والعسكرية والأمنية في السلطة، إضافة إلى ارتباط تلك المكونات بأجندات قوى التحالف العربي المختلفة».

تشكيل مجلس استشاري 
اليوم وبعد مضي قرابة عام على تشكيل «تحالف القوى السياسية لإسناد الشرعية»، عاد الحديث عن التحالفات السياسية في تعز إلى الواجهة مجدداً. حيث أقر المحافظ أمين محمود في اجتماعه بتحالف القوى السياسية المساندة لـ«الشرعية» في المحافظة، أمس الأول، تشكيل مجلس استشاري لـ«دعم المحافظ» يضم عنصرا من كل حزب، إضافة إلى عناصر يختارهم المحافظ على طريقة الحوار الوطني، في محاولة لوقف ما اسموه «المناكفات والمهاترات الإعلامية بين تلك القوى السياسية المؤيدة للشرعية، والتي أدت إلى تصاعد خلافاتها، حتى وصلت أحياناً إلى الاشتباك المسلح».

مصادر سياسية مقربة من المحافظ كشفت لـ«العربي»، أن «المحافظ طلب من الأحزاب في الإجتماع الذي أقر بتشكيل المجلس السياسي، أن يتقدم كل حزب بترشيح عضوا يمثله في المجلس، على أن يصدر المحافظ قراراً بعدد أخر، على نفس طريقة الحوار الوطني».

وأضافت المصادر، أن «المجلس هو صورة مصغرة لمجلس الإقليم أو نواة حقيقة له». وحول صلاحيات الأعضاء والهيكل التنظيمي للمجلس، أكدت أن «هناك فريق متخصص كلف من قبل المحافظ لوضع ألية ودراسة شاملة للمجلس، وسوف يتم توضيحها في الإجتماع القادم»، موضحة أن «تشكيل المجلس يأتي في إطار حلحلة القضايا الشائكة في ملف الجانب العسكري والأمني والذي يشهد تبايناً واسعاً بين تلك الأطراف المختلفة». 

إعلان وفاة؟
وعلى الرغم من أن معظم الأحزاب السياسية أعلنت موافقتها على قرار المحافظ بشأن تشكيل المجلس الاستشاري إلا أن بعض قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح، اعتبرته «مجلس غير قانوني الهدف منه شرعنة قرارات المحافظ». مؤكدة أن «تشكيل المجلس الاستشاري هو بمثابة إعلان وفاة لـ«تحالف القوى السياسية لإسناد الشرعية». 

مصدر قيادي في «حزب التجمع اليمني للإصلاح»، أكد في حديث لـ«العربي»، أن «تحالف القوى السياسية لإسناد الشرعية، ظل شوكة في حلق المحافظ وحجر عثرة في طريق تنفيذ أجندته الإماراتية»، مضيفاً أن «المحافظ بهذا القرار يريد أن يشرعن لقرارته التي وقف تحالف القوى السياسية لإسناد الشرعية أمامها»، مضيفاً: «قبول الأحزاب السياسية بهذا القرار معناه موافقتها على دفن «تحالف القوى السياسية لإسناد الشرعية». 

وأفاد المصدر بأن «قرار تشكيل المجلس الاستشاري مخالف لقانون السلطة المحلية لأن ممثلوا المديريات في المجلس المحلي بالمحافظة هم مستشاري المحافظ وفقا للقانون»، مؤكداً أن «قرار تشكيل المجلس وإن بدت محاولة ذكية من المحافظ لمحاولة خلق بعض الإصطفاف حول قراراته، وجعل المشهد أكثر وضوحاً أمام المواطن، تحت ذريعة تهدئة المناكفات، إلا أن الهدف الرئيس منه هو تأسيس للصراع وضرب المكونات ببعضها، وجعلها شماعة يعلق عليها كل إخفاقاته». وأشار إلى أن «المحافظ كان ومنذ البداية قد أعلن وبمساندة قيادات حزب التنظيم الناصري، وبعض قيادات حزب المؤتمر، حربه على الإصلاح في تعز، وبمبررات واهية».

تشكيك وتشاؤم
وبالرغم من أن القوى السياسية في المدينة كانت قد خاضت جولة طويلة من المحادثات في «تحالف القوى المساندة للشرعية»، والذي تأسس في فترة المحافظ السابق، علي المعمري، للخروج برؤية موحدة للمرحلة المقبلة، إلا أنها وبحسب مراقبين «أخفقت في حلحلة الإختلالات في العديد من الجوانب حتى على مستوى وقف المهاترات الإعلامية». في حين يرى مراقبون للشأن السياسي أن «هناك اختلافات جوهرية بين القوى السياسية المنضوية في إطار الشرعية والتحالف بتعز، في الكثير من مواقفها السياسية وأجندتها الإدارية، لذلك فإن تشكيل المجلس الاستشاري اليوم والذي يعتبر الابن البكر للتحالف السياسي الواسع شكلاً ومضموناً، لا يعول عليه، وسوف يموت بالمهد»، بحسب المراقبين.

الناشط السياسي، عمر اليوسفي، أوضح في حديث لـ«العربي»، أن «تكتل تحالف القوى المساندة للشرعية»، والذي مر على تأسيسه قرابة العام لم ينجح في حلحلة أي قضية، وكل ما قدمه هو بيانات المباركة والتنديد فقط»، مؤكداً أن «قرار المحافظ بتشكيل المجلس الاستشاري الغرض منه سحب البساط من تكتل تحالف القوى المساندة للشرعية، الذي سيطر عليه حزب الإصلاح». وتساءل اليوسفي: «ما الذي سيضيفه المجلس إلى التكتلات والكيانات السابقة التي عجزت عن إحداث أي تأثير على الأرض؟» مشيراً إلى أن «إعلان تأسيس أي مجلس أو تكتل سياسي في تعز، في ظل الإنفلات الأمني وسيطرة المليشيات المسلحة على مؤسسات الدولة، لا يعدو عن كونه زوبعة في فنجان». 

من جهته اعتبر الكاتب والصحافي، فؤاد الوجيه، أن قرار تشكيل المجلس الاستشاري في الوضع الراهن هو عبارة عن إثبات ضعف وفشل «الشرعية» في إدارة المدينة. ويؤكد في حديثه لـ«العربي»، أن «اتخاذ المحافظ لخطوة تشكيل مجلس استشاري، تشير إلى أن الشرعية وقيادة المحافظة والقوة الأمنية والأجهزة العسكرية بعيدة كل البعد عن مهامها، ولا تستطيع فرض هيبة الدولة»، مضيفاً أن «المرحلة الراهنة لا تحتاج إلى محابات وجبر خواطر بقدر ما تحتاج إلى بسط نفوذ الدولة، والضرب بيد من حديد».

ويعتقد الوجيه، أن «اللجوء إلى تشكيل مجلس استشاري، هو إظهار لعجزها، إضافة إلى أنه سيوفر مظلات لعبث العصابات المسلحة، كون إلزام تلك القيادات والتي أغلبها ليس لها السلطة الكاملة علی جماعتها المتسلحة بمنطق العنف والقوة، بل ربما تكون منفعتها أكثر بأفرادها من الانضواء تحت راية سلطة أو قانون»، مشيراً إلى أن «المجلس باختصار هو عبارة عن جنين ميت في بطن أمه بعسر الولادة، وإذا ما أجريت له عملية قيصرية فأمراض الأم قد تؤدي لوفاتها أو تعمق جراحها بشكل أفضع».

ترحيب وتفاؤل
في المقابل، هناك من يرجّح أن خطوة إعلان هذا المجلس، وإن جاءت متأخرةً، إلا أنها تُعتبر «خطوة في الاتجاه الصحيح»، وإن كان واقع تلك الأحزاب على الأرض غير مُطمئن.

الكاتب والصحافي، صلاح الجندي، أوضح في حديث لـ«العربي»، أن «تشكيل مجلس استشاري للمحافظ من الأحزاب والمكونات السياسية خطوه مهمة وجادة لتحمل الجميع مسؤولية البناء وتطبيع الحياة في تعز والمضي في طريق بناء الدولة»، مؤكداً أن «دور الأحزاب لم يكن بالجاد في مساندة السلطة المحلية، بل إن البعض وقف عائق أمام طريق مشروع المحافظ الرامي إلى تطبيع الوضع بتعز». ويشير الجندي، إلى أن «المجلس الاستشاري سيتحمل مسؤولية ما يحدث وسيحدث لتعز».

من جهته يرى الناشط السياسي، عبد الله فرحان، في حديثه إلى «العربي»، أن «قرار تشكيل المجلس الاستشاري ضرورة وطنية لتحجيم الهوة بين بعض المكونات السياسية وقيادة السلطة المحلية لتحقيق أكبر قدر من التوافق»، مؤكدا أن «تصدر المجلس كواجهة لتقديم قرارات السلطة المحلية إلى الشارع سيحقق قدر كبير من الاصطفاف لدعم الشرعية».

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى