أرشيف

الدبابة والقمامة تقودان حرباً على تعز .. – زكريا الكمالي

في اليمن فقط، القمع لا يتم بقذائف الدبابات والصواريخ ورصاص البنادق المميتة فحسب، بل تحضر القمامة كوسيلة تزيد من إذلال الناس .

 

طيلة الشهور الفائتة من عمر الثورة الشبابية اليمنية، لجأ نظام الرئيس علي عبدالله صالح إلى محاربة الناس ب “القمامة” كعقوبة جماعية جعلت من مدينة تعز التي عرفت بأنها “مهد الثورة”، عبارة عن مكب نفايات خانقة، بعد توجيهات لعمال النظافة بعدم رفع القمامة من الأحياء السكنية، بخاصة تلك التي تعرف بأنها أماكن خالصة لأنصار الثورة .

 

يرى شباب الثورة أن حرب القمامة تعتبر أقذر وسائل القمع التي يستخدمها النظام، إضافة إلى قطع خدمة التيار الكهربائي والمياه عن المنازل نظراً للمخاطر الصحية التي تجعل من سكان مدينة بكاملها عرضة لأمراض وأوبئة قاتلة .

 

ومنذ حلول إجازة عيد الأضحى المبارك، تزايدت الكارثة، فأضاحي العيد لم تحمل للناس لحوماً يفتقدونها من عام لآخر، بل جلوداً تعفنت على أرصفة الشوارع جعلت من الأحياء السكنية أماكن لتفقيس الأوبئة .

 

يقول وديع، وهو من شباب الثورة في تعز، إن “النظام أخفق في قمع الثورة في المدينة بدباباته ومدافعه فلجأ إلى القمامة من أجل إذلال الناس، هذا أسلوب بائس” .

 

ومنذ الشهور الأولى للثورة الشعبية، شكّل شباب الثورة فرق نظافة تكفّلت بتنظيف غالبية شوارع المدينة، بخاصة تلك القريبة من ساحة الحرية .

 

وتُرجع السلطة المحلية عدم رفع المخلفات من المدينة إلى قيام أنصار الثورة المسلحين باختطاف عربات رفع القمامة وإيصالها إلى مناطق ريفية، إلا أن قياديين في صفوف “أنصار الثورة” يؤكدون أن تلك حُجج تثير الإشفاق .

 

مصادر غير رسمية تقول ل “الخليج” إن قصة تكديس القمامة في وسط تعز منذ أسابيع “مُختلقة” من قبل الأجهزة الأمنية التي أوعزت لصندوق النظافة عدم صرف رواتب ومستحقات عُمال النظافة منذ شهور من أجل تحميل الثورة مسؤولية أي كوارث صحية في المدينة .

 

وأكدت المصادر أن معظم عمال النظافة يعملون بالأجر اليومي التعاقدي، وأن رواتبهم لا تكلف خزينة الدولة ربع ما يتم صرفه للعناصر المسلحة المؤيدة للنظام من يوصفون ب “البلاطجة” .

 

وفيما يصر المسؤولون على أن سيارات نقل القمامة مازالت مختطفة من قبل الثورة، يؤكد عمال النظافة في تعز أن “السلطة المحلية هي من تقف وراء أزمة النفايات وأن توقفهم عن العمل جاء بسبب انقطاع رواتبهم”، الاجراء مدبر وليس اختطاف سياراتهم .

 

تقدر مصادر متخصصة أن مدينة تعز تنتج يومياً ما يزيد على 4 أطنان من القمامة، ما جعل المواطنين يلجؤون إلى إحراقها يومياً قبل انتشار الأمراض، لكن الأدخنة المنبعثة منها تجعل من رئات آلاف الأطفال والمرضى هدفاً سهلاً لها .

 

العقوبات التي تتعرض لها مدينة تعز من قبل أجهزة النظام ابتداء من قطع التيار الكهربائي والمياه والحصار الخانق على مداخلها وتكدس القمامة بشكل مخيف ينذر بكارثة صحية، جعل ناشطين وحقوقيين يعلنونها “مدينة منكوبة” تتعرض للقصف بالدبابة والقمامة .

 

يعاقب النظام مدينة تعز بكل شيء، لكنها تظل نظيفة وصامدة، هكذا يقول شباب تعز، الذين يضيفون قائلين: “مدينتنا ستظل كما هي، وحروب القمامة لن تجعل الناس يركعون تحت أقدام نظام متجرد من كل قيم” .

 

 

المصدر (الخليج)

زر الذهاب إلى الأعلى