أرشيف

المهندس فيصل بن شملان: الانتخابات الرئاسية أظهرت الظلم..وابناء المحافظات الجنوبية يعاملون كمواطنين من الدرجة الخامسة

 طالب المهندس فيصل بن شملان مرشح أحزاب اللقاء المشترك للانتخابات الرئاسية 2006م بأن يتركز النضال السلمي على النظام وليس على الوحدة نفسها.

وقال بن شملان إن النظام الحالي طرد أبناء المحافظات الجنوبية طرداً معنوياً وأخذ مكانهم، مشيرا إلى أنه(النظام) لم يعد حتى ابسط الحقوق لأبناء هذه المحافظات.

وأوضح بن شملان أن الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العام 2006م أظهرت الظلم الذي يعاني منه أبناء المحافظات الجنوبي،مشيرا إلى أن الناس بعد الانتخابات الرئاسية بدأوا يتكلمون عن الظلم الواقع الذي لحق بهم منذ عام 90 م، وما بعد حرب 94م، معتبرا الحراك في المحافظات الجنوبية طبيعيا جداً ، لأن الناس يطالبون بحقوقهم، يطالبون بما لهم من شراكة في البلد .

وأضاف: ابناء المحافظات الجنوبية يعاملون كمواطنين من درجة ثالثة ورابعة وخامسة ، أراضيهم نهبت، وحقوقهم ضاعت، خصوصا الذين كانوا في جيش اليمن الديمقراطية الشعبية الذين بعد 94 أخرجوا كثير منهم من أعمالهم، معتبرا ذلك غير طبيعي.

وفي حوار مع أسبوعية (الصحوة) أجراه الزميل راجح بادي أشار بن شملان إلى أن النزعة الموجودة في المحافظات الجنوبية والمطالبات بالانفصال حالة لم يفكر فيها الناس أصلاً، وأنها حالة انفعالية دُفعوا إليها غصباً، والحقيقة أن الدولة والنظام يمارس الانفصال الحقيقي على الآخرين، بمعنى أنه فصل نفسه عن مشاكلهم وعن قضاياهم ، فوصل بهم الأمر إلى أن يطالبوا بالانفصال لأنهم يرون أن الوحدة هضمت كل حقوقهم ولم تعتبرهم مواطنين.

وأشار إلى أن معالم الظلم التي تعرض لها أبناء المحافظات الجنوبية تتمثل في عدم تمكين أبناء المحافظات في أماكن وظائفهم حتى من عينوا وزراء، بالإضافة إلى قضية الأراضي وسوء توزيعها ونهبها أيضا.

وأكد أن قضية المتقاعدين التي تقول الدولة أنها حلت لم تتم، وإنما «أخذوا إلى أحواش جلسوا فيها بدون عمل» معتبرا إياه تصرفا أسوأ من التصرف الذي أحالهم للتقاعد.

نص الحوار

*كيف تقرؤون المشهد السياسي في البلاد؟

– من حيث محتوى غموض المشهد السياسي لم يتغير منذ بداية الوحدة , لكن ظهر أكثر أو برز أكثر منذ حرب 94 م وكل المظاهر الحالية عبارة عن إفرازات لهذا الوضع الذي تصر عليه السلطة الحاكمة في البلاد .

*شهد الجنوب أحداثاً خلال العام الأخير،هناك الكثير لا يستطيعون قراءة الحدث الجنوبي ، أنتم كيف تقرؤونه خلال عام مضى؟

– الحدث الجنوبي-حقيقة أنا اسميه الحدث في المحافظات الجنوبية- طبيعي ، وهو نفس الوضع الذي كان مستمراً من سابق ، بمعنى أن الأوضاع في المحافظات الجنوبية وأهلها تعرضوا للظلم من البداية، منذ عام 90 م، لكن لم يظهر هذا بشكل واضح إلا بعد حرب 94م، ولكن ما الذي أظهر هذا العملية؟. الحقيقة هي الانتخابات الرئاسية ، بعدها الناس بدؤوا يتكلمون في هذا الموضوع ، فالحركة في المحافظات الجنوبية طبيعية جداً ، الناس يطالبون بحقوقهم، يطالبون بما لهم من شراكة في البلد . إنهم يعاملون كمواطنين من درجة ثالثة ورابعة وخامسة ، أراضيهم نهبت، وحقوقهم ضاعت ً، خصوصا الذين كانوا في جيش اليمن الديمقراطية الشعبية الذين بعد 94 أخرجوا كثير منهم من أعمالهم، هذا شيء غير طبيعي، نحن نقول الحروب تحدث في البلدان لكن بعدما تستقر الأوضاع يعود الناس إلى أعمالهم سواء كانوا عسكر أو مدنيين ، لكن النظام الحالي يعمل وكأنه أتى من مكان إلى مكان أخر.. هكذا : طرد أهله طرداً معنوياً وأخذ مكانهم، ثم أنه لا يريد أن يعيد حتى ابسط الحقوق.

*قلتم أن أهل المحافظات الجنوبية تعرضوا للظلم منذ العام 90 م، ما هي معالم هذا الظلم؟

– كثير منهم طلعوا إلى صنعاء ، ولكن لم يعطوا أي عمل ، كانوا جالسين في مكاتب، كثير من هؤلاء الناس لم يعطوا حتى مقاعد يجلسوا عليها ولم يزاولوا أي عمل، إلا القلة القليلة، حتى الناس الذين تعينوا وزراء في النظام الموجود لم يزاولوا أعمالهم بشكل صحيح أو بسلطة حقيقية.

ثانياً قضية الأراضي، من بعد الوحدة مباشرة، حدث تعدياً عليها من قبل النظام ، و بدأ التوزيع لأسباب سياسية بحتة، بدأ بهذا مكاتب الإسكان التي كانت موجودة والتي كانت تخضع لمحافظيـن عينوا بشكل مباشر بعد حرب 94م،وقد تم توزيع الأراضي بمعايير ليست سليمة.

ولا ننسى أن مشكلة توزيع الأراضي كانت قائمة ما بين 90-94م وكان في توزيعها خروقات ، لكن لم يحدث أن بيعت أراضي وهميـة ، أما بعد 94 فالمحافظين الذين جاؤوا من المحافظات الشمالية تعدوا على الأراضي و صاروا يوزعونها لأسباب سياسية بحتة .

*لكن السلطة تقول أن الأراضي وزعت معظمها لشخصيات جنوبية؟

– هذا غير صحيح، وحتى لو حدث هذا، فلو قارنت المساحات التي وزعت لناس من المحافظات الجنوبية وأشخاص من المحافظات الشمالية ستجد الفرق شاسعاً ،ومع ذلك فإن الأراضي سواء وزعت لشمالي أو لجنوبي فإن أسبابها سياسية بحتة، أسباب ولاء لا أقل ولا أكثر .

*قلتم أن الانتخابات الرئاسية هي التي جعلت الناس تتحرك، لماذا تحركوا بعد الانتخابات؟

– الانتخابات أوجدت جواً -خصوصاً خلال فترة الدعاية الانتخابية – أطلق الناس فيه مشاعرهم فى تلك المهرجانات ، وهذا شيء لم يحدث في السابق ،فقد كانت الانتخابات الرئاسية في الماضي عبارة عن شيء مقفل، حيث أن أحزاب المعارضة أو حزب المعارضة الأكبر الذي هو الإصلاح هو نفسه رشح رئيس المؤتمر، وبالتالي لم يكن هناك أي حراك ، لكن الانتخابات الرئاسية 2006م كانت مختلفة فقد خرجت المعارضة كاملة ( اللقاء المشترك ) بمرشح لها ودعاية كبيرة ومهرجانات ضخمة ، مما أعطى الناس فرصة لأن يتجمعوا ويقولوا .. ما يريدون وهذا الأمر حرر المواطنين من عقدة الخوف التي كانت عند الناس.

وما حدث إثر ذلك أن المتقاعدين بعد الانتخابات مباشرة استفادوا من هذا المناخ وبدؤوا في احتجاجاتهم، فكانت هذه الاحتجاجات بداية كسر الخوف.

*تكلمتم عن الأسباب التي أدت بالناس إلى الخروج عن النظام، الآن هناك من يرى أن هذه المطالب ،خاصة بعد أحداث الضالع ولحج مؤخراً، غير واضحة المعالم؟

– لا.. المطالب واضحة المعالم وموجودة، فالمتقاعدون أحيلوا للتقاعد قسراً أو طردوا من أعمالهم قسراً، ولم يعطوا أعمالا حقيقيـة، هذا مطلب لم يحصل فيه شيء حتى الذين أعادوهم أجلسوهم في أحواش ولم يعطوهم شيئاً يذكر.

ثانياً، الأراضي التي نهبت لم يتم تسويتها وإعادتها إلى أهلها.. مشكلة المشاكل كلها أن هذا النظام ليس له رؤيـة لحل أي قضية من القضايا إلا بطرق القتل أو الحبس أو القمع، أو المصلحة الشخصية الذاتية وهو ذاهب في غيه، ولا ندري هل هذا ناتج عن عدم اعترافه بالحقوق، مثله مثل أي شخص ظالم طرد شخصاً من أرضه وادعى ملكيته، أم أنـه لا يستطيع أن يفكر في شيء لحل هذه المشاكل أم أنه لا يريد حل المشاكل لأنه لا يعترف للآخرين بالحقوق؟!

*لكنه يقول أنه شكل أكثر من لجنة لحل هذه المطالب وتم معالجة مطالب جزء كبير من المتقاعدين هذا كلـه..

– (مقاطعاً) .. لا لا كم عدد الناس المتقاعدين الذين حلت مشاكلهم ، الذي نفهمه أن هؤلاء المتقاعدين الذين حلت مشاكلهم أخذوا إلى أحواش جلسوا فيها بدون عمل وهذا تصرف أسوأ من التصرف الذي أحالهم للتقاعد.

*هناك من يقول أن هذه المطالب الحقوقيـة في المحافظات الجنوبية أصبح لها سقف سياسي ما رأيكم؟

– السقف السياسي مطلوب, بصرف النظر تكون معه أو ضده.. وأنا من الذين لا يقولون بالانفصال، لكن الذين يريدون الانفصال لديهم مبرر ومبررهم واضح، فقد وجدوا أن النظام لا يريد أن يحل مشكلة من مشاكلهم، فإذا كانت الوحدة بالنسبة لهم كلها متاعب ولا نعطيهم حقوقاً ولا نعتبرهم حتى مواطنين فماذا يريدون من هذه الوحدة ، هذا شعورهم وهذا مبررهم ، لكننا نرى أن في هذا تسرع ونعتقد أنهم أُلجئوا إلى هذا الأمر بفعل عدم اعتراف السلطة بحقوقهم وعدم استطاعتنا أن نعمل لهم أي شيء .

*هل استطاع الحراك في المحافظات الجنوبية أن يحدد مطالب سياسية واضحة؟

– أولاً طالب بإرجاع الحقوق، وطالب بمشاركة سياسية ومشاركة في الثروة..، كانت المطالب ثلاثـة في الأساس بدأت بمطالب حقوقـية ، ثم بالشراكة السياسية والشراكة في الثروة، و لم تستجب السلطة لا للمطلب الحقوقي الخالص ولا للشراكة السياسية ولا شراكة الثروة.

*النزعة المتصاعدة الآن ضد الوحدة في الشارع لمصلحة من؟

– النزعة الموجودة في الشارع حالة لم يفكر فيها الناس أصلاً، هذه حالة انفعالية دُفعوا إليها غصباً، والحقيقة أن الدولة والنظام يمارس الانفصال الحقيقي على الآخرين ، بمعنى أنه فصل نفسه عن مشاكلهم وعن قضاياهم ، فوصل بهم الأمر إلى أن يطالبوا بالانفصال، مثلما قلت بالسابق أنهم يرون الآن الوحدة هضمت كل حقوقهم ولم تعتبرهم مواطنين، وعندما تكون الوحدة لا تعتبرك مواطناً فماذا تريد بهذه الوحدة والمحتجون يعلمون جيداً أن النظام يمارس عليهم الفساد الحقيقي . بمعنى أنه أقصاهم عن كل شيء: لا مشاركة سياسية لا مشاركة في الثروة لا تحسين وضع، لم يعمل شيئاً ضد البطالة والفقر المتزايد ، فماذا يعملون،؟! لا يوجد أمامهم طريق سوى هذا.

*بعد ما حدث في الضالع وردفان الأسبوع الماضي هل بدأت الخيارات السلمية تتقلص؟

– اعتقد أن هذا الوضع دفع إليه النظام وقد أثيرت تساؤلات كثيرة حول هذا الموضوع ، وقد صرحت جهات في الحراك الذي أنها متمسكة بالنضال السلمي، أنا شخصياً أفهم دوافع الناس كلهم، لكن لا أفهم كيف إن الحراك الجنوبي لا يريد أن يصل إلى نتيجـة، أو على الأقل يجمع المواليين والأنصار والمتضرريـن ويعزل الأحزاب السياسية فهذا كلام غير مفهوم بالنسبة لي ، يعني أنا وأنت في مرحلـة نضال المفروض أن تجمع الأنصار حتى الذين نختلف معهم لكي يناصروك في هذه المطالب التي تريدها، فإقصائهم أو الابتعاد عنهم قضية غير مفهومة .

*هل صارت القضية قضية شمال وجنوب؟

– لا أعتقد، ولكن بكل تأكيد بعض الناس عندهم هذا الأمر, لكن من المفترض أن يتركز النضال على النظام وليس على الوحدة نفسها، أو المواطنين .

وفي ظل درجة الحرارة المرتفعة الآن تقال أشياء كثيرةً من الناس لا يقصدوها ولكن من باب التنفيس لا أقل ولا أكثر، وهم لا يفكرون لو جلس الإنسان يفكر قليلاً سيرى جانبا سلبياً ، وأنا أقول أن المشكلة مشكلة طريقة معاملة النظام للقضايا بشكل عام سواء كانت بالمحافظات الجنوبية أو المحافظات الشمالية، وكل هذه ستأتي بلغم في المحافظات الجنوبية كما حدث في صعدة ..

*السلطة تقول أن الحراك الجنوبي يصعب التعامل معه وأنه يوجد انقسام عند المحتجين كيف ترى أنت؟

– أنا لا أقول انقسام، فهو عبارة عن اختلاف وجهات النظر في بعض الأمور التفصيلية لكن هذا لا يعطي للسلطة عذرا، فالناس متفقون وهناك اختلاف في بعض التصورات لكن القضية الأساسية قضية مشتركة قضية الجميع بما فيها أحزاب اللقاء المشترك .

*هناك أصوات داخل الحراك الجنوبي تريد إقصاء المشترك من القضية وإبعاد كل ما هو شمالي في هذا الجانب؟

– هذا شيء مطروح ، وهو كلام غير مفهوم ، فالمطلوب من هذه الجهات كما قلت قبل قليل أن تكثر من أنصارها لا أن تقلل منهم، وأعتقد أن أمر الإقصاء والتفكير به يجب أن ينتهي ، فأحزاب اللقاء المشترك تبنت هذه المطالب من السابق ،وقد مرت فترة طويلة من الوقت 14 سنة ، والقول أنه عندما تحرك الناس جاء اللقاء المشترك يتحرك معهم لا يبرر سلوكاً كهذا.

وهذه المجموعة من الناس نعرف صوتها ولا نعرف حجمها الحقيقـي لكن يجب أن ننتبه إلى قضية ثانية وهي أن معظم الحراك تم بتدخل جهات حقيقية عسكرية لديها مطالب، و ليست مدنية فهناك تحرك كبير جدا من الجيش من الضالع ومن شبوة ومن يافع.

ولا ندري بالضبط لماذا التحام المجتمع المدني مع هذا لا يزال بعيداً، الناس لديهم شعور بأنهم مظلومين لكن مثلما قلت أنت ليست هناك مطالب سياسية محددة وبالتالي لم يحدث فرز باستثناء المتقاعدين العسكريين , هؤلاء تم إخراجهم من وظائفهم وينبغي إعادتهم إليها، والآن نادراً ما تجد في إدارة من الإدارات شخصا من الجنوب لكن لا ندري بالضبط إلى أي مدى تغلغل هذا الفرز (شمالي- جنوبي) وهو عند الناس شعور عام، ولكن هل يطرحونه أو يفكرون بنفس التفكير الذي تطرحه هذه الفئة؟ حتى هذه الفئة ماذا تريد بعد هذا بالضبط؟ ما هو السقف الذي تريده، هل تريد الانفصال؟ وكيف سيتم هذا الانفصال؟ هل ستعمل استفتاء عليه؟ وهل تقبل نتائج الاستفتاء؟.

*عندما نستخدم مصطلح الحراك في المحافظات الجنوبية السلطة تقول هذا الحراك ليس في كل المحافظات الجنوبية هم قلة من الغوغاء وهناك محافظات جنوبية لا يوجد فيها حراك ، هل ترى أن ما يحدث هو فعلاً حراك جنوبي؟

– هو حراك في المحافظات الجنوبية، أنا لا أقول حراكاً جنوبياً أقول هو حراك في المحافظات الجنوبية هناك من أسماه حراكاً جنوبياً هذا الحراك وهذا الشعور في المحافظات الجنوبية قاطبـة لا يستثنى منه شيء ، والكلام الذي تقوله السلطة غير صحيح، فأي محافظة تذهب إليها من هذه المحافظات تجد نفس الشعور لكن كيف نتعامل معه، هذا موضوع آخر أما الشعور فهو شعور عام فأنت إذا ذهبت لحضرموت أو المهرة أو شبوة أوعدن أو الضالع أو لحج أو غيرها كل هذه المحافظات في الجنوب كل الناس عن بكرة أبيهم يشعرون بهذا الشعور ، حتى الناس المستفيدين من النظام.

*هذا الشعور موجود حتى في المحافظات الشمالية؟

– صحيح.

*إذاً لماذا يتم إقحام الوحدة في هذه المسألة هناك استياء في الشمال وفي الجنوب على حد سواء فلماذا يتم تحميل الوحدة المسؤولية؟

– هذا الذي نحن معترضون عليه من الأساس، الأمر بدأ بشكل مطالب بإصلاح مسار الوحدة وتطورت الأمور اضطراراً لأن النظام ليس لديهم استعداد لعمل أي شيء ، لكن نحن نقول إن الظلم واقع على الناس كلهم، والمفروض أن تجتمع كل القوى المطالبة بالتغيير في الشمال والجنوب ويتوجه النضال حول تغيير هذا النظام ورفع الظلم عن الجميع، وفي هذا الموضوع أنا لديه وجهة نظر مختلفة، فأنا من الذين لا يعتقدون أن قيام دولتين باليمن أمر ممكن بشكل طبيعي، لا أعتقد أن هذا ممكن .. لكن الذي نخشاه الآن ونخاف منه هو تصلب النظام وعدم تقديمه أي رؤية وأي حل وإصراره على الفساد والإصرار على إقصاء الآخرين والإصرار على هذا النهب وإهدار الحقوق، فنخشى أن يقود بذلك ليس إلى دولتين لكن إلى تفكك وتشرذما لأنه صعب جداً تصور وجود دولتين في اليمن بشكل منظم هذا صعب تصوره.

*ما وجه الصعوبة في ذلك؟

– الظروف لا تجعل هذا الحل مجدياً.

*الظروف الداخلية أم الخارجية؟

– الظروف الداخلية والخارجية كلها لا تساعد على ذلك وخصوصاً التكتلات والتغيرات التي حدثت في العالم بالنسبة لكثير من الأمور حتى على مستوى الاقتصاد.

*هل هناك عائق اقتصادي يمنع من قيام دولتين في اليمن؟

– الاقتصاد سيكون عائقاً وسيؤثر سلباً على كل دولة على حدة وليس من مصلحة كل دولة أن تكون على الوحدة ، لكن الاقتصاد العالمي كله لن يسمح ، وسيكون من الصعب على كل دولة أن تتعامل مع ما يأتي من العالم الخارجي بمفردها، والأمر الآخر هو الدعم الذي ستحصل عليه كل دولة سيكون قليلاً جداً ،ربما لأن بعض الدول لا تريد انفصالاً وأيضاً هناك دول لن تكون قادرة على تقديم دعم، وهناك دول ستسأل نفسها لماذا تدعم أصلاً؟ وأقول الظروف التي ظهرت فيها دولة في الجنوب اختفت ولم تعد موجودة اليوم.

*ما أهم هذه الظروف؟

– أهمها أن الاستعمار كان موجودا، وكانت هناك حركة تحرر شاملة في هذا الجانب، وكانت الجمهورية العربية اليمنية في الشمال أرضا مفتوحة بالنسبة للنظام في الجنوب وكان هناك نظام مصري يساعد على حركة التحرر ، وفي هذا الجانب الآن لن تكون أرض المحافظات الشمالية مفتوحة لنظام انفصالي في الماضي .

*قلت أن الظروف الخارجية والداخلية غير ممكنة للانفصال.. لكن هناك قيادات في المؤتمر الشعبي العام والسلطة اتهمت بريطانيا بأنها وراء ما يحدث في الجنوب وأنها تحن للعودة إلى الجنوب؟

– هذا كلام ينقصه فهم العالم اليوم ووضع بريطانيا فيه ولا اعتقد أن هذا يخفى على القيادات في المؤتمر الشعبي العام ولكن يقال هذا الكلام لمجرد الكلام لو أرادات بريطانيا أن تعود لن تستطيع أن تعود وهي ليست الدولة التي عندها المقدرة، لم تعد بريطانيا من الدول المؤثرة في هذا الجانب أقول أن هذا الكلام ليس فيه علم وليس فيه فهم العالم اليوم .

*لكن لماذا يقال مثل هذا الكلام؟

– كل تصريحات المؤتمر الشعبي العام من هذا النوع (يضحك ).

*هل تستبعدون أي دور خارجي لما يحدث في المحافظات الجنوبية؟

– لا نستبعد أن يكون هناك دور خارجي ، لكن هنالك معارضة في الخارج تشعر نفس شعور المعارضة بالداخل والأكيد أنها تسعى لتجنيد أنصار لمطالبها في الخارج وهذا شيء طبيعي ، لكن لن تجد في واقع اليوم هذا ومعطياته لن تجد دولة مستعدة أن تمضي لمساندة تقسيم اليمن أوقيام دولة في الجنوب.

*سواء دولة عربية أو أجنبية؟

– سواء عربية أو غير عربية.

*لماذا؟

– لن تستطيع ذلك، وليس عندها هذه المقدرة ثم ما مصلحتها في هذا لأنك في هذه الحالة تريد دولة حامية، يعني دولة تلتزم بحماية نظام وهذا لن تجده.

يعني كانت بريطانية تريد الجزر وبريطانيا جلست في عدن وعملت اتفاقيات ولما انتفت الحاجة رحلت.

*والآن ألا توجد مصلحة لبريطانيا في اليمن؟

– ليست هناك حاجة، لأن بريطانيا الآن ليست بريطانيا السابقة.

*قلت سابقاً بأن الحراك موجود في المحافظات الجنوبية، لكن أين عدن مما يحدث؟

– عدن عندها نفس الشعور وعدن -كما تعرف- مجتمع مدني خالص وهي أكثر المحافظات الجنوبية تضرراً ..

*لكنها أكثر المحافظات الجنوبية هدوءاً؟

الناس في عدن كلهم موظفون في وظائف حكومية وشركات، وقليل من سكان عدن كانوا منخرطين في القوات المسلحة، وسجلات الموظفين في عدن مضبوطة ولذلك نالها الكثير من التقاعد يعني طبق عليها النظام، الذي لم يطبق على الآخرين فمن هذه الناحية عدن مسالمة ولكن مشاعر الناس في عدن نفس مشاعر الآخرين.

* لكننا اتفقنا علي أن شعور الناس هو نفسه في الشمال والجنوب تجاه فساد النظام؟

– بالنسبة للشعور تجاه النظام هذا شيء غالب لكن المشكلة في المحافظات الشمالية أن الناس لم يتحركوا نتيجة الظلم الواقع عليهم، لم يصل الإحساس بالظلم مثلما وصل في المحافظات الجنوبية إلى الآن إذا استثنيت بعض المحافظات, أنا لا أفهم مثلاً حالة الحديدة واقع الناس أسوأ بكثير جداً ، تعز أكبر محافظة في الجمهورية كلها بدون مشروع ماء، لا أدري لماذا الناس ساكتون على هذا الظلم؟

*الناس تعبر عن رفضها لهذا النظام عبر الانتخابات، الأصوات التي حصل عليها مرشح المشترك في هذه المحافظات كانت كبيرة وهذا دليل على رفض ممارسات النظام القائم؟

-نعم، ولكن ليست هذه الحركة كافية بقدر الظلم الواقع عليهم، فالظلم كبير والحركة قليلة.

*ما حدث في الضالع والحبيلين الأسبوع الماضي من أعمال شغب وتكسير وأعمال ضد الأشخاص القادمين من المحافظات الشمالية لمصلحة من هذا؟

– أعتقد أن هذه ثورة غضب ماذا تتوقع من ناس طلبوهم للتجنيد فذهبوا ولم يجدوا شيئاً وسبوهم وشتموهم وأعادوهم، يبدو أن هناك سياسة تتبعها السلطة لدفع الناس إلى التخلي عن النضال السلمي، وهناك اعتقاد لدى بعض الناس أن هذه الأعمال قام بها أناس مندسون من السلطة بكل تأكيد‘ وإلا لماذا تطلب أناساً للتجنيد وعندما يحضرون تقول لهم لا يوجد لكم شيء، اذهبوا.. وهؤلاء شباب بدون عمل.. كيف ستكون النتيجة إذن؟!

* لمصلحة من تصاعد النبرة العدائية ضد أبناء محافظات بعينها؟

– كل العالم حتى الإحصائيات -مثلاً- أوروبا تقول إن هناك استياء واسع من أمريكا وهناك كتاب (لماذا الناس يكرهون أمريكا) لكن مع كل هذه الكراهية لأمريكا الناس لا يكرهون الشعب الأمريكي ولا يوجهون الكراهية للشعب الأمريكي ولذلك أقول الكراهية يجب أن توجه للنظام وليس للمواطنين وما يحدث هو خطأ.

*هناك استدعاء للمعطيات البدائية في العمل السياسي كالجغرافيا وتوجيه الحقد تجاه أبناء محافظات بعينها.. ألا ترى أن ذلك يضرّ بالمطالب الحقوقية لأبناء المحافظات الجنوبية؟

– هؤلاء الناس ذهبوا إلى ما هو أبعد من هذا، ذهبوا إلى إقصاء الأحزاب نفسها، أحزاب المشترك مناصرة لمطالب الحقوق وهي جزء منها، ومع هذا بعض الجهات أو بعض الناس في الحراك يقصي المشترك فهناك حالة من الشعور العام بالإقصاء لدى هؤلاء، وحل الإقصاء بالإقصاء لن يحل مشكلة.

*بعد كل ما حدث مؤخراً هل تشعر أن الهوية الوحدوية باتت معرضة للخطر؟

– يتنامى شعور ضد الهوية الوحدوية وأنا أقول أن هذا تنام غير واع، فهناك تنام لشعور أن الوحدة سلبتنا حقوقنا ولا تعتبرنا مواطنين، ولسنا بحاجة لها.

* إذاً كيف يمكن تقوية الهوية الوحدوية في مثل هكذا وضع؟

– إما أن هذا النظام يفيق وأنا أقول أنه لن يفيق إطلاقاً حسب تجربتي.

*يعني هذا الحل مستبعد؟

– مستبعد جداً والحل الثاني الأجدى والأفضل هو بطيء لكنه فعال، وهو أن الحراك في المحافظات الجنوبية ينفتح على كل الأنصار وكل المطالبين بهذه المطالب الأساسية فكل الناس والأحزاب يطالبون بالشراكة في السياسة والثروة وتحسين أوضاع الناس والقضاء على البطالة, وبالتالي يجب أن تتجمع كل القوى وينفتح الحراك على كل الناس ومن الجميع يصير جسداً واحداً يمشي بشكل مخطط واثق لنيل هذه الحقوق ، وبدون هذا سيتشرذم ما هو موجود والتشرذم هذا ربما يقود إلى فوضى والفوضى ستقود إلى تشرذم نهائي.

*على ضوء ذلك .. كيف تقرأ مستقبل الحراك في المحافظات الجنوبية؟

– أنا أعتقد أن الناس سيفيقون والعقلاء في هذا الحراك سيفهمون أن هذا النظام غير مستعد أن يعطيهم شيئاً وغير قابل للتغيير وبالتالي سيتجهون إلى حركة أشمل بكل الناس بما فيها أحزاب اللقاء المشترك والمستقلين وغيرهم ويجمعون كل الناس في هيئة واحدة للمطالبة بهذه الحقوق ونيلها، وإذا لم يحدث هذا لا سمح الله فإن النظام سيقمع كل هذه التحركات وسيستمر في تحريض بعض الجهات في الحراك إلى الميل للعنف وبالتالي سيتخذ معها موقفاً أعنف ليقمعها، وقد يقود هذا القمع إلى احتمالين، الاحتمال الأول أن تخمد هذه الحركة العنيفة، والاحتمال الآخر أن تزيد حمية الآخرين ممن هم خارج هذا العنف ويلتحقون به وهذا احتمال وارد.

*أنت قلت انه ينبغي أن ينفتح هذا الحراك على الآخر لكن المتابع لهذا الحراك يلاحظ أنه بعد مرور أكثر من عام أصبح أكثر نبذاً للآخر سواء كان الآخر جنوبياً أو شمالياً فكيف تتوقع أن ينفتح؟

– هذه ليست لحظة نهائية .. أقول الناس العقلاء داخل هذا الحراك ربما يستنتجون أن انغلاقهم أبعدهم عن تحقيق مطالبهم وبالتالي يتراجعون عن هذا الانغلاق.

*يعني قد تحدث مراجعة؟

– نعم قد تحدث مراجعة

*وإذا لم تحدث هذه المراجعة؟

– سيزداد العنف بينهم وبين الدولة وفي هذه الحالة إما أن يتم إخماد الحراك العنيف أو أنه تنضم لهذا الحراك العنيف مجاميع أكثر من خارج هذا الإطار اليوم وهذا وارد

*سياسة السلطة في معالجة ما يحدث ،تعتمد على العنف أو شراء الو لاءات أو اللعب على التناقضات الموجودة . هل يمكن لهذه السياسية تنجح على المستوى البعيد أو القريب؟

– لا هذه السياسة لن تنجح ، لسبب بسيط إن مشاكل الناس الحقيقـة لم تحل، والمشاكل والمطالب باقية فالأسباب التي أوجدت هذا الحراك لا زالت قائمة وطالما هي قائمة سيستمر النضال من أجلها، بالتالي ما تقوم به الدولـة هو مجرد عبث، فهي تهدر كثيراً من طاقاتها بما لا فائدة من ورائه، والسلطة عندما تهدر الكثير من الطاقة في هذا الأمر ستحرم المحافظات الشمالية التي تسمع وترى أيضاً ، فالسلطة تهدر طاقتها فيما لا طائل من ورائه وبالتالي تحرم المحافظات الشمالية من تحسين أوضاعها. وبالتالي يزداد سخط المحافظات الشمالية عليها وتخلق مشكلة أخرى هناك.

*هناك أصوات بدأت تنادي بما يسمى مؤتمر وطني أو حكومة إنقاذ وطني هل ترى هذا مخرج للأزمة التي تعيشها البلاد؟

– المؤتمر الوطني إما أن تكون السلطة راضية عنه باعتبار أن عندها استعداداً له، وإما أن يكون مؤتمرا وطنيا آخر خارج السلطة للمعارضة في المحافظات كلها وهذا شيء جيد وسيقود إلى شيء في النهاية وكلما تجمع الناس كان أفضل وهذا المؤتمر الوطني لحل القضية كلها سيجعل النظام يواجه قوة أكبر مما يواجهه الآن.

*وقضية وجود حكومة إنقاذ وطني؟

– قضية حكومة إنقاذ وطني لابد أن يكون هناك اتفاق توافق الدولة عليه.

*وهذا مستبعد؟

– النظام وطبيعته يستحيل عليه أن يقدم شيئاً مفيداً، تركيبته لا تسمح أن يقدم شيئاً مفيداً أبداً؟

*أنت تقول هذا الكلام والنظام يقول أنه قدم الكثير حيث أعلن مؤخراً عن انتخاب المحافظين وأعلن عن تعديلات دستورية؟

– لحظة … كيف سيتم انتخاب المحافظين ؟! سيتم الانتخاب من نفس المجالس المحلية!! هذا ضحك على الذقون.

*هل ترى أن هذه الخطوة غير مجدية؟

– اصلاًُ ليس لها معنى الخطوة هذه (محلك سر) ونفس الوجوه لن تتغير. .. أو مثلها في أحسن الأحوال

*يعني آلية ستعيد نفس الوجوه؟

– نفس الوجوه مثل الانتخابات العامة التي أعادت فرز نفس الوجوه

*قضية التعديلات الدستورية ونظام الغرفتين التشريعيتين كيف تراها؟

– كل هذه مجرد دحابيش لاعطاء الرئيس عشر سنوات قادمة..

*كل مايحدث لأجل هذا؟

– كل هذه الخطوات رتوش مقرفة وكل ما هنالك هو قضية إعطاء الرئيس عشر سنوات أخرى.

*يعني أنت تري أن كل ما يحدث هو عملية إخراج لهذا الهدف الحقيقي؟

– هذه أشياء لإلهاء الناس لكن أساس التعديل هو مد فترة الرئاسة عشر سنوات.

*هناك قضية تثار وهي تشغيل شركة حكومية مع موانئ دبي لميناء الحاويات في عدن كيف ترى مستقبل هذا الميناء؟

– سواء كان في ميناء عدن ، أو مصافي عدن كل هذه أمور لا تهم فالنظام نفسه باق والطريقة التي يعمل بها النظام هي نفسها ومهما كان الشكل الذي يعمل به لا يفيد في شيء لأنه لا يوجد تغيير في نظرة الإدارة، أنت تعرف ميناء دبي والناس الذين يشغلونه هم من عدن : همام غانم ، حسن مهيوب سلطان أعطيك عشرات الأسماء ، إذا لا يوجد لديك نظام إداري حقيقي مهما عملت لن يفيدك شيء كل ما هنالك ستكون القسمة بين جهات في الداخل فاسدة والجهات في الخارج لا أقل ولا أكثر.

*أنت كنت مرشح اللقاء المشترك مئات الآلاف من الأصوات ذهبت لترشيحك ماذا تقول للناس في هذه اللحظات الحرجة التي تعيشها البلاد؟

– اللقاء المشترك فكرة متقدمة جداً بالنسبة لأوضاع البلدان العربية وأتمنى أن تعمم هذه الفكرة في البلاد العربية ، لكن يجب على أحزاب اللقاء المشترك أن تفهم وبصدق وتخلص إخلاصاً كاملاً لأنه لن يستطيع فصيل من الفصائل أو جهة من الجهات أن تحقق شيئاً لهذه البلاد إلا إذا تجمعت القوى الوطنية حول مبادئ وطنية , تفصيل هذا يبقى موجوداً لكن بعد أن تستقر الأوضاع على نظام يرضاه الجميع ولحركة الأيديولوجيات مضبوطة بدستور ونظام يرضاه الجميع بغير هذا ستظل هذه البلاد اليمن أو غيرها عرضة ورهن سيادتها للدول الأخرى.

وأقول أن القوة التي أوجدت هذه الأصوات هي قوة اللقاء المشترك سواء رشحت بن شملان أو بن سعدان نفس النتيجة ستظل هي قوة اللقاء المشترك الشخص ليس له قيمة في هذا الجانب.

زر الذهاب إلى الأعلى