أرشيف

حماس تكيل للشاعر الراحل محمود درويش أقسى وأسوأ عبارات السباب والتكفير

بينما خرجت عشرات من صحف العالم، وكل الصحف العربية تقريبًا تنعي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، حيث وصفته وكالة الأنباء الألمانية بتقرير يحمل عنوان «الساحة الفكرية العربية تفقد أبرز شعرائها المعاصرين»، وتقول عنه وكالة «رويترز» ووكالة الأنباء الفرنسية و«أسوشيتدبرس» وغيرها من كبريات وكالات الأنباء الدولية بأنه «أحد أهم الشعراء العرب المعاصرين، الذين أمتزج شعرهم بحب الوطن والحبيبة وترجمت أعماله بما يقرب من 22 لغة وحصل على العديد من الجوائز العالمية»، كان لحركة «حماس» الإسلامية موقف آخر من الرجل، واحتفلت برحيله على طريقتها الخاصة.

في الوقت الذي أصدر فيه خالد مشعل بيانًا مقتضباً كتب بلغة رسمية، وبدا فيه واضحاً بعدم التطرق لأي عبارة تدعو إلى درويش بالرحمة وكأنه ينعي أديبا صينيا أو روسيا مثلاً، كانت هناك في المقابل – كما جاء في تقرير نشره موقع (إيلاف)الاليكتروني – حملة مسعورة على صفحات الإنترنت تكيل للفقيد الكبير أقسى وأسوأ عبارات السباب والتكفير، وحتى الشماتة بموته، ووصلت الوقاحة بأحدهم لكتابة موضوع بعنوان:

 

«هنا نتلقى التهاني بـ (نفوق) الهالك محمود درويش».

 

هذه العبارات التي تضمنها بيان عزاء خالد مشعل لمحمود درويش دافع عنها أحد نشطاء حماس عبر موقع « شبكة فلسطين للحوار» قائلاً: «هناك فرق بين نعي الكافر وبين الترحم عليه، فإذا كان المقصود من النعي هو بيان ان فلانا مات، أو بيان بعض محاسنه فقط ، من دون طلب الرحمة أو الجنة له، فهذا جائز ولا حرج، أما إذا كان القصد منه الترحم عليه فلا يجوز، لو كان بطل المقاومة وبطل فلسطين».

 

لكن يبدو أن درويشا قد انتقم لنفسه قبل أن ترقص الذئاب على جثته، حين وصف أنبياء غزة الكذبة بقوله قبيل رحيله في قصيدة قال فيها:

 

«لولا الحياء والظلام، لزرت غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد

 

ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا

 

أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى

 

مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة

 

قلبي ليس لي… ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً

 

هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته – أخيه: (الله أكبر) أنه كافر إذ يرى الله على صورته

 

هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين ؟

 

أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه

 

رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل

 

ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين

 

وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة… ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد ؟

 

لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة. الدخول مجاناً .. وخمرتنا لا تُسْكِر

 

لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة

 

لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة

 

أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ

 

هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام

 

من يدخل الجنة أولا ً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ ؟

 

بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك

 

لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة، ولكن، يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون

 

سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟

 

قُلْتُ: لا يدافع

 

وسألني: هل أنا + أنا = اثنين ؟

 

قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد»

 

وتورطت شبكة «الجزيرة» القطرية عبر موقعها المخصص للمدونات «الجزيرة توك» ـ وهو موقع ترعاه «الجزيرة» رسمياً ـ بالسماح لعدة موضوعات تسبّ بل وتكفر الشاعر الكبير الراحل بعبارات بذيئة لا تليق حتى بجلال الموت، ومنهم شخص «حمساوي» ينتحل اسمًا مستعارًا هو «ابن الحركة الإسلامية»، كتب محذرًا مما أسماه «الافتتان بمحمود درويش»، وقال ما نصه التالي:

 

 «بدك صراحة أنا بديش اترحم على واحد (****) وكمان زار إسرائيل وهاجم الإسلام والدين من قال الشيخ المجاهد عبد لله عزام من كتاب حماس الجذور التاريخية والميثاق :

 

أجهزة الإعلام اليهودية مثل محمود درويش الذي يقول:

 

أنا من قرية عزلاء منسية … وكل رجالها في الحقل والمعمل يحبون الشيوعية

 

وكان نشيد الثورة الذي يتردد على لسان كل طفل فلسطيني:

 

أنا يا أخي آمنت بالشعب المضيع والمكبل … وحملت رشاشي لتحمل الأجيال بعدي منجل

 

فالقتال في فلسطين لتحمل الأجيال (المنجل والمطرقة والشاكوش) شعار الشيوعية، ويقول محمود درويش: وصرنا نقرأ مبادئ الماركسية التي أشعلتنا حماسا وأملا ، ودخلت الحزب الشيوعي فتحددت معالم طريقي.

ولذا ليس غريبا أن يكتب درويش: نامي فعين الله نائمة عنا وأسراب الشحارير.

ويقول: فسبحان التي أسرت بأوردتي إلى يدها (تعالى الله عما يشركون)

فلا تصفوه بالمقاوم وبالبطل ومدري شو هذا الإنسان ذو توجهات اشتراكية الحادية وأشعاره مليئة بما لا يسر المسلمين .

كذلك قد قرأنا أيضاً أن السفير الإسرائيلي في باريس قد سلم قبل عامين تقريباً محمود درويش وأدونيس وبعض زملائهما خطاب شكر على البيان الذي وقعوه ونشرته صحيفة اللوموند الفرنسية يستنكرون فيه المؤتمر الذي كان سيعقد في بيروت لفضح الصهيونية (الهولوكست)»

ومضى الناشط «الحمساوي» قائلاً في معرض مخاطبة أبناء فتح وغيرهم من الشباب العرب الذين أبدوا استياء من الهجوم على درويش:

وإثباتات أخرى تدل على أن بطلكم شيوعي :

«في كتاب لأديب اسمه رجاء النقاش اسمه محمود درويش شاعر الأرض المحتلة ذكر في صفحة 133: أن محمود درويش عمل في جريدة الاتحاد، ومجلة الجديد، وهما من صحف الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وعلاقة درويش بهذا الحزب وعضويته فيه ثابتة لا شك فيها، وقد أفاض فيها النقاش في كتابه المذكور، وأكدها حسين مروة في كتابه: «دراسات نقدية» حينما قال على لسان درويش: «وصرنا نقرأ مبادئ الماركسية التي أشعلتنا حماساً وأملاً، وتعمق شعورنا بضرورة الانتماء إلى الحزب الشيوعي الذي كان يخوض المعارك دفاعاً عن الحقوق القومية»؟ ثم أسأله أين الحقوق القومية عند شاعر يحتفي اليهود بشعره في مناهجهم وتأتيه رسائل الشكر من سفرائهم على مواقفه.»

وفي ما يشبه محاكمة لتراث درويش الشعري، ومن خلال لعبة الابتثار من السياق التي يمارسها الإسلامويون عادة بحق الشعراء بل وكافة المبدعين، راح الناشط «الحمساوي» يحاكم درويش بقوله:

إنه يسخر من مقدساتنا وديننا، فهو يقول:

«رأيت الأنبياء يؤجرون صليبهم واستأجرتني آية الكرسي دهراً ثم صرت بطاقة للتهنئات» .

وقوله: «وتناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة، دم كالمياه وليس تجففه غير سورة عم وقبعة الشرطي وخادمه الآسيوي» .

وقوله: «ونمت على وتر المعجزات ارتدتني يداك نشيداً إذا أنزلوه على جبل كان سورة ينتصرون»، وهي مقاطع من ديوانه.

ثم اقرأ قوله عن أخته: «أبي من أجلها صلى وصام وجاب أرض الهند والإغريق إلها راكعاً لغبار رجليها، وجاع لأجلها في البيد أجيالاً يشد النوق، أقسم تحت عينيها قناعة الخالق بالمخلوق، تنام فتحلم اليقظة في عيني مع السهر فدائي الربيع أنا وعبد نعاس عينيها وصوفي الحصى والرمل والحجر فاعبدهم لتلعب كالملاك وظل رجليها على الدنيا صلاة الأرض للمطر .

 

زر الذهاب إلى الأعلى