أرشيف

ثقافة المجتمع اليمني التقليدي وراء انتشار أمراض جديدة بين شبابه

يبدو الشباب اليمني نموذجاًً بارزاًً لما يُعتقد أنه خصوصية مجتمعية في الإصابة بأمراض «العصر». ولا تزال مسببات المرض تنتشر في ظل ثقافة صحية متدنية، تدغم أحياناً بما هو خرافي مثل الاعتقاد بـ «العين والزار». ويقلل عبدالكريم (34 سنة) من أهمية تشخيص الأطباء للشلل الجزئي الذي أصاب جانباً من فكه وهو يعتقد انه أصيب بـ «العين» (الحسد)، ولا يتورع عن الإشارة إلى زميل له «لم يكف عن النظر إلى «قاتي» يوم أصبت بالحالة»، على ما يقول عبدالكريم. والراجح أن شيوع اللامبالاة عند كثيرين من اليمنيين في ما يتعلق بالاهتمام بالجسد وندرة ممارسة الرياضة، كالمشي والركض، ناهيك باعتماد نظام غذائي صحي… يجعل من معطيات الحياة الحديثة عاملاً إضافياً للإصابة بعدد من الأمراض.

وعدا البدانة التي لا تزال منحسرة في اليمن، تحتل أمراض القلب والسرطان صدارة قائمة الأمراض العصرية، والأكثر انتشاراًًًً بين الشباب اليمني، وهي تنشأ عادة على خلفية عادات اجتماعية مثل تخزين القات والشمة وتدخين النرجيلة.

وبعض هذه العادات يساهم في تقليل الحركة، إذ يقضي مخزن القات نحو ست ساعات جالساً في مكانه. ويقول باحثون ان انتشار استخدام المبيدات الكيماوية في زراعة القات وفي الخضار والفاكهة يعتبر سبباً رئيساً في الإصابة بالسرطان. وتشير الإحصاءات إلى أن حوالى 22 ألف شخص يصابون بالسرطان سنوياً. ويساهم ضعف الرقابة على مستوى الجودة بتفاقم الإصابة بمثل هذه الأمراض، فيما يزداد إقبال الشباب على تناول مواد ومشروبات معلبة تحتوي على مواد كيماوية.

ويضاعف تلاقي التقنيات العصرية مثل الإنترنت والتلفزيون مع التقاليد الاجتماعية القديمة كمقيل القات وبقاء الإناث في المنزل، الإصابة بأمراض غير تقليدية.

ويذكر راوح (35 سنة)، انه يمضي الصباح في العمل أمام شاشة الكومبيوتر، ومن الساعة الرابعة حتى السابعة مساء، يجتمع مع أصدقائه وزملائه في مقيل يتناولون القات. ويلفت إلى انه أحياناً يذهب بعد جلسة القات إلى مقهى إنترنت، مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، حيث يقضي نحو ساعتين.

ويعترف راوح بأنه لم يأخذ على محمل الجد نصائح طبيب العيون الذي أوصاه بالتقليل من البقاء أمام شاشة الكومبيوتر واستخدام شاشة طبية، والتخفيف من حضور «مقايل» القات التي يكثر فيها التدخين. وتشير دراسات إلى أن السجائر التي يدخنها اليمنيون سنوياً، تصل إلى ما يساوي قطر الأرض 18 مرة. وتظهر دراسات طبية أن 1.5 في المئة من السكان يعانون من أمراض العيون.

من جهة أخرى، تقول سهام (25 سنة) أن كثيرات من الفتيات لا يملكن حرية الخروج من المنزل، فيلجأن إلى التلفزيون كمخرج وحيد. وترد سهام، الطالبة الجامعية، آلام الرقبة التي تصيبها إلى «انهماكي المتواصل في مشاهدة التلفزيون ولساعات متواصلة أحياناً». وتضيف: «على رغم إدراكي مساوئ النوم والجلوس ساعات طويلة، أهمل الأمر عندما أشاهد التلفزيون».

يتمتع كثيرون من الشبان والشابات بمعرفة كافية عن الأمراض الجديدة وسبل الوقاية منها، إلاّ أنهم لا يعملون بها. وإضافة إلى ذلك يتناولون الأدوية من دون استشارة طبية.

وتنتشر في اليمن أمراض تنفسية عدة تسببها عوادم المركبات والغبار.

ويشار إلى أن مرض الإيدز لا يزال يعامل بتكتم شديد، فضلاً عن أقاويل تفيد بأن المياه والأراضي اليمنية، ربما كانت هدفاً لتصريف نفايات تحتوي على مواد مشعّة. وسبق للصحف المحلية أن أشارت إلى أمراض غريبة، أخذت تنتشر بين سكان مناطق التنقيب عن النفط، من دون أن يتم التحقق منها.

 

 

عن الحياة

8/9/2008

زر الذهاب إلى الأعلى