أرشيف

الأستاذ سلطان أحمد زيد: اعتقلني وكيل جهاز الأمن في مقر عملي بطريقة همجية دون أية تهمة

هذه المادة جزء من ملف مفتوح عن التعذيب في اليمن تتبناه منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات التي يرأسها النائب المستقل احمد سيف حاشد،وقد رأت المنظمة نشر هذا الملف في صحيفة (المستقلة)..و رأينا نحن إعادة نشره تباعا بالتنسيق مع (المستقلة ) لإيماننا بأهمية إطلاع الناس على ما حدث من أجل العمل معا على ألا يحدث مجددا…….«يمنات»

……………………………………….

الحوار مع خبير العلوم القانونية والناشط الحقوقي الأستاذ سلطان أحمد زيد مؤلف كتب (الأطفال والتعذيب- دراسة مقارنة) حوار شيق ومثير ويحتاج إلى أكثر من صفحة ولهذا اضطررنا إلى محاصرته بالمساحة رغم أن لديه الكثير مما سيقوله في المستقبل بإذن الله..

حاوره: قاسم عباس

في الحقيقة أجد صعوبة بتقديم نفسي مع ذلك فإني أقول موجزاً – معتذراً عن ورود كلمة الـ “أنا” المكروهة لدي بما يلي:

– من مواليد عام 1944م – الشمايتين / العزاعز – محافظة تعز. متزوج ولي ثلاثة أولاد ذكور وبنت، كلهم تخرجوا من الجامعة وهم مكسبي ورصيدي في الحياة.

اعتمدت على تطوير معارفي ودراستي من خلال العمل في مطبعة (اليقظة) في عدن كصفاف حروف ومن ثم الدراسة في المعهد العلمي الإسلامي والأذان في مسجد حامد بحافة الزعفران مقابل السكن فيه، ثم بالاتحاد اليمني في حافة القاضي، وفور قيام ثورة 26 سبتمبر التحقت بالحرس الوطني للدفاع عن الجمهورية غير أني اخترت للعمل في المركز الحربي الذي بني بمساعدة الأصدقاء السوفيت بعد قيام الثورة مباشرة والذي التحق فيه خيرة الشباب الوطني المتحمس.. تعرضنا خلالها للاعتقال فالفصل من الجيش.

التحقت بالحركة الوطنية بوقت مبكر، وفي عام 1965 انتخبت أميناً عاماً لـ “اتحاد الشبيبة الديمقراطية اليمنية” (أشدي) الذي لعب دوراً كبيراً في دعم الثورة والجمهورية وتعرية كافة المؤامرات عليهما على المستوى العربي والدولي.

وفي عام 1966م حصلت على منحة مجانية للدراسة في جامعة الصداقة بموسكو لأتخرج منها بدرجة الماجستير بامتياز في العلوم القانونية، وكنت حينها نائباً فرئيساً لرابطة الطلبة اليمنيين في الاتحاد السوفيتي حتى عام 1970. بعد التخرج عام 1971 عدت إلى شمال الوطن (ج. ع. ي) لأبدأ مرحلة جديدة من النضال في ظل نظام مستبد يجرم فيه الدستور الحزبية والعمل النقابي..

عملت في إطار الخدمة المدنية في معهد الإدارة العامة والسكرتارية إدارياً ومحاضراً ومدرباً ثم عينت نائباً لعميد المعهد القومي للإدارة العامة الأستاذ محمد أنعم غالب (1974).. هذا العمل الحكومي الرسمي لا يتعارض مع قناعاتي ومبادئي في النضال الحزبي والجماهيري فقد عملت مع العديد من الزملاء الخريجين لتأسيس (نادي الخريجين الثقافي) في الجمهورية العربية اليمنية وانتخبت رئيساً للجنة التحضيرية (1871) فرئيساً للمجلس التنفيذي للنادي لدورتين، وقد لعب هذا النادي دوراً تنويرياً كبيراً من خلال المحاضرات والندوات التي تعالج قضايا الديمقراطية والتحرر على المستوى الإقليمي والدولي، كما تعالج إشكاليات الواقع اليمني شديد التخلف.. لقد حقق النادي إلى جانب ما ذكر مجموعة من استحقاقات الخريجين كالمرتب والوظيفة (التي ما كانت تتم إلا بشهادة حسن السيرة والسلوك من الأمن الوطني – سيء السلوك – التي قاومها النادي)، وقد جوبه نشاطنا بعداء قوى التخلف العسكرية والمشيخية “راجع كتاب الأستاذ محسن العيني… خمسون عاماً من الرمال المتحركة) وفي هذا السياق عملنا مع ممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى على تأسيس (الجبهة الوطنية الديمقراطية) في الجمهورية العربية اليمنية بعد حوار جاد وديمقراطي.. وإن كان هذا العمل بشكل سري بين الأحزاب فقد توسع النشاط في أوساط المجتمع وقواه الخيرة المعارضة للسلطة عبر النضال الديمقراطي السلمي ولم يصبح بعد سرياً سواء لدى السلطة أو القوى المتخلفة المعادية، كما انتزعنا من السلطة تأسيس (مجلس السلم والتضامن في الجمهورية العربية اليمنية) حيث كنت من المؤسسين وسكرتيراً للسلم فيه.

باختصار..مراحل النضال التي مررنا بها متعددة في سبيل بناء الدولة المؤسسية والديمقراطية والوحدة..

ومن هنا نستطيع الوصول إلى استنتاج مفاده بأن النضال السلمي الذي قمنا به مع سائر الأحزاب والتنظيمات السياسية سواء عبر (نادي الخريجين الثقافي) أو مجلس السلم والتضامن، المنتزع الاعتراف بهما من السلطة إلى جانب النضال الوطني المعارضة للحرب بين الشمال والجنوب وتأسيس “الجبهة الوطنية الديمقراطية” بعد حوار جاد من ناحية ومن ناحية أخرى امتعاض أجهزة القمع البوليسية (جهاز الأمن الوطني) إلى جانب القوى التقليدية والمشيخية… لمواقف نضالنا ونشاطنا.. ولا شك بأن المناخ السياسي بناء على ما سبق في السبعينات (1971 – 1976)، كان معقداً ومكهرباً ومعادياً للقوى الجديدة وتطلعاتها في قيام دولة وطنية ديمقراطية تقوم على العدل والمساواة والإنصاف وتطلق فيها كافة الحريات الديمقراطية للشعب بتعديل دستور عام (1971) المجرم للحزبية..

  • امتعضت السلطة وكشرت أنيابها ضد قيادة (نادي الخريجين الثقافي) لما يقوم به من نشاط ثقافي تنويري سلمي في المجتمع إلى جانب امتعاضها من قيام (مجلس السلم والتضامن في الجمهورية العربية اليمنية) وإحساسها بتصاعد حركة معارضة سلمية عبر قيام (الجبهة الوطنية الديمقراطية في الجمهورية العربية اليمنية)، في هذه المحطات كان لنا بصمات رئيسية في التأسيس وفي النشاط اللاحق. وقد قاموا باعتقالنا بشكل همجي وتعسفي بدون أي أمر قضائي حيث لا يوجد للقضاء أي اسم يذكر، فالحاكم وجهاز الأمن الوطني يعتقل ويقتل من يشاء دون أي اعتبار للشخصية المستهدفة أكان وكيلاً لوزارة أو خفيراً ممن لهم رأي معارض.. وهذا ما حصل معنا حيث وصل المقدم علي العتمي (وكيل جهاز الأمن الوطني) إلى مكتبي في مقر المعهد القومي للإدارة العامة أثناء الدوام الرسمي وأبلغني بأني معتقل، وعندما سألته عن جهة الاعتقال والأوامر الصادرة بذلك بصفتي نائباً لعميد المعهد “درجة وكيل وزارة”، أفاد أن الأوامر صادرة من العقيد إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة (طبعاً شفهياً والله أعلم..!) وفي طريقنا بسيارته إلى مقر جهاز المخابرات “الأمن الوطني” أضاف العتمي بقوله لي “ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع” هذا بعد أن قام بترويع الزوجة والأطفال بتفتيشه للمنزل الذي لم يجد فيه أي برهان ضدنا، وأخذه مجموعة صور فوتغرافية أثناء تخرجي في موسكو وملازم لمحاضراتي في المعهد وكتب، إرضاءً لرئيس جهازه السادي المقدم محمد خميس، لقد كان الاعتقال بطريقة كيفية وهمجية بدون أي مسوغ قانوني أو أي تهمة، وكان عزلنا في زنزانة مظلمة وإخفاؤنا عن الأسرة.. وعن المراجعين حتى تم اطلاقنا بضغط دولي ومحلي..

وقد أوصلني المقدم العتمي إلى مكتب رئيس جهاز الأمن الوطني الكائن بدار البشائر، قصر الإمام البدر سابقاً الذي قصفته مدافع ثورة 26 سبتمبر، تحول إلى مقر لقمع الثوار والوطنيين بدلاً من تحويله إلى متحف، وفي المكتب كان هناك ضابطان أردنيان بملابس مدنية إلى جانب الرئيس خميس الذي استقبلني بكلمات نابية أتذكر آخرها “بزوا أبوه الزنزانة”، وبحركات بوليسية كتفوا يدي إلى الخلف وربطوا عيوني مع دهفة من هنا ودهفة من هناك إلى السيارة.. وبعد ان عملوا لنا دورة في السيارة وضعت في زنزانة انفرادية رهيبة كنت حينها لا أعلم أين أنا.

  • دعني أولاً أن أعبر عن اعتزازي بـ “منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات” وبمواقف رئيسها البرلماني الشجاع الناشط الحقوقي الأستاذ أحمد سيف حاشد، فقضايا حقوق الإنسان وانتهاكاتها في بلادنا مستمرة، وتحتاج إلى نضال دءوب وإلى تضافر وتضامن كل دعاة حقوق الإنسان لدرء كافة الانتهاكات القائمة اليوم. وتنوير المجتمع والأجيال بالنشر على الملأ لتعرية الانتهاكات ومنها ملف (التعذيب السياسي) في المراحل السابقة واللاحقة حيث جرى ويجري التعتيم على ذلك بينما كان من أكثر النظم استبدادية والأشد إيلاماً وقسوة للناس وللمناضلين الوطنيين فقد قمع معارضيه بعنف وإرهاب جائر ما زالت مآثر التعذيب تئن حتى اليوم على أجساد من تبقوا على قيد الحياة. أتمنى لكم التوفيق والنجاح ولصحيفة (المستقلة) الغراء كل الازدهار.
  • لم أعرف إلا بعد فترة من الاعتقال، أن هذه الزنازين تقع بالطريق إلى البونية من البشائر، في حوش بناية كانت للمرور لها بابان أحدهما يؤدي إلى طريق البونية، يمر بجوار بيت عنقاد باتجاه مسجد حنظل. كان عرض الزنزانة متر ونصف بارتفاع 4 متر وطول مترين، بباب حديدي مزعج، يعجب الجلاد بصريره الموحش عند فتحه وعند إغلاقه، في حين يحدث صوتاً مخيفاً لدى المعتقل الذي يتعرض لمعاملات مهينة وسيئة كل يوم من قبل زبانية الجلاد وما أكثرها.. كنت أنام على الإسمنت ولا يوجد أي فرش أو غطاء لعدة أشهر من فترة التحقيق، أما الأكل فحدث ولا حرج: ثلاث كدم لوجبة مع مغرف شاهي أسود بغرض إزعاجك من ثواني النوم المسموح بها ليجعلك تعيش في قلق دائم ومميت..
  • فقد شعرت أثناء الاعتقال بالدوس على كرامتي كالإنسان إذ حرمت من أبسط معايير حقوق الإنسان المكفولة في القانون الإنساني الدولي التي تدين كل عمل من أعمال التعذيب باعتباره امتهاناً للكرامة الإنسانية.. فقد مورست معي أساليب التعذيب التالية :

التعليق “كما أوضحت في الإجابة عن السؤال السابق”، السب والشتم، القيد على الرجلين، الحبس الانفرادي طيلة فترة الاعتقال، الحرمان من زيارة الأقرباء والأهل، الحرمان من النوم، الحرمان من قضاء الحاجة والتبول لفترة طويلة، الحرمان من الترقية ومصادرة حقوقي الوظيفية والمادية، هذا ما حدث لنا ولربما حدث مع المعتقلين الآخرين أساليب أخرى أشد ضراوة وقسوة.

  • يمثل التعذيب شراً من أخبث الشرور في هذا العصر وما سيليه، وقد بذلت الأمم المتحدة جهوداً جبارة منذ إنشائها (1945) لإعلاء شأن حقوق الإنسان واعدت مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق والإجراءات الدولية حماية وضمانة لهذه الحقوق من أي انتهاكات، ومنها المعايير الدولية المناهضة للتعذيب، ففي الإعلان العالمي (م 50) تنص : “لا يجوز تعريض أي إنسان للتعذيب والعقوبات أو المعاملة القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة، لغرض انتزاع معلومات واعترافات من الضحية.
  • في العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية (م 70) تتواءم مع نص مادة الإعلان أعلاه، ويضاف في المادة (10/1) عن معاملة المعتقلين أو المسجونين ما يلي : “يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حرياتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان”. وفي 10 ديسمبر 1984 اعتمدت الأمم المتحدة بعد نضال طويل “اتفاقية مناهضة التعذيب”، وصارت ملزمة للدول الأطراف بمنع جرائم التعذيب وسوء المعاملة، ومن هذه الدول الجمهورية اليمنية، ولمزيد من التنوير لا بد من تعريف “التعذيب”؛ ففي (م : 1 البند 1) من الاتفاقية المذكورة أعلاه، بأنه “يقصد بـ “التعذيب” أي عمل ينتح عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبة على عمل ارتكبه أو يشتبه أنه ارتكبه.. أو تخويفه أو إرغامه على الاعتراف… إلخ المادة”.
  • أشد المواقف إيلاماً أثناء الاعتقال ربما هو انتهاك كرامتي كانسان من خلال وسائل التعذيب الخاصة بالكرامة المتأصلة في الانسان التي أشرت اليها سابقاً أعطيك مثال إخر فُتح باب نزنزانتي الانفرادية بقوة بعد منتصف الليل (لم أكن اعرف لا اليوم ولا التاريخ..) فدخل رئيس «جهاز الأمن الوطني» خميس ومعه شلة من زبانيته فبادرني بالقول: زعيمكم عبدالله باذيب توفي.. قلت له: «الله يرحمه» وبهستيرية أطفأ سيجارته على رأسي وقال «لا رحمكم الله برحمته» وخرج، عرفت بعد ذلك أن تاريخ ذلك اليوم (16 أغسطس 1967م) وهو يوم رحيل المناضل عبدالله عبدالرزاق باذيب، فحزنت كثيراً على رحيله برغم سادية خميس المنتهكة لكرامتي كشخص محروم من الحرية. كما أن الأشد إيلاماً مطاردتي بعد الخروج من المعتقل رغم قطع راتبي وأنا احضر للدكتوراه في موسكو إلى جانب مضايقة زوجتي واطفالي ونزوحهم الى الشطر الجنوبي نتاج لهذه المعاملة السيئة!.
  • المبدأ الأساسي هو تقديم من قاموا بتعذيبنا إلى العدالة لينالوا عقابهم وفقاً للمعايير الدولية والدستور والقانون اليمني النافذ، وفي حالة وجود مشروع للتسامح فآنا انسان متسامح حتى مع اولئك الذين اسأوا إلى وعرضوا حياتي للألم والأذى، اعتقد شخصياً بأني سأسامح من قاموا بتعذيبنا اثناء الاعتقال خاصة اذا أقر هؤلاء بما اقترفوه من جرم بحقي والتزموا بعدم الاستمرار بارتكاب جرائم «التعذيب وسوء المعاملة» في حق الانسان اليمني المقهور. اعتقد- ايضاً- ان من قاموا بتعذيبي وغيري في مرحلة السبعينيات وما تلاها كانوا زبائن منفذة لأوامر الجلاين الكبار في السلطة، وربما أن الزمن قد غيرهم وشعروا بالندم، نحن مؤمنون بالآية الكريمة (ومن أعفى وأصلح فأجره على الله) صدق الله العظيم.
  • وأضيف أن تسامحي الشخصي مع الجلادين المشار إليه اعلاه، لا يعني اعفاء الدولة عن مطالبتي بالتعويض عن نتائج الآثار المؤلمة، التي اصابتنا من جراء «التعذيب وسوء المعاملة» النفسية والمادية والصحية حيث أصبنا بمرض السكر المزمن واعراضه التي نعاني منها حتى اليوم، والحرمان من الترقية الوظيفية والتشرد والملاحقة والتوصل إلى قطع المعاش وتشريد عائلتي واطفالي بعد ذلك من صنعاء عبر جيبوتي إلى عدن، في حين كنت احضر الدكتوراه في موسكو..

معتقل يتعرض للخصي

  • تعرفت بعد فترة من الاعتقال في زنزانتي الانفرادية على بعض من الزملاء في الزنازن الأخرى، أتذكر منهم : الأستاذ أبو القصب الشلال الأديب والشاعر المعروف، الفقيد المناضل أحمد صالح جبران أمين عام مجلس السلم والتضامن، الفقيد علي العلفي صاحب ورئيس تحرير صحيفة الرأي العام والأخ عبدالعزيز قائد سيف (حالياً استاذ في جامعة صنعاء)، الفقيد الأستاذ عبدالله الرديني الناقد والكاتب، علي محمد محرز موظف في البنك المركزي _صهر الفقيد أحمد جبران)، والضابط فوزي… الذي اعتقل عشية زفافه في تعز، صار هذا من المخفيين حتى اليوم، هذا ما أتذكره في مقر زنزانتي، غير أن زنازن دار البشائر وسجن القلعة قد ضم العديد من المعتقلين الوطنيين لا لشيء سوى لآرائهم السياسية، وعلمت لاحقاً بأن أغلبهم لاقوا صنوفاً من التعذيب والمعاملة القاسية، أتذكر منهم المناضل الفقيد جمال المخلافي الصحفي الذي عذب بالضرب على الخصية ولم يخرج من المعتقل إلاّ فاقداً لعقله إلى جانب الحرمان من زوجته وتطليقها منه بالقوة.. وهناك ضحايا كثيرين تعرضوا للتعذيب في هذه الفترة.. ينبغي على المنظمة متابعة ذلك ونحن نعرب عن استعدادنا للتعاون معها في هذا الصدد.

من طرائف سجون العذاب

  • فعلاً هناك موقف طريف اتذكر أن احد الحراس اشترى لي زربة قات (صوتي) طبعاً بثمن مضاعف جداً جداً فلسمني إياها بداخل صفحة من صحيفة (راكاح)، الحزب الشيوعي في اسرائيل، كيف وصلت الى اليمن؟ لا ادري، لكن هذه حقيقة، نشر في هذه الصفحة خبر عن فوز المناضل الفلسطيني توفيق زياد بالانتخابات البلدية في فلسطين المحتلة وهو في المعتقل، مما اضطر السلطات الاسرائيلية المحتلة لإطلاق سراحه ليتسلم مهامه الجديدة كمحافظ ربما لـ (محافظ الناصرة)، المهم الخبر الطريف أني «دسيت» هذه الصفحة من تحت باب زنزانة الصديق الفقيد علي العلفي الذي عرفت أنه معتقل من خلال صوته، فما كاد أن يقرأ الخبر حتى صرخ بأعلى صوته «بب.. بب»!! هذه ديمقراطية اليهود، أين نحن من هذه الديمقراطية في دولة المسلمين؟ «طط.. طط..» وظل يصرخ ويكرر هذا القول بقهر شديد، فما كان من قبل أحد زبانية الجلاد إلا أن يهب مذعوراً لافتراس ضحيته بضربه بصميله ثم شتمه ولعنه ووضع له قيداً حديدياً في رجليه كعقاب من رأسه، لم يفك القيد إلا بالتودد والرشوة كما هي العادة.. كان العلفي لا يعرف من الذي «دس له» الصحيفة إلا بعد الإفراج عنا من المعتقل بسنوات، التقيت به في موسكو أثناء زيارته للعلاج حكيت له الموضوع فقال ممازحاً: «هو أنت يا خضعي» فضحكنا.. وتداولنا بعض الذكريات المؤلمة والمضحكة.. فقد كان الفقيد دمث الأخلاق ونعم الصديق.. رعى الله ايام زمان وللعلم فان الفقيد علي العلفي اعتقل في مطار صنعاء بعد عودته من بغداد ومشاركته في اجتماع تضامني دولي ممثلاً عن «مجلس السلم والتضامن في الجمهورية العربية اليمنية» حينذاك.. و«المجلس» يزاول نشاطه علينا، وخروج العلفي من «صنعاء» كان بصفة رسمية هكذا كان طبيعة النظام المشيد والظالم في ج.ع.ي. آنذاك، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم ومنافق، مناطقي وغير صادق..

(جلادو منتصف الليل)

  • يأتي إلينا الجلاد بعد منتصف الليل، فتعصب عيوننا فتلوي بنا السيارة وقتاً من الزمن بغرض تتويهنا عن مكان التحقيق، ويجري التحقيق ونحن معصوبي الأعين لا نشعر إلا بحركات الكراسي وأصوات الجلادين لإرهابنا من هنا وهناك، وأسئلة عشوائية دون توجيه أي تهمة، فالذين يقومون بالتحقيق معنا كانوا خبراء من المخابرات الأردنية يلقنون أسئلتهم لضباط يمنيين.. تعرضنا خلال التحقيق لمعاملة سيئة وقاسية ومهينة منها الشتم والتخويف بالطريقة الإرهابية بوقوف زبانية الجلاد حولنا والشد على رباط العينين وعصر الرقبة ثم الصفع المفاجئ على الوجه الذي ألحق بنا ألما شديدا، ثم التعليق في قضيب خشبي عبر اليدين والركبتين وربطهما معاً، والضرب بالسلك على الفلكة “باطن القدمين” حتى الإغماء، وطول ساعات التحقيق الطوال لا يسمح بشربة ماء، فيعود بك الجلاد إلى الزنزانة ويقذف بك كالقمامة..
  • اكرر اعتزازي بنضال منظمة التغيير.. أرجوا أن توفق في مهامها وتوسيع نطاق آليات نضالها، وآمل أن يسود بلادنا الامن والاستقرار واحترام (الحوار) كقيمة بين المتحاورون لا كمسخرة لحل كافة الازمات التي يتعرض لها الوطن تجعل المواطن يعيش في خوف وقلق لما يعانيه من غلاء ومعيشة ضنكاء.. قضت على كل الاعلام، اعتقد ان الوطن الذي نحلم به هو أن يعامل الانسان بصورة كريمة ويعامل الآخرين معاملة حسنة وألا يتعرض أي مواطن للتعذيب وسوء المعاملة ولا يعامل الآخرين معاملة سيئة، وأن يدرك كل انسان أن من الخطأ معاملة الناس بسوء والحاق الأذى بهم، نحن بحاجة إلى وطن تسود فيه المحبة والتسامح والعدل والانصاف والتحرر من الخوف بعيداً عن الكراهية والتوحش في التعامل مع الآخر، فالوطن يتسع للجميع وأي انتكاسة ستكون من مسئولية الحاكم بدرجة أساسية.. كل عام والجميع بخير.
زر الذهاب إلى الأعلى